فادي عيد - الديار
في الوقت الذي تتحدث فيه مصادر ديبلوماسية عن استحالةٍ لتحقيق أي تسوية سياسية تسمح بانتخاب رئيس جديد للجمهورية مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، تغيب مؤشرات الدخول الخارجي على خطّ الإستحقاق الرئاسي، وبالتالي استمرار المعطيات التي تضمن "لبننة" الإنتخابات والحلول الرئاسية. وتكشف هذه المصادر، أن الضبابية التي تحيط اليوم بالموعد المقبل لجلسة الإنتخاب الرئاسية في المجلس النيابي، أو تحديد انطلاقة الحوار الوطني حول انتخابات الرئاسة، تتزامن مع طرح واضح للعنوان الرئاسي، حضر خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الفاتيكان.
وتتحدث المصادر الديبلوماسية عن مواقف متباينة ومتضاربة إزاء النظرة إلى الإستحقاق الرئاسي اللبناني، وأن التباين في هذا المجال قد انطلق من خلافٍ بنيوي عميق، لا يقتصر فقط على الموقف من مجمل الملف اللبناني وأسلوب التعامل من قبل إدارة الرئيس ماكرون، بل من عدة مقاربات فرنسية في بعض الملفات في المنطقة. وبالتالي، فإن هذا الإختلاف لم يعد خافياً على العديد من القوى السياسية المحلية في بيروت، وقد تحدث عنه أكثر من مسؤول في الآونة الأخيرة، عبر الإشارة إلى رسائل ونصائح قد نقلها زوار فرنسيون إلى الأطراف الداخلية، تحثّها على التعاطي بطريقة حاسمة مع كل المواضيع السياسية والمالية والإقتصادية، من أجل الخروج من الواقع المالي والإقتصادي الصعب، والذهاب نحو إجراء إصلاحات تسرع الإتفاق مع صندوق النقد الدولي بالدرجة الأولى، من أجل تمرير المرحلة الصعبة، وذلك تزامناً مع تعزيز فرص الحوار والتوافق على الإنتخابات الرئاسية.
وعليه، تشير هذه المصادر، إلى أن الكرسي الرسولي قد شهد اجتماعين ما بين البابا فرنسيس والرئيس ماكرون تناولا الملف اللبناني، حيث كان حوار ونقاش في كيفية التعاطي من جانب باريس مع الملف اللبناني، وفي سياق المبادرة الثلاثية الفرنسية والسعودية والأميركية تجاه لبنان، وقد كان التزامٌ فرنسي واضح بما ورد في البيان الثلاثي الذي وقعته باريس مع واشنطن والرياض، والذي تضمّن موقفاً حاسماً لجهة الحاجة لتطبيق اتفاق الطائف، والإلتزام به وبكل القرارات الدولية، والإنطلاق بمرحلة جديدة من العلاقات السياسية بين اللبنانيين.
وبات من الواضح، وفق المصادر الديبلوماسية نفسها، أن ما من إمكانات أو توجهات فرنسية أو لدى الفاتيكان، بالعودة إلى أي خيارات ملتبسة في لبنان، لجهة الإنزلاق إلى أية أجندات غير مضمونة تبدأ بالإستحقاق الرئاسي ولكن من غير المعلوم أين ستنتهي، خصوصاً في ضوء واقع الإنقسام الخطر بين اللبنانيين اليوم. وتجزم المصادر، أن التوافق كان نتيجة اللقاءين في الفاتيكان، على القيام بجهود إستثنائية من أجل حماية صيغة التعايش المشترك في لبنان، والذي بات البلد الوحيد في المنطقة الذي يمثل نموذجاً للتعايش بين الأديان، في لحظة تحتدم فيها الصراعات في أكثر من ساحة إقليمية.