"بو صعب - إبراهيم" والترسيم الإنجاز
"بو صعب - إبراهيم" والترسيم الإنجاز

أخبار البلد - Thursday, November 3, 2022 12:14:00 PM

كتب دافيد عيسى في موقع MTV: 

أن يأتي اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل متأخراً خير من ان لا يأتي أبداً، لأن لبنان في حاجة الى هذا الاتفاق. لقد شكل هذا الإنجاز بارقة أمل للبنانيين في خضم ازمة اقتصادية وضائقة مالية واجتماعية غير مسبوقة، هذا اذا عرفت المنظومة السياسية استغلال هذه النعمة بالطريقة الصحيحة بعيداّ عن الفساد والمحاصصة.

ان "اتفاق الترسيم" تطور مهم جداً ونقطة تحوّل في مسار ومستقبل لبنان وخصوصاً في جنوبه بحراً وبراً، لأنه يعلن إنهاء حال الحرب بين البلدين وإن استمرت حال العداء، وبالتالي فإن حرب تموز 2006 هي آخر الحروب الكبيرة. فهذا الاتفاق عنوانه ترسيم الحدود البحرية، وعمقه اقتصادي وأمني قائم على مفهوم "السلام الاقتصادي" لأن الاقتصاد وتحديداً الاقتصاد النفطي بات المحرك للسياسات والعلاقات في منطقة الشرق الأوسط والعالم ولأن السلام العادل والشامل هو الغاية النهائية، وعلى امل ان يتحقق يوماً ما.

ولا نبالغ أيضاً إذا قلنا أن "اتفاق الترسيم" اذا عرف القيمون على البلاد استثماره سيُخرج لبنان من حال العزلة الدولية ويعيده الى خارطة المنطقة كدولة مؤثرة لها مواردها ودورها وقدرة التفاعل مع دول حوض شرقي المتوسط في اطار الدول المنتجة للنفط والغاز، ولن يعود لبناندولة هامشية ومستهلكة ومستجدية وإنما يصبح دولة أساسية ومنتجة ومكتفية، ولن يبقى دولة مصدرة للطاقات والكفاءات الشابة والمتخصصة والنخبوية، وإنما سيتحوّل الى بلد جاذب للشباب اللبناني من الخارج ليضعوا خبراتهم ومهاراتهم في تصرفه وخدمته عندما يفتح قطاع الغاز والنفط الباب أمام آلاف الوظائف والاختصاصات، وعندما تصبح الدولة دولة حديثة وعصرية وخالية من الفساد.

ولأن "اتفاق الترسيم" على هذه الدرجة من الأهمية يصبح التوجه بتحية شكر وتقدير الى كل الذين ساهموا في هذا الإنجاز وقدموا من وقتهم وجهدهم، امراً طبيعياً وواجباً مستحقاً.
ولست هنا في صدد وضع لائحة الشكر لكل المسؤولين الذين أداروا عملية المفاوضات وأشرفوا عليها واتخذوا القرارات الصعبة والصائبة، وإنما أردت ان أخص بالذكر مسؤولين كان لهما الدور الاساسي والإيجابي في إتمام هذا الإنجاز، أقصد بهما نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم اللذين قاما بدورهما التفاوضي وواجبهما الوطني على أكمل وجه كل على طريقته واسلوبه واستحقا التقدير والتكريم.

قام الرجلان بعمل مركز ومتكامل وبأداء منسجم ومتناغم وحيث كان عمل احدهما يكمّل عمل الآخر ويدعمه. وهكذا تولى الياس بو صعب مهمة التواصل والتحاور مع الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين ونقل الاقتراحات والأفكار اللبنانية وفق توجيهات رئيس الجمهورية الذي كان ينسق ويتشاور مع رئيسي مجلس النواب والحكومة. وأخذ بو صعب على عاتقه مهمة تسويق الموقف اللبناني من جهة ومهمة بناء الثقة مع الاميركيين من جهة ثانية. فكان ناجحاً في مهمته وكسبت الدولة اللبنانية بفضله ومن خلاله تفهماً أميركياً لموقفها واعترافاً بحقوقها ومصالحها.

ومرة جديدة يثبت الياس بو صعب انه على قدر المسؤولية في كل مهمة توكل اليه، وانه ما تولى مهمة صعبة الا وانجزها كما يجب، وانه ما شغل موقعاً الا وأضاف اليه قيمة ومكانة. هكذا عرفناه عندما تولى وزارة التربية وقام بتحديثها وتطويرها، وعندما كان وزيراً للدفاع، وعندما انتخب منذ أشهر نائباً لرئيس مجلس النواب وشرع في تفعيل عمل اللجان النيابية بالتنسيق والتعاون مع الرئيس بري وتحويل مجلس النواب الى ساحة حوار ونقاشبشأن القوانين الإصلاحية المطلوب إقرارها.

هكذا الحال ايضاً مع العامل دائماً من وراء الكواليس اللواء عباس إبراهيم رجل المهمات الصعبة الذي توّج سجله الحافل بالإنجازات والنجاحات بهذا الإنجاز.عباس إبراهيم، رجل الأفعال لا الأقوال، عمل على مدى شهور بصمت وهدوء بعيداً عن الأضواء والاعلام واسندت اليه ادق المهام في عملية التفاوض والتي كانت تتطلب الدخول في أدق التفاصيل التي لها ابعاد امنية واستراتيجية لما لشخصه من ثقة لدى الجميع، ولا نبالغ اذا قلنا ان عباس إبراهيم لعب دوراً اساسياً في كواليس المفاوضات وفي صناعة وصياغة "اتفاق الترسيم" استناداً الى علاقة الثقة والاحترام التي بناها مع الاميركيين والى التفويض المزدوج الذي اعطي له من الدولة والمقاومة اللتين لهما ملء الثقة بشخصه وأدائه.

ولا نكشف سراً اذا قلنا ان حزب الله الذي وقف خلف الدولة في مفاوضات الترسيم، كان مشاركاً وشريكاً في المفاوضات والاتفاق بطريقة غير مباشرة من خلال عباس إبراهيم والذي منحه كل الثقة والدعم وهذا ما اعطى المفاوضات هذه "النهاية السعيدة".

ان اتفاق ترسيم الحدود اعطى مثالاً ونموذجاً لما يمكن ان يحققه لبنان من إنجازات اذا كان واحداً موحداً في الموقف الوطني وفي معركة تحصيل الحقوق والثروات، وإذا كان الذين يتولون إدارة المعركة على الأرض مسؤولين مخلصين وشرفاء يعملون لمصلحة وطنهم وشعبهم.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني