اكد رئيس الجمهورية العماد "ميشال عون" انه سيبقى مدافعا عن لبنان رغم انه وجد ان هذا الدفاع بات صعبا وهو في مركز الحكم الا ان ذلك لن يمنعه من مواصلة المسيرة، مشيرا الى انه كان يسمع انه لن يُسمح له تحقيق أي انجاز. وردا عما اذا كان سيخوض ثورة وجع الشعب، قال الرئيس عون:" من شبّ على شيء شاب عليه، وأنا لن اغيّر سلوكي وتفكيري".
وإذ لفت خلال لقاءات وداعية في قصر بعبدا مع قرب انتهاء ولايته، الى أن استقرار الوضع الداخلي تعزز من خلال فرض الامن وتحرير الجرود من الارهاب، اعتبر ان السلام الاقتصادي سيتعزز بعد ترسيم الحدود البحرية الجنوبية من خلال مصلحة الطرفين بالهدوء والاستقرار، مشددا على ان فكرة السلام مع اسرائيل لم ترد ابداً في هذا الإنجاز، وقال:" اعتادت إسرائيل ان تأخذ من العرب، انما هذه المرة نحن الذين اخذنا منها."
وعلى الصعيد الحكومي، جدد رئيس الجمهورية التأكيد على ان لا إرادة لدى رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي ولا لدى فريقه، في التشكيل، معتبرا ان ميقاتي "يلبي مطالب كل الأحزاب والتيارات والتكتلات النيابية، ما عدا مطلب التيار الوطني الحر"، مشددا على "انه من غير المقبول وضع وصاية على التيار او على تكتل "لبنان القوي".وعن عدم قانونية إعلانه نيته التوقيع على مراسيم قبول استقالة الحكومة ما لم يتم تشكيل حكومة أخرى، أوضح الرئيس عون "ان ليس هناك من نص دستوري يشترط ذلك، بل ان المسألة متعلقة بالاعراف، ويمكن خرق العرف. " وجدد التأكيد على ان لدى سوريا رغبة في الترسيم "وقد تم الحديث عن تأجيل زيارة الوفد اللبناني الى دمشق وليس عن رفض الزيارة".
وفي لقاء وداعي موسّع في "قاعة 25 أيار" حضره جميع المدراء العامين والمستشارين والعاملين في رئاسة الجمهورية وقائد وضباط لواء الحرس الجمهوري، اكد المدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير، "اننا نجتمع اليوم، مدراء ومستشارين وعاملين في القصر الجمهوري، وقائد وضباط الحرس الجمهوري، في مناسبة مؤثرة لوداع الرئيس عون بعد انقضاء ست سنوات من العمل تحت رئاسته الحكيمة، وقيادته سفينة الوطن للوصول الى برّ الأمان رغم الأنواء العاتية وعواصف الأزمات العديدة غير المسبوقة التي نمرّ بها".
ولفت شقير الى انه "اذ سيسجّل التاريخ بأنكم استلمتم منصب رئيس الجمهورية الاثنين 31 تشرين الأول 2016 بعد فراغ امتد لسنتين وخمسة أشهر، وبأنكم سوف تغادرون القصر الجمهوري الاثنين 31 تشرين الأول 2022 من دون أن يكون هناك انتخاب لرئيس يخلفكم ضمن المواعيد الدستورية، ومن دون مراسم تسليم بعكس ما كنتم تتمنون، فان التاريخ لا بد سوف يشهد على ما عايشناه جميعاً هنا في القصر من اصرار ثابت لديكم على التصدي للتحديات الضخمة والعديدة التي واجهت لبنان لاسيّما في السنوات الثلاث الأخيرة من عهدكم".
وتابع :"كنا نشعر نحن أسرة العاملين في القصر بأن هناك سباق دائم مع الوقت لازَمَ عهدَكم حيث كنتم تطمحون لإحراز انجازات لصالح لبنان على المستوييْن المحلي والدولي، وتسعون من دون كلل الى ازالة العقبات أمام تحقيقها كلما ضاق الوقت لذلك وتعاظمت الأزمات المانعة، وقد تجلّى ذلك خاصة في التفاهم حول ترسيم الحدود البحرية الجنوبية الذي توصّلتم اليه بعد مفاوضات مضنية في الاسبوع الأخير من عهدكم ليبقى نافذة أمل حقيقية وجدية لتجاوز المرحلة الماضية والانطلاق نحو مستقبل واعد للبنان وشعبه والأجيال القادمة".
