لوسي بارسخيان - نداء الوطن
أمضى السفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري أمس يوماً طويلاً في منطقة البقاع، جال خلاله من أقصى حدوده الشرقية، الى جنوب البقاع، فوسطه.
وقد إستهل جولته عند الثامنة صباحاً بلقاء مع فاعليات البقاع السنّية ومشايخها في أزهر البقاع في مجدل عنجر، بحضور النائبين حسن مراد وبلال الحشيمي ورؤساء بلديات القضاء وغاب عنهم منسّق تيار «المستقبل» في البقاع الاوسط سعيد ياسين، الذي هو أيضاً رئيس بلدية مجدل عنجر التي تحتضن مؤسسات أزهر البقاع.
على رغم ما أشيع حول أهداف زيارة السفير الى المؤسسات السنّية البقاعية، ومحاولة تصويرها وكأنّها ترجيح لكفّة أحد المرشحين لمنصب مفتي البقاع خلفاً للمفتي الراحل خليل الميس، بدا الكلام أبعد ما يكون عن شؤون الطائفة، فطُرحت الهواجس عن إستمرار إغلاق الحدود السعودية أمام المنتجات اللبنانية. كذلك حضر هاجس تعليم التلاميذ، وكان كلاماً مباشراً لمدير الأوقاف في البقاع محمد عبد الرحمن، أملاً أن تحظى مؤسسات دار الفتوى برعاية مشابهة لتلك التي حظيت بها المدارس الكاثوليكية.
وردّ السفير البخاري مؤكّداً أنّ بلاده «لم ولن تتخلى عن الشعب اللبناني»، آملاً أن تتمخّض الاستحقاقات المقبلة «قيادات وازنة، سيادية إنقاذية تتّصف بالاعتدال وبالنهج الانقاذي، وتقدّم سياسات ضامنة لاستعادة ثقة المجتمع الدولي وثقة المملكة العربية السعودية». وقال: «إننا في المملكة العربية السعودية واصدقاءنا المعنيين بالشأن اللبناني نتحمّل المسؤولية المشتركة تجاه الحفاظ على أمن واستقرار لبنان».
وحاول البخاري تبديد الهواجس حول مستقبل الصادرات الى السعودية، موضحاً أنّ بلاده «طلبت آلية محدّدة في قرار وقف الصادرات من لبنان، وسوف تتم اعادة النظر بالقرار في وقت قريب عندما يتمّ تشكيل حكومة ويكون هناك آلية لمعالجة المواضيع، سيتم البتّ بالسياسات بشكل عام».
من أزهر البقاع إنتقل البخاري الى البقاع الغربي حيث إلتقى النائب حسن مراد في مؤسسات دار الحنان التربوية. وقد تحدث مراد عن مجمل الوضع السياسي حيث أكّد على «أهميَّة الالتزام بتطبيقِ بنودِ الطَّائف كاملًا؛ لأنَّه يرسِّخُ الوحدةَ الوطنيَّةَ، وينظِّمُ العلاقاتِ بين السُّلطات على أسسٍ واضحةٍ وعادلةٍ، ويحسمُ عروبةَ لبنان وعلاقاته الجيِّدةَ مع الأشقاء العرب، والمميِّزة مع سوريا وعدم استخدامه مقرّاً أو ممرّاً للاعتداء عليها»، فيما بدا السفير السعودي مقلاً في كلامه، سواء خلال زيارته لمراد، أو للنائب «التغييري» ياسين ياسين الذي التقاه في مستوصف رفيق الحريري بتعنايل، علماً أنّه توقف خلال إنتقاله بين المحطّتين في دارة النائب السابق جمال الجراح.
في شتورا، وبعيداً عن الكاميرات، كانت محطة للبخاري مع ممثلي المجتمع المدني في أبناء الطائفة السنّية، شكّلت متابعة للقاءات التي يجريها دورياً معهم تحت مبادرة «جسور» التي أطلقها منذ فترة وذلك للإستماع الى هواجس الشباب. وتوسّع في كلامه أمام الحاضرين متوقّفاً عند إتفاق الطائف الذي اعتبر أنه «يشكّل قيمة أخلاقية، وضمانة للحفاظ على الأمن والسلم الأهلي، والتأكيد على صيغة العيش المشترك الذي لا يسمح بالمسّ بأي مكون من مكونات المجتمع»، وأعلن أنّ «المملكة هي الضامن للجميع ودورها لا ينحصر بنطاق محدود»، وسياستها «في الملف اللبناني واضحة، ولن نتعامل مع لبنان إلا من خلال منطق الدولة وليس مشروع الدويلة».
من شتورا، إنتقل البخاري الى تعلبايا حيث أعدّ له إستقبال في مدرسة «أفروس كولدج» التابعة للنائب بلال الحشيمي، حيث رُفعت لافتات مرحّبة بالسفير على طول الطريق وازدانت مدرسته بأعلام السفارة السعودية، وشارك التلاميذ بأداء النشيد السعودي الى جانب النشيد الوطني.
ومن دون أن يدلي بتصريح، إنتقل البخاري الى زحلة، حيث عقد لقاء مع أساقفة المدينة في كاتدرائية سيدة النجاة، وكان تبادل للهدايا بين البخاري ومستقبليه، فقدم راعي أبرشية زحلة والفرزل والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك علم زحلة وكتاب «زمان يا زحلة»، فيما أهداه السفير السعودي كتاب «علاقة البطريركية المارونية بالمملكة العربية السعودية».
وانتقل البخاري من بعدها الى مقاهي البردوني حيث أولم على شرف نواب قضاءي زحلة والبقاع الغربي بعيداً عن الإعلام. وذكر أن الدعوة وجهت لـ12 نائباً واستثني من بينهم نائب «حزب الله» رامي أبو حمدان.
إلا أن زيارة البخاري لم تنته مسكاً، وبعدما كان يفترض أن تختتم في بلدة الفاعور التي تضم أبناء العشائر المجنّسة، «تعرقل» موكبه على مدخل البلدة لأسباب أمنية كما ذكر، بعدما تكاثر حوله الحاضرون، ما دفعه للعودة أدراجه من البلدة من دون أن يجري اللقاءات المحددة، وهذا ما أثار غضباً وسط الجموع.