النهار
لولا البعد الدستوري المتصل بضرورة “تثبيت المثبت” من جانب #مجلس النواب للواقع الدستوري لحكومة تصريف الاعمال، لما كان من حاجة مطلقا لجلسة يعقدها المجلس لتلاوة رسالة الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون بعد ثلاثة أيام من خروجه من الحكم . ذلك ان هذه الجلسة “الاعتراضية” التي املتها الأصول الشكلية لا اكثر، تحولت في بعض وقائعها في الداخل والخارج، الى اثبات إضافي بان ملء الفراغ الرئاسي يتمادى على نمط الجلسات “المنبرية” التي تحولت معها الجلسات الانتخابية، كما التشريعية، الى منابر تلفزيونية مفتوحة لاطلاق المواقف في كل الاتجاهات من دون أي معالم جدية لكسر معادلة التعطيل الضمني الذي يتمثل بكتل “الورقة البيضاء” والتي صار من الواضح ان الاستحقاق الرئاسي مشلول ومعطل بسبب العجز المستعصي لدى هذه الكتل “الممانعة” عن حسم امر ترشيح سليمان فرنجية او جبران باسيل في مواجهة مرشح او اكثر لقوى المعارضة. وفي ظل دوامة الدوران في فراغ الجلسات الشكلية الانتخابية، رسم المشهد النيابي علامة قاتمة زائدة بعدما دخل لبنان قبل أيام حقبة الفراغ الرئاسي من دون أي معطيات مطمئنة الى قصر فترته فيما بدأت المواقف الدولية والغربية والعربية ترسم معالم الخشية من انزلاق إضافي خطير للبنان نحو متاهات الانهيار.
اما الجلسة النيابية البارحة فشكلت ما يعتبر درع تثبيت لشرعية استمرار حكومة تصريف الاعمال. وبدا واضحا ان ثمة تسليما واسعا بهذه الشرعية بما يحول دون اللعب على مسألة توظيف الفراغ الحكومي في واقع لا يحتمله لبنان. وبعد مناقشة مجلس النواب رسالة عون اليه، أصدر توصية استندت الى النص الدستوري حول أصول تكليف رئيس لتشكيل الحكومة وطريقة التشكيل وفق المادة 53 من الدستور وردت على طلب عون نزع التكليف من ميقاتي “باعتبارها أن أي موقف يطاول هذا التكليف وحدوده يتطلب تعديلاً دستورياً ولسنا بصدده اليوم وفي الصفحة الرابعة من رسالة فخامته يشير الى ذلك وحتى لا تطغى سلطة على أخرى، ولحرص المجلس على عدم الدخول في أزمات ميثاقية ودستورية جديدة، وحرصاً على الاستقرار في مرحلة معقدة وخطيرة اقتصادياً ومالياً واجتماعياً تستوجب إعطاء الأولوية لعمل المؤسسات، يؤكد المجلس ضرورة المضي قدماً وفق الأصول الدستورية من قبل رئيس الحكومة المكلف للقيام به بمهامه كحكومة تصريف أعمال”.
بري وميقاتي
وحرص ميقاتي في رده على رسالة عون امام النواب على التشديد انه “اخذ الدعوات الى التهدئة في الاعتبار، وقلت مرارا وتكرارا أنني ضد سياسة الاستفزاز، وفي هذا الوقت فان همنا هو هم الناس والوضع الاقتصادي، ويجب ان نتعاون جميعا لتمرير هذه المرحلة الصعبة. عندما تكون الحكومة مستقيلة يبقى مجلس النواب بحال انعقاد لأننا نريد التشاور بين الحكومة والمجلس النيابي”. وأشار إلى أن “الرئيس عون يقول في رسالته إنني تأخرت في تشكيل الحكومة او تغاضيت عن هذا الأمر، ولذلك لا بد من ايراد بعض الوقائع” ورد باسهاب على ذلك. وفي موضوع ممارسة الحكومة مهامها، قال، “أنا أعي تماماً انه عندما يتحدث الدستور عن تصريف الأعمال بالمعنى الضيق، فهو حتما يميز بين حكومة كاملة الأوصاف وحكومة تصريف الأعمال، وهذا الامر ينطبق في الايام العادية، لكن عندما تقتضي المصلحة الوطنية العليا، سأستشير المكوّنات المشاركة في الحكومة لاتخاذ القرار المناسب، بدعوة مجلس الوزراء اذا لزم الأمر، وأنا لست في صدد تحدي أحد، ولا ضد احد. سنتشاور في اي موقف ونتخذ القرار المناسب”.