واضاف :"كان هناك محطة بارزة في عهدكم هي استضافة لبنان للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في 20 كانون الثاني 2019"، مشيرا الى انه "في اطار متابعة هذه الملفات وغيرها كان لا بد لنا، وبناءً لتوجيهاتكم، من التواصل يومياً مع كافة الادارات الرسمية اللبنانية ومختلف الهيئات المعنية للعمل بيد واحدة لصالح الوطن، وأوجدنا آليات للتنسيق بطريقة فعّالة ومثمرة وقمنا بإنشاء عدة لجان مختصة كانت تجتمع دورياً في القصر الجمهوري".
واعتبر شقير ان "الأحداث والأزمات التي مرّت بها البلاد قد غيّرت الأولويات وفرضت نفسها على الأجندات، وخيّمت بظلالها وتداعياتها على دوائر القرار مما حتّم استنفار الهمم لمعالجتها، وقد قمتم، فخامة الرئيس، مرات عديدة بالعمل على التصدي المباشر لها عبر المتابعة الدؤوبة من قبلكم وقيامكم بترؤس العشرات من الاجتماعات بهذا الخصوص"، مشيرا الى انه "على صعيد ادارة القصر، فلقد قمنا باستحداث بعض الدوائر المختصة في القصر الجمهوري لمواكبة كل ذلك مثل خلية الشؤون الدبلوماسية، ووحدة التعاون الدولي، مماساهم في خلق قنوات تواصل ضرورية مع الهيئات الدولية. كما بذلنا جهوداً كبيرة للمحافظة على مستوى الانتاجية وتحسين ظروف العمل رغم الضائقة المالية".
واشار الى ان "لواء الحرس الجمهوري واكب كل الاستحقاقات المهمة وأظهر عن كفاءة عالية واخلاص كبير في تأدية مهامه. وقامت المديرية العامة للمراسم بتأمين كل مقوّمات النجاح لكافة المناسبات واللقاءات التي جرت داخل القصر وخارجه اضافة الى مشاركة الرئيس في قمم وزيارات رسمية. وكان لمكتب الاعلام الدور الأساس في العمل على تظهير الصورة الصحيحة للوقائع أمام الاعلام المحلي والدولي تحت وقع عدة حملات تجن وافتراءات مشبوهة الأهداف".
واشاد شقير بجهود العاملين في القصر الجمهوري بكل دوائره والذين تفانوا في عملهم وسعوا الى تنفيذ توجيهات الرئيس بأفضل صورة رغم الظروف وما فرضته الكورونا من اجراءات مرهقة.
وختم شقير:"أتوجّه باسمي وباسم كل اسرة القصر، بأجمل عبارات التقدير الى السيّدة الأولى التي كانت لها لمساتها المميزة خلال هذه السنوات الست ورعايتها للعديد من الأنشطة الاجتماعية المفيدة للبيئة وللمجتمع بكل فئاته"، مضيفا :"نودعكم اليوم متمنين لكم دوام الصحة والمزيد من التوفيق، وانتم سوف تغادرون هذا القصر في نهاية عهدكم ولكننا متأكدين بان لبنان سوف يشهد موسم الحصاد قريباً للإنجاز الكبير الذي زرعتموه عبر اتفاق ترسيم الحدود البحرية وكذلك المشاريع الاصلاحية التي جاهدتم في سبيلها".
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد، مؤكدا انه "ناضلت وابتعدت من اجل حرية اللبنانيين وسيادة لبنان واستقلاله. وعندما عدت الى لبنان واصلت الدفاع عن هذه الاقانيم الثلاثة، وايضاً في كل كلماتي في المحافل الإقليمية والدولية، لم اسمح بوصاية الدول على لبنان، كما يفعل الكثيرون، أو بدفع الأموال للإعلاميين".
وشدد على "اننا واجهنا الكثير من الكوارث التي حلت بلبنان، من الازمة الاقتصادية، الى الكوارث الصحية، الى كارثة انفجار مرفأ بيروت. وانطلق عهدي بخزينة فارغة وحدود مقفلة مع سوريا، ووجود مليون و800 الف نازح سوري على أرضنا. اليوم أغادر الحكم وليس لدي الكثير من الأصدقاء في عالم السياسة والاعلام، بسبب دفاعي عن الحق ومقاومتي للفاسدين. ولم اسمع في المقابل تصريحاً واحداً من أي مسؤول يؤيدني في محاربة الفساد، فيما بعض السياسيين كان يحمي الفاسد والسارق، وامضيت كل حياتي مدافعا عن لبنان والشعب اللبناني، ووجدت ان هذا الدفاع بات أصعب وأنا في مركز الحكم. ولكن هذا لن يمنعنا من مواصلة المسيرة".
