طوني كرم - نداء الوطن
أن يُستحضر إسم المؤرخ عصام خليفة إلى ساحة النجمة لدفاعه المستميت عن لبنان وحدوده البحرية وفق الخط 29 شيء، وأن يتحوّل إلى «مشروع رئيس» يشكّل مخرجاً لـ»مراهقي» العمل السياسي وأجندات من وراءهم، شيء آخر، مختلف تماماً، يطرح العديد من التساؤلات بعد المحطات الريادية التي طبعت حياة المناضل النقابي مذ كان طالباً جامعياً في السيتينات.
مآثر ومزايا المؤرخ الدكتور الجامعي عصيّة على إدراجها في هذه السطور. اذ برز خليفة في العام 1968 مع ترؤسه رابطة الطلاب في كليّة التربيّة، ومن ثم انتخابه رئيساً لإتحاد الطلاب في الجامعة اللبنانية العام 1971، ومنها إلى تأسيس «الحركة الثقافية» في أنطلياس العام 1978. درّس مادة التاريخ الأحب إلى قلبه في العديد من الثانويات الرسميّة والخاصة قبل التفرّغ لإكمال رسالته التعليميّة في الجامعة اللبنانية كأستاذ محاضر منذ 1981 إلى حين تقاعده في العام 2012. إنتخب مندوباً عن الأساتذة في مجلس الكليّة، وأميناً للسر بُعيْد إعادة إحياء رابطة الأساتذة، التي أصبح رئيساً لها في ما بعد.
في رصيده الثقافي ما يزيد عن الـ87 كتاباً من تأليفه، إلى جانب الأبحاث والمقالات المنشورة في العديد من المجلات العلمية، كما إشرافه على العديد من الأطروحات الجامعية. وهو عضو مؤسس في العديد من الجمعيات، أبرزهما الجمعية اللبنانية للدراسات العثمانية، والجمعية اللبنانية التاريخيّة. شارك في التحركات الشبابيّة خلال الحرب، عبر»المؤتمر النقابي العام»، ونظم عدداً من المؤتمرات في المناطق منها: أربعة في جبّة بشري عن دورها في العهد العثماني، كما أقام مؤتمرات عن: بشعلة، دوما، ولحفد في التاريخ. وبعد تقاعده عن التدريس في الجامعة اللبنانية، تفرّغ خليفة أكثر للقراءة والكتابة والعمل في أرض الأجداد والآباء في بلدته حتّون التي تقع وسط قضاء البترون، وفق ما أوضح لـ»نداء الوطن»، قائلاً: «فيك تعتبرني فلّاح»!
السياسة وفق خليفة هي الدفاع عن حقوق الإنسان وسيادة وإستقلال الدولة، وهي التي دفعته إلى حسم تردده وقبول تسميته من النواب «الذين شرفوه بهذه التسمية»، إلى جانب مجموعات من الحراك الشعبي (17 تشرين) الذين عرضوا الأسباب الموجبة لهذا الترشيح الذي تلقّفه؛ ويتابع قائلاً: «ماشي الحال... عندك مانع شي!».
واذ دعا خليفة «المنزعجين» من ترشحه إلى مفاتحته بالأمر، رفض تحويل تردده أو رفضه طرح اسمه قبل أن يعود ويقبل، إلى قضيّة، كما الإجابة عن إستمراريته في «السباق الرئاسي»، والخطوات العملانيّة والإتصالات التي سيقوم بها مع القوى السياسيّة من أجل تعزيز فرص وصوله إلى بعبدا، مفضلاً النأي بنفسه عن الغوص في الأمور الخاصة التي تعنيه.
وإذ يشدد خليفة على «الإستقلالية السياسيّة» التي تحلى بها طوال مسيرته، مذ كان طالباً جامعياً وتأسيسه «حركة الوعي»، أوضح أن اهتمامه ينصبّ على متابعة القضايا الوطنية والدفاع عن مصالح لبنان بعيداً عن العناوين والإنقسامات التي ترافق العمل السياسي بين الجهات المتخاصمة في لبنان، مشيراً إلى أن قبول ترشّحه يأتي في إطار «تلبية نداء الدفاع عن الوطن، وشعبه المعذّب الذي يتعرّض إلى إبادة جماعية بعد سرقة ودائعه ونهب حقوقه والعيش بلا كهرباء ومياه»، قبل أن يستطرد قائلاً: «أنا مثقف ملتزم بقضايا شعبي... فهل يجب أن أبقى مكتوف اليدين؟!».
ومع تأكيده أنّ أهميّة المناسبة تكمن في طرح معالجة أزمات اللبنانيين، رفض تحميله تبعات «شقّ» المعارضة، مشيراً إلى أن المشكلة الأساسيّة تتجلى في تأمين نصاب ثلثي الحضور في المجلس النيابي بعيداً عن تحميل النواب العشرة الذين صوتوا له مسؤولية «التعطيل»، متوجهاً عبر «نداء الوطن» بالقول: «لا أعرقل أحداً، أنا أصل المعارضة، وأنا أستاذ في المعارضة، وأنا اللجنة الفاحصة لمن يريدون الاعتراض، وأنا مع السيادة، وأطالب بالخط 29، وأمضيت حياتي مدافعاً عن حدود لبنان ومطالب الجامعة اللبنانية وقضايا الناس»، قبل أن يختم قائلاً: «شعبي يتعرّض للإبادة الجماعية ودولتي مهددة بإستقلالها عبر حدودها البريّة والبحريّة... وأترشح بوجه السياسيين الذين يديرون الإنهيار وفق تصنيف البنك الدولي للحالة في لبنان».
التأكيد على نجاح وعصامية ونظافة مسيرة خليفة البحثية والأكاديمية والسياسية، دفع بالبعض للتساؤل لمَ يمكن أن يزجّ بتاريخ هذا الرجل «الآدمي» في وحول المشهد المحزن والمسرحيات «الفولكلورية» التي قد تقحمه في «بازار» لا يشبهه أبداً بعدما أتى تبني ترشيحه من بعض «نواب الـ 13» الذين يُتهمون بأنّهم رفضوا إعتماد الوسائل الديمقراطية لحسم هوية مرشحهم الرئاسي؟
وهل يكرّس ترشيح عصام خليفة المثل الشائع بأن كل الموارنة مرشحون لرئاسة الجمهورية، وإن كان على حساب تاريخهم ومكانتهم... رأفة بفخامة ضائعة؟!