رأى وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال، القاضي محمد وسام المرتضى، أن "المستقبل الذي نطمح إليه على كل المستويات نبنيه معاً يداً بيد، وأنَ الصين هي الشريك المستقبلي الأساسي لدولنا العربية، من أجل أبنائنا الساعين إلى تغيير كل هذا الواقع المأزوم، وذلك بالتخصص العلمي والتقني والمعرفي واللغوي، بانفتاح لغتنا العربية الولَّادة والخلاقة على اللغة الصينية الرائدة."
جاء كلام الوزير المرتضى خلال رعايته الحفل الذي أقامته "الجمعية العربية الصينية للتعاون والتنمية"، في مقر غرفة الصناعة والتجارة في بيروت، تكريماً لخريجي اللغة الصينية في الجامعة اللبنانية، وخريجين لبنانيين وعرب من الجامعات الصينية، والمتدربين في ورشة العمل التي أقامتها الجمعية حول التجارة الإلكترونية عبر الحدود.
حضر الحفل حشد من الهيئات الثقافية والتربوية والعلمية وأهالي الطلاب الخريجين، وعلى رأسهم، بالإضافة إلى وزير الثقافة، ممثل لوزير التربية والتعليم العالي الدكتور وليد زين الدين مسؤول المنح الجامعية في الوزارة، ممثلة لسفير جمهورية الصين الشعبية في بيروت شيان مين جيان القنصل التجاري السيدة لي جينغ، رئيس كلية شاندونغ المهنية للتجارة الخارجية السيد دياو جيان دونغ، مندوبتان عن مركز كونفوشيوس في جامعة القديس يوسف السيدة كارين والسيدة جانغ، ممثلة للسيدين عدنان وعادل القصار صديقي الصين منذ زمن بعيد السيدة نادين حجار، الكاتب في الشؤون الصينية الدكتور نبيل سرور.
قدمت الحفل عضو الهيئة الادارية للجمعية العربية الصينية للتعاون والتنمية والمستشارة في التكنولوجيا سارة يونس. وبدأ بالنشيدين الوطنيين اللبناني والصيني.
ومما جاء في كلمة التقديم: "لأن بلداننا العربية في حاجة الى التطوير والتنمية، نسعى في جمعيتنا لتطبيق عدد من سياسات التبادل مع الصين، من خلال التعاون في مجال التعليم والثقافة والتنمية الاجتماعية والعديد من المجالات الممكنة. فقد أرسى "طريق الحرير" القديم أساسًا متينًا للصداقة بيننا، وتعزز مبادرة "الحزام والطريق" المقترحة حالياً هذه الصداقة التي نأمل أن تستمر، لما في مصلحة الجميع". كما شكرت يونس غرفة التجارة والصناعة بشخص رئيسها الوزير محمد شقير على دعمه المستمر ورعايته.
وكانت الكلمة الأولى للسيد دياو جيان دونغ رئيس كلية شاندونغ المهنية للتجارة الخارجية عبر تقنية "زوم". قدم فيها رؤية عامة عن العلاقات الصينية اللبنانية، وتحدث عن الكلية التي يرأسها، وما أنجزت حتى الآن من قيم علمية، لجهة أفواج الخريجين المتلاحقة منذ تأسيسها في ستينيات القرن الماضي. وهنأ الطلاب اللبنانيين الذين تخرجوا منها. ومما قاله عن الكلية أنها استضافت في العام الحالي "برنامج الأمم المتحدة حول التعاون بين بلدان الجنوب في التجارة الإلكترونية عبر الحدود، من أجل القضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة"، بمشاركة أكثر من 1100 متدرب من 94 دولة ومنطقة في العالم. بالإضافة إلى ذلك، هناك ألف مؤسسة لها علاقات تعاون مع كليتنا، من أجل تعزيز التنمية الاقتصادية والتجارية، من البلدان الواقعة على طول "الحزام والطريق".
وبالنسبة إلى لبنان، أكد "أن تنمية مجموعة من المواهب المتخصصة تفيد في العمل مع فروع الشركات الصينية في لبنان والدول الأخرى الناطقة باللغة العربية، أو مع الشركات اللبنانية في الصين. وتوفر كليتنا التدريب في التكنولوجيا المهنية واللغة والثقافة المهنية، والممارسة في هذه الشركات، وهذا مفيد لكل من يريد من رجال الأعمال التعامل التجاري مع الصين.