وأضاف: "لا يهم ان يكون الكلام ضدي ، فكلما صدر شيئاً ضدي كلما زدت هدوءاً، لأنني اعلم مسبقًا ردّات الفعل ، وقررت ان لا تصدر من جهتي ردود على هذه المواقف، لأنني اؤمن بمبدأ بأن القيمة الكبيرة تخسر الكثير خلال سجالها مع القيمة الصغيرة. فنحن نريد المحافظة على مواقفنا. وقد هوجمت من قبل وسائل الاعلام، ولم اطلب من القضاء ان يتحرك، كما أنه لم يتحرك من تلقاء نفسه. "
وتابع عون :"خلال موقعي الجديد، سأدافع عن الجميع، وأهلا وسهلاً بالذي يريد مساعدتي ولكنني سأواصل النضال من اجل من هم معي او من هم ضدي، لأن الانجاز هو لمصلحة الجميع وما كنت اسمعه في آخر خمسة اشهر من عهدي هو :" لن نسمح لميشال عون تحقيق اي انجاز " . وأنا اتوجه بالشكر الى الذين من كانوا يجب ان نتعاون معهم، ولكن هم بالمقابل لا يريدوننا تحقيق اي انجاز ، إلا أن الله رزقنا ترسيم الحدود وانجزنا هذا الملف وهو لجميع اللبنانيين، كباراً وصغاراً ، لاسيما أنه سيرفع لبنان من الحفرة الكبيرة التي أوقعوه فيها لأن الغاز والنفط ثروة طبيعية وموجودة في الاراضي اللبنانية وفي بحره ، ومن خلالها سيتمتع لبنان وشعبه بالازدهار. وإن شاء الله تزيد المحبة بين سكانه".
ورداً على سؤال حول ما اذا كان الرئيس عون سيخوض ثورة وجع الشعب، أجاب الرئيس عون:" من شبّ على شيء شاب عليه، وأنا لن اغيّر سلوكي وتفكيري، وهذه صفاتي وشخصيتي ولا استطيع أن أغيرها."
وعن مدى تأثير انجاز ترسيم الحدود البحرية الجنوبية على تعزيز السلام الداخلي والاقليمي، أكد رئيس الجمهورية أن استقرار الوضع الداخلي تعزز من خلال فرض الامن وتحرير الجرود من الارهاب، أما السلام الاقتصادي سيتعزز ايضاً من خلال مصلحة الطرفين بالهدوء والاستقرار. ولكن فكرة السلام مع اسرائيل لم ترد ابداً ، ولم يحصل اي اتصال او امر آخر في هذا السياق. بل كان هناك وسيط اميركي ينقل الاقتراحات بين الطرفين.
واشار الرئيس عون الى أنه في بعض الاحيان يقرأ في الصحف عن امور سرية حصلت خلال المفاوضات، وتساءل: ما هي هذه الاشياء التي يتحدثون عنا؟ فالاتفاق واضح ، فهل سنقوم باتصالات سرية مع اسرائيل الآن؟ من خلال هذه الاخبار يتعرض الرأي العام للتضليل خصوصاً في ظل عدم اعتماد الموضوعية والدقة ومعايير موحدة في نشر الخبر اليقين، فالمواطن يتلقى مزيجاً من الآراء والاخبار المختلفة حول قضية معينة.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان يشعر بالندم حول امر ما قام به خلال سنوات عهده، لفت الرئيس عون ممازحاً الى أنه ندم على عدم أخذه الرشاوى والاموال وعدم قيامه بالصفقات ، وكذلك محاربته للفساد فأصبح بذلك بمواجهة الكثيرين وزاد عدد الاعداء من دون مساعدة احد وقال ضاحكا:" غلطتي أنني واجهت الجميع في محاربتي للفساد."
وعن تحميل البعض العهد مسؤولية ما حصل خلال هذه السنوات، أكد رئيس الجمهورية ان هذا الكلام صادر عن الخصوم وكلام صحافي ليس له اي مرتكز. فأول انجاز حققته هو اقرار قوانين استخراج النفط، والثاني اطلاق حرب فجر الجرود، ومن ثم اقرار قانون انتخابات جديد، واعادة الانتظام المالي بعدما كان لبنان لمدة 12 عاماً من دون موازنة عامة، كما انجزنا التحقيق المالي في وزارة المال، وقد اعدنا الجسم الدبلوماسي الى معظم دول العالم وتم تعيين حوالي 28 قنصل فخري في كبرى المدن التي يعيش فيها لبنانيون، فهل هذه هي الاخطاء التي قمت بها؟ من يعتبر انني ارتكبت اي خطأ فليواجهني به.