فادي عيد - الديار
لن تكون جلسة انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية غداً الخميس كسابقاتها، من خلال الكمّ الهائل من الأوراق البيضاء التي طغت على ما عداها في كلّ الجلسات التي انعقدت حتى اليوم، وهذه ظاهرة لم يسبق أن حصلت في أيّ استحقاقٍ رئاسي سابق، إنما ينقل وفق المعلومات والمعطيات المتوافرة، أن منسوب الأوراق البيضاء سينخفض في جلسة الغد، ولكن بعدها سيتغيّر النمط والأسلوب، على اعتبار أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ووفق ما نقل عنه بعض المقرّبين، لن يقبل باستمرار الأمور على ما هي عليه، لأن الناس بدأت "تَكفر" بالمجلس وبهذه الجلسات، فيما البعض من الكتل النيابية أو سواهم، كأنهم يعيشون على كوكب آخر دون أن يدركوا أن البلد مفلس، والأمور ذاهبة إلى ما هو أخطر بكثير عما هي عليه الأمور اليوم. ولهذه الغاية، لفت بري إلى أنه يرى أن الأمور تأخذ منحىً جدياً ، وربما انتخاب الرئيس قد يحصل في غضون أسابيع، ومردّ ذلك إلى أن رئيس المجلس لديه المعلومات والمعطيات بأن ثمة ظروفا دولية وإقليمية قد تكون مؤاتية لانتخاب الرئيس، وإلاّ فعملية الإنتخاب ستستغرق وقتاً طويلاً، وسط تساؤلات هل يتحمّل البلد هذا الشغور لفترة أشهر.
وفي هذا الإطار، تؤكد مصادر عليمة، أن اللقاءات بين التكتلات النيابية تفاعلت في الساعات الماضية وستبقى مفتوحة إلى يوم غد، من أجل الخروج من روتين الجلسات واقتراح أسماء يمكن التصويت لها، بعدما باتت الأوراق البيض غير مستحبّة من الناس، بمعنى أنه يجب أن يكون هناك مرشحين معلنين للخروج من الواقع الراهن الذي يسير عليه المجلس في عملية انتخاب الرئيس، ولهذه الغاية ربما تُعلَن ترشيحات جديدة، أو مَن كان يقترع بالورقة البيضاء سيبدّل خياراته نحو مرشحين مطروحين.
ولكن السؤال الآخر، ماذا عمّا يسمى بالمطروحين الطبيعيين للرئاسة، ومن الفريق عينه، أي رئيس "تيار المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية، ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل؟ هنا، تقول المصادر إن ورقة فرنجية بدأت تخرج إلى العلن من الأطراف التي يدعمونه وتطرحه للرئاسة، إنما ليس في الجلسة المقبلة وربما بعدها، أو إلى حين تبلور الإتصالات الداخلية وظهور المعطيات الدولية والإقليمية ليبنى على الشيء مقتضاه، فيما بات النائب باسيل خارج التداول الرئاسي من الحليف والصديق، وهذه مسألة محسومة ربطاً بالتطورات الأخيرة، وبعد خروج عمّه الرئيس السابق ميشال عون من قصر بعبدا.
وتخلص المصادر، مشيرة إلى أن الظروف تبدّلت راهناً عمّا كانت عليه قبيل انتهاء ولاية عون، وذلك يعود إلى بعض المحطات الداخلية والدولية، بدءاً من زيارة رئيس الحزب "التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط إلى عين التينة ولقائه مع بري، وما صرّح به جنبلاط بعد الزيارة، أن كل الخيارات الرئاسية مطروحة في حال تمّ التوافق على مرشح إجماع بين هذه الكتل النيابية، ذلك أنه وفي مثل هذه الأجواء، قد تتطلّب المرحلة، رئيساً ربما يكون من خارج الذين يتمّ التداول بهم لمواجهة التحديات المقبلة على لبنان والمنطقة.
وبالتالي من الثابت، كما تؤكد المصادر العليمة، أنه ليس في الأفق ما يشي بأن الأمور ستسلك طريقها الإيجابي في غضون الأسابيع الفاصلة عن نهاية العام الجاري، بل قد تستغرق أشهراً، إلاّ في حال كان هناك قرارٌ دوليٌ حاسمٌ، يُفرض على المعنيين في لبنان، وفي هذا الحالة يُنتخب الرئيس، ولكن لا زالت الأمور حتى الساعة ضبابيةً في الداخل والخارج.