وألقى كلمة وزير التربية والتعليم العالي، الدكتور وليد زين الدين، ناقلا تحيات الوزير، ومهنئا الخريجين والمتدربين، وقال: إن الجامعة اللبنانية تستقبل سنوياً خمسة طلاب صينيين لدراسة اللغة العربية بمنح من الوزارة، كما تقدم الصين للبنان خمس منح لدراسة الماجستير والدكتوراه. والطلاب الصينيون واللبنانيون الذين يحصلون على المنح هم سفراء لبلديهم، يوسعون آفاق التعاون والتبادل على المستويات كافة". وختم، داعياً إلى المزيد من المبادرات والتبادل التربوي والاقتصادي والثقافي بين لبنان والصين.
ثم القت كلمة السيدة لي جينغ المستشارة الاقتصادية والتجارية في سفارة جمهورية الصين الشعبية في بيروت كلمتها التي شكرت فيها الجمعية العربية الصينية للتعاون والتنمية على هذا الحفل والنشاطات التي تقوم بها. وتوقفت عن مناسبة اختتام المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني بنجاح قبل أيام قليلة حيث تمت مراجعة دستور الحزب الشيوعي الصيني بما يشمل تعزيز القيم المشتركة للإنسانية وهي السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية وهو ما يعكس شعور أعضاء الحزب الشيوعي الصيني العميق بالالتزام والمسؤولية تجاه الصالح العام للعالم والبشرية.
وأشارت الى ان الصين ولبنان وقعا مذكرة تفاهم حول بناء الحزام والطريق معا في عام 2017 ، وواصلتا تعزيز التعاون الثنائي. وبرغم الظروف الصعبة وتاثيرات الكوفيد 19 فقد أصرت الحكومة الصينية على استكمال مساعدتها المقدمة للبنان لبناء وتجهيز كونسرفاتوار لبنان الوطني. كما يعمل العديد من المسؤولين وقادة الصناعة والتجارة باستمرار على إنشاء منصات للتعاون وتبادل المعلومات بين الشركات في البلدين. وعلى الرغم من كوفيد 19 الذي أثر على بعض خطط الأعمال ، فإننا نجد طرقًا لاستمرار التعاون لاسيما المشاريع على خط تنمية الموارد البشرية ، والتعاون في مجالي التجارة الإلكترونية والإدارة العامة . وختمت واعدة وبعد تحسن الاوضاع بالنظر أيضًا في استئناف دعوة المتدربين للمشاركة في التدريب إلى الصين.
كلمة الخريجين والمتدربين ألقتها الآنسة أسيل عيسى، شكرت فيها الجمعية العربية الصينية للتعاون والتنمية، لاهتمامها بالجيل الجديد، وفتح قنوات التواصل بين الصين ولبنان. وقالت: "نحن نعرف أن هذه الجمعية تبذل جهداً كبيراً لتعزيز العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين الشعوب العربية والشعب الصيني، متخذة في الوقت عينه من مبادرة "الحزام والطريق" مظلة لعملها، بهدف استثمار الإمكانيات الكبيرة المتوافرة في المنطقة العربية والصين، من أجل خطوات تنموية، ترفع مستوى الإنسان، وتحافظ على كرامته". كما شكرت الجامعات الصينية المتعاونة والجامعة والأساتذة الكرام، و"كل من ساهم في تعليمنا، على ما قمتم بتقديمه من إنجازات عظيمة خلال مسيرتنا في التعلّم، ونحن نقدّر كافة الجهود المبذولة التي لم تبخلوا يوماً بها، وقد كبرنا بكم وبإنجازاتكم".
وكانت الكلمة ما قبل الأخيرة لوزير الثقافة التي أشار فيها إلى مساعدة الصين في تشييد "معلم حضاري قلّ نظيره في كلّ منطقة الشرق الأوسط هو المعهد العالي للموسيقى"، وشدد على ألا تحرم بعض السياسات لبنان واللبنانيين والأجيال القادمة "من أن تسهم دولة الصين الشعبية بقدراتها غير العادية في نهضتنا وفي خلاصنا مما نعانيه سواء في مجالات توليد الكهرباء، أو في مجالات النقل العام الداخلي برّاً وبحراً، أو في مجالات تشييد الجسور وحفر الأنفاق، أو في مجالات صناعة الدواء، أو في ايجاد الحلول المستديمة للنفايات، وفي مجالات أخرى شتى". معرباً عن خشيته أن "يكون من يدير ظهره ويرفض ذلك، يرفضه عن وعي وليس عن ذهول، لأنّه مأجور لخدمة الخارج ضدّ مصالح شعبنا، لكن قوة الحق هي الغالبة، وما يحقّق مصالح أبناء هذا الوطن حاصلٌ حتماً ولو بعد حين."
