صونيا رزق - الديار
الخلافات ليست وليدة اليوم داخل تكتل " لبنان القوي"، وكما في كل الكتل النيابية او الاحزاب، فالإنقسامات مستمرة وقابلة للتفاقم، طالما هنالك مصالح خاصة خصوصاً خلال هذه الفترة، حيث الكل طامح الى الكرسي الرئاسي داخل معظم الاحزاب، وبصورة خاصة حين يكون رئيسها في موقع القوة ، وهذا هو حال الاحزاب المسيحية، ومن ضمنها "التيار الوطني الحر"، الذي يعتبر رئيسه من ابرز المرشحين للرئاسة، وإن كان الاسم غير مطروح بجدّية في العلن، بسبب العقوبات الاميركية المفروضة عليه، لكن كل شيء وارد وفق ما يردّد مناصروه، مع إشارتهم الى ضرورة الانتظار والابتعاد عن التسرّع في إنتخاب الرئيس، غامزين من قناة إمكانية ترشيح باسيل بطريقة فجائية.
الى ذلك، بدأت الخبايا الرئاسية بالانتشار، من خلال نقل ما يجري داخل كواليس اجتماعات "التيار" في المكتب الرئيسي في منطقة ميرنا الشالوحي، مع رسائل صوتية لأحد مسؤوليه يتحدث عن تلك الخلافات، التي بدأت برفض بعض النواب للسياسة التي يتبعها رئيس "التيار" جبران باسيل، التي يصفها بعضهم بالخاطئة، وبأنها ادت الى إنخفاض شعبية " الوطني الحر" لانها بعيدة عن الديبلوماسية، مشيرين الى إستراتيجية الاوراق البيضاء التي طال امدها على مدى جلسات عقدت لإنتخاب الرئيس، من دون ان تصل الى نتيجة سوى انها أنتجت سيناريوهات متكرّرة، يرفضها اللبنانيون التواقون الى رئيس جديد للجمهورية ينتشلهم من قعر الهاوية، فيما على الخط المقابل ما زال إسم النائب المرشح الى الرئاسة ميشال معوض، غير مُرضى عنه من قبل الفريق الممانع الذي يرى فيه مرشحاَ للتحدّي.
إزاء هذا المشهد السلبي في الساحة الرئاسية، وبالتزامن مع مزاجية نواب" التغيير" وإختيارهم لمرشح جديد في كل جلسة، الى جانب بعض المستقلين الذين يصوتون بعبارات تحمل رسائل، يبقى السؤال حول مدى إستمرار هذه المسرحية على الشاشة الرئاسية الى اجل غير معروف؟.
وفي هذا السياق ووفق المعلومات، سيغرّد نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب خارج السرب العوني، ولن يصوّت بالورقة البيضاء بل لنائب سيطلق ترشيحه هو ابراهيم كنعان وفق مقربين من بو صعب، كما أعلن النائب آلان عون عن إتجاهه للتصويت لاسم محدّد، فيما رئيس "التيار" يدرس مدى منفعة الورقة البيضاء بعد الإستعانة بها خلال جلسات إنتخاب الرئيس التي جرت سابقاً، من دون إستبعاد التصويت في الساعات الاخيرة لمرشح توافقي يراه باسيل، ما يمكن إعتباره مغايراً عن تصويت الثنائي الشيعي بالورقة البيضاء، او اتفاق بين" الثنائي" و"التيار" على طريقة مختلفة خلال الجلسة المرتقبة، وهذا يعني رسالة من" التيار" الى رئيس "المردة" سليمان فرنجية، الذي يبقى مرشح حزب الله والرئيس نبيه بري حتى إشعار آخر، لكن بالنسبة لباسيل لن يكون فرنجية في بعبدا، ولن يساهم في إيصاله لانّ المطلوب رئيساً يحظى بشعبية وبكتلة نيابية، وفق ما يردّد دائماً رئيس "التيار".
وفي إطار أخر، وتحديداً المعارضة الداخلية في "التيار"، أي ضمن المسؤولين والكوادر، على ما يبدو سيكون لهم دور مرتقب، وتشير مصادرهم الى انّ معارضتهم بدأت بالعلن في العام 2010 وفق ما وصفوه بـ "السياسة الخاطئة " من قبل "حكماء التيار" في ذلك الوقت، او الرفاق المؤسسين والمناضلين في صفوفه منذ نشأته، وإعلان الرفاق القدامى وثيقة تناولت الماضي والحاضر، وطالبت بمستقبل ديموقراطي لـ "التيار" من خلال سلسلة مطالب شددّوا على تنفيذها، ومن ضمن الرفاق القدامى حينها، برز إسم نائب رئيس مجلس الوزراء السابق اللواء عصام ابو جمرة، والمنسّق العام للتيار اللواء نديم لطيف، والقاضي سليم العازار، وقد اصدروا حينها وثيقة تحت عنوان "المسؤولية تقتضي"، فكانت الشرارة الكبرى التي ارسلت الى العماد ميشال عون في تاريخ 11 آذار 2010، وتضمّنت طرحاً عاماً للوضع الداخلي في الحزب، مع الاقتراحات التصحيحية اللازمة، وأطلقت الى العلن بعد شهر بانتظار الرّد عليها، لكنها بقيت حبراً على ورق، على الرغم من المحاولات الكثيرة التي سعى اليها العديد من المسؤولين العونيين، إلا ان العماد عون لم يصغ الى مطالب " الحكماء"، ما ادى الى خضّات سياسية في البيت الداخلي، تمثلت بتقديم اللواء نديم لطيف استقالته مع إلتزامه الصمت، الامر الذي شكّل صدمة للمعارضة العونية في ذلك الوقت، لانه من اهم رجالات " الوطني الحر" ومناضليه، وتوالت الاستقالات بعدها فسُجّلت خضّات داخل الاروقة حاول المسؤولون إخفاءها، وهي لا تزال كل فترة تتكرّر، وإن كان القيمون يعملون على كتمانها لكنها موجودة بوضوح.