غادة حلاوي - نداء الوطن
بعد ستة أيام من اليوم تكمل الحكومة الحالية 14 شهراً من ولاية أمضت ما يزيد على تسعة أشهر منها في تصريف الأعمال، أي ما يزيد على نصف عمرها. في التقارير الدولية الواردة الى الجهات الرسمية المعنية أنّ هذه الحكومة أخفقت في القيام بالخطوات الضرورية لإعادة إرساء عامل الثقة مجدداً بلبنان، أي القيام بالإصلاحات المطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي. حكومة أمضت عمرها بالخلافات والإنقسامات من دون أن تحظى بشرعية إقليمية كشرط أساسي لوجودها. خلال القمة العربية حاول لبنان إضافة بند على البيان الختامي للقمة العربية في الجزائر يدعم الحكومة، لكنّ تدخّلات اللحظات الأخيرة عدّلته بصيغ دعم فضفاضة.
وفي جلسة الأمس لم تنل حكومة تصريف الأعمال مرادها بدعم نيابي يطلق العنان لعملها. سُيّجت بالنطاق الضيق للتصريف العصي على التفسير.
كان يمكن لرئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون أن يغض النظر عن رسالته الأخيرة الى مجلس النواب والمتعلقة بصلاحيات حكومة تصريف الأعمال وسحب التكليف من الرئيس المكلف. لم يكن متوقعاً أن يعمّق مجلس النواب الأزمة القائمة بإتخاذ قرار مغاير للإستنتاج الذي خرج به النواب. إحتكم مجلس النواب الى الدستور فأوصى رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي بضرورة المضي قدماً وفق الأصول الدستورية وقيام الحكومة بمهامها كحكومة تصريف أعمال في النطاق الضيق.
لم يكن للرسالة وقعها الدستوري خصوصاً مع نهاية عهد من توجّه بها، آملاً أن يكون المجلس النيابي حكماً في الخلاف الدستوري المستحكم بين رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال. بدا واضحاً من التراشق بين رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل وميقاتي وجود نية لدى باسيل لاستكمال حربه على ميقاتي في مجلس النواب بعدما انتهى عهد التكليف والتأليف. الحرص نفسه أبداه ميقاتي لكشف من وقف خلف تعطيل تشكيل الحكومة. أظهرت وقائع الجلسة اصطفافاً نيابياً الى جانب ميقاتي وحكومته لمتابعة تصريف الأعمال ومنع الجلسات الحكومية إلّا في حال وقوع زلازل، حسبما قال النائب في «القوات اللبنانية» جورج عدوان، ما يعني إستحالة عقد جلسات للحكومة مهما طال زمن الفراغ الرئاسي.
إتفاق النواب حول ميقاتي حصل نكاية بباسيل وليس قناعة بحكومته. في جلسة الأمس النيابية ونتيجة للمزايدات المسيحية توافقت «القوات اللبنانية» مع باسيل حول أمرين: إستحالة عقد جلسة حكومية، وعدم جواز انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية الى حكومة تصريف الأعمال.
يحتاج عقد جلسة حكومية الى قرار سياسي قبل أي اعتبار آخر، والمتفق عليه مسبقاً مع ميقاتي أن يتجنب والوزراء إتخاذ قرارات مستفزة أو تحتاج الى مجلس وزراء، وعدم الدعوة في أي حال من الأحوال الى جلسة حكومية وهو تعهد للثنائي الشيعي وللمسيحيين بذلك.
وخلال اجتماعه للتشاور معهم بمستقبل عمل حكومة تصريف الأعمال، طمأن الوزراء باسيل أنّ انعقاد مجلس الوزراء يحتاج الى موافقة الوزراء مجتمعين ورئيس الحكومة، وسيكون من الصعب على ميقاتي نيل موافقة الوزراء مجتمعين أقله لن يكونوا في عداد الموافقين وكذلك الأمر بالنسبة لوزراء الثنائي الشيعي.
أما لناحية حصر تصريف الأعمال في النطاق الضيق فليس مفهوماً، ولا المعنى الحقيقي للإطار الضيق محدد ولا الجهة التي تحدده. الضليعون في هذا المجال يُجمعون على أنّ مثل هذا المصطلح كان أضافه المرجع القانوني حسن الرفاعي في عهد الرئيس أمين الجميل، ولم يكن له وجود قبل «الطائف» لانتفاء الحاجة اليه. كانت المرة الوحيدة التي عقدت فيها حكومة لتسيير الأعمال جلسة في عهد رئيس الجمهورية شارل حلو ورئيس الحكومة رشيد كرامي لإقرار الموازنة، وحديثاً في عهد الرئيس ميشال سليمان وميقاتي جلسة للحكومة لإقرار أمور متعلقة بالإنتخابات النيابية وحصلت حولها إجتهادات دستورية، وفي عهد الرئيس عون تقدم الرئيس حسان دياب بطلب عقد جلسة رفضها مجلس النواب.
الأمر اذاً متوقف على الإتفاق السياسي غير المتوافر حالياً خاصة في ظل الإنقسام المسيحي الحاد الذي، وكما صعّب تشكيل الحكومة، سيجعل من المستحيل على الحكومة الحالية حتى تصريف الأعمال. اذا صدقت توقعات المبشّرين بطول مدة الفراغ الرئاسي فستدخل الحكومة الحالية كتاب «غينيس» للأرقام القياسية في تصريف الأعمال لكن بالإسم، اللهم الا اذا صدقت نبوءة احد الوزراء القائلين: «إنّ من يعارض ميقاتي لعقد جلسة حكومية اليوم سيترجاه بعد أشهر لعقدها».