اما بري فحرص بدوره على ابراز اجماع الكلمات على “ان الأولوية الأولى هي لانتخاب رئيس للجمهورية وهذا الكلام قلته ومنذ انتخاب المجلس النيابي وحتى الآن وأنا أنادي مع كل واحد منكم أنه من المفروض أن يكون هناك توافق”. وقال “الان ما أريد قوله إنه لن يمر أسبوع إلا وسيكون هناك جلسة لمجلس النواب لانتخاب رئيس بدءا من الأسبوع المقبل، لكن آملاً منكم ألا تتحول القصة الى مسرحية لأننا عقدنا 4 جلسات وتحولنا الى موضوع هزء لذلك قلت إنني بصدد القيام بشيء من الحوار لذا بدءًا من الخميس المقبل الواقع في 10 تشرين الثاني الحالي، الساعة 11 قبل الظهر سيكون هناك جلسة وستوجه الدعوة لها وفقاً للأصول كما آمل خلال هذا الأسبوع أن يحصل توافق ما بين المكونات والبلوكات وجميعكم يعرف أين هي العقدة، العقد يجب أن تحل وإذا لم يحصل تراجع من هنا وتراجع من هناك لن نصل الى حل”.
واصدر الرئيس ميشال عون ليلا بيانا اتهم فيه ميقاتي بان “ما قاله مجتزأ ويفتقد إلى الكثير من الدقة والصحّة، واذكّر بما اعلنت عنه للإعلام بعد آخر لقاء بيننا حين أتاني مودعاً قبل ستة أيام من نهاية الولاية، من انني قلت له انتظرك لتعود الى بعبدا لنصدر معاً مرسوم التشكيل، بحسب الأصول، لكنه ذهب ولم يعد”.
وكان نواب الكتائب و”التغيير” والنائب ميشال معوض انسحبوا من الجلسة بعد تلاوة نص رسالة عون من منطلق اعتبارهم انه وفق المادة 75، المجلس النيابي الآن هيئة ناخبة فقط ولا يحق له القيام بأي وظيفة اخرى، كما قالوا.
قائد الجيش والشغور
ووسط هذه الأجواء اكتسب الاجتماع الذي عقده قائد الجيش العماد #جوزف عون في اليرزة مع أركان القيادة وقادة الوحدات الكبرى والأفواج المستقلة بحضور أعضاء المجلس العسكري، ابعادا بارزة اذ تناول آخر التطورات على الصعيدين المحلي والإقليمي وشؤون المؤسسة العسكرية وكانت للعماد عون مواقف من الاوضاع الطارئة. واعتبر العماد عون أن إنجاز ملف ترسيم الحدود البحرية سوف ينعكس إيجابًا على لبنان على الصعيدين الأمني والاقتصادي، ويتيح استثمار جزء أساسي من ثرواته الطبيعية، وأن الجيش أدى دوره التقني المطلوب منه في هذا الخصوص على نحو كامل، مرحّبًا بإجماع السلطة السياسية على إنجاز هذا الملف.
ولفت إلى أن دخول البلاد في مرحلة الشغور الرئاسي وسط التجاذبات السياسية بين الأفرقاء قد يترافق مع محاولات لاستغلال الوضع بهدف المساس بالأمن، مشيراً إلى أن الجيش غير معني بتاتًا بهذه التجاذبات، ولا ينحاز إلى أي طرف أو جهة، إنما ما يعنيه بالدرجة الأولى هو صون الاستقرار والسلم الأهلي، وقال:” لن نسمح باستغلال الوضع وتحوُّل وطننا إلى ساحة مفتوحة لأي حوادث أمنية أو تحركات مشبوهة. ممنوع الإخلال بالأمن، لأنه من الثوابت الأساسية للجيش وسيبقى كذلك.” ودعا أصحاب الشأن إلى التحلي بالمسؤولية حفاظًا على المصلحة العامة، كما دعا اللبنانيين إلى الوعي وعدم السماح باستغلالهم والانجرار وراء عناوين وشعارات مشبوهة، لأن الوطن يحتاج الى جميع أبنائه. وأضاف: “الوضع الأمني ممسوك، وحماية لبنان مسؤوليتنا. لم نقبل سابقًا أي مساس بالأمن والاستقرار ولن نقبل به اليوم”.
رد طعون
الى ذلك، وبعد بتّ الدفعة الأولى من الطعون النيابية الـ15 المقدّمة أمام المجلس الدستوري، صدرت امس دفعة جديدة من النتائج قضت برد أربعة طعون من دوائر بيروت الاولى والثانية وكسروان وجزين. وهي :في دائرة بيروت الأولى الطعن المقدم من المرشح ايلي شربشي ضد النائبة سينتيا زرازير. في دائرة بيروت الثانية تم رد الطعن المقدم من زينة المنذر ضد النائبين فيصل الصايغ ووضاح الصادق. كذلك، تم رد الطعن في دائرة كسروان المقدم من قبل جوزفين زغيب ضد النائب فريد الخازن. وفي دائرة جزين تم رد الطعن المقدم من النائب السابق أمل أبو زيد ضد النائب سعيد الأسمر. فيما يبقى البتّ بالطعون الأخرى إلى جلسة لاحقة حيث يُبقي المجلس جلساته مفتوحة.