ولفت إلى انه "من جميل ما هز به المارد الصيني العالمَ هو التلاقح الثقافي والعلمي والأكاديمي والأدبي اللغويّ، ما حفَّز الكثير من أبنائنا في عالمنا العربيّ عامَّةً ولبنان خاصَّةً، على الانكباب للتزوَّد من لغة هذه الحضارة الإنسانية. وهذا المارد لا يزال يشغل الدنيا في مختلف الميادين الحياتيَّة".
وأكد "أنَّ الصين هي الشريك المستقبلي الأساسي لدولنا العربية، وأن الجمعية العربية الصينية للتعاون والتنمية تلعب الدور المهم من أجل تفعيل وتعزيز دور الصين في العالم العربي، وتأكيد التواصل الدائم بين مختلف الحضارات الإنسانيَّة. لهذا يجب على أجيالنا وأبنائنا الروَّاد أن يعملوا على أن يكونوا الجسور الممتدة بين العقول البنَّاءة، في سبيل عالمٍ تتكامل فيه كل القدرات والطاقات.
اختتمت الكلمات بكلمة لرئيس الجمعية العربية الصينية للتعاون والتنمية الأستاذ قاسم طفيلي، رأى فيها أن يشكل هذا الاحتفال حافزاً مشجعاً للمزيد من التعاون الاقتصادي، والتبادل الثقافي والتربوي بين لبنان والصين. وذكّر بأهداف الجمعية التي ركزت منذ التأسيس على محاور أساسية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وأكد التزام الجمعية بأن يكون للبنان وللبضائع اللبنانية موقع إلكتروني خاص على منصات التجارة الإلكترونية الصينية، بما يفتح مجالات أوسع ليس فقط لتصريف المنتجات اللبنانية المختلفة، بل يمكن أن يشكل حافزاً للإنتاج والتصنيع اللذين يتلاءمان وحاجات السوق الصينية الواعدة.
وقال طفيلي: إن جمعيتنا تطمح إلى لعب دور فعال في إطار تعزيز التبادل التربوي والثقافي والابداعي العربي الصيني بشكل عام، والتفاعل اللبناني الصيني بشكل خاص. وهو أمر قد تجسد في إعطائنا الأولوية لتأمين فرص الدراسة للطلاب العرب واللبنانيين، وهو ما نجحنا في تحقيقه وما نأمل استئنافه في الفترة المقبلة، بعد زوال مضاعفات جائحة كورونا. واسمحوا لي أن أستغل هذه الفرصة للطلب من الأصدقاء في الصين، وعبر السفارة في بيروت، مضاعفة عدد المنح الدراسية، وتنويع اختصاصاتها، بما يشمل الدراسات العليا. كما أننا ندعو وزارة التربية اللبنانية، إلى الاستفادة من تجارب العديد من الدول العربية التي أدخلت تعليم اللغة الصينية كجزء من برامجها التعليمية. ونحن مستعدون للمساعدة في إطلاق هكذا عملية".
ورأى "أن الفترة المقبلة، عندما تزول معوقات السفر إلى الصين، سوف تشهد انتعاشاً للأنشطة الثقافية والفنية، خصوصاً مع اقتراب موعد افتتاح مقر لجمعيتنا في الصين، مما يساعد على المتابعة المباشرة. و"أن آفاق العلاقات اللبنانية الصينية هي آفاق واعدة وشاملة، ويجب أن تتأطر شعبياً، في موازاة العلاقات الرسمية. لذلك ندعو إلى تشكيل ما يمكن أن يسمى "الهيئة الوطنية اللبنانية لتنفيذ اتفاقية طريق الحرير"، وهي هيئة يمكن أن تضم مجموعة من المسؤولين الحاليين والسابقين والشخصيات المهتمة، إضافة إلى ممثلين عن الهيئات الاقتصادية والجمعيات الأهلية ذات الصلة. كما أننا سوف ندعو إلى تشكيل هيئة لبنانية- صينية مشتركة لتفعيل العلاقات، والتوصل إلى اتفاقيات محددة تطبيقية لاتفاقية الإطار الموقعة بين الصين ولبنان".
بعد انتهاء الكلمات، عرض فيديو قصير عن مراحل العمل في المعهد العالي للموسيقى، ووزعت شهادات تقدير على الخريجين والمتدربين.