الحرّة
خلال الأسابيع الماضية، تحدث خليجيون بصوت عال على مواقع التواصل الاجتماعي عن مرض معد قديم بات ينتشر مجدداً على نطاق واسع: إنفلونزا الخنازير.
وقال مستخدمون لمواقع التواصل إن أعراض إنفلونزا قوية تصيبهم، مع ارتفاع مستمر في درجة حرارة الجسم لا تنخفض بسهولة، مقارنة بالأعراض الاعتيادية لنزلات البرد في هذا الوقت من السنة.
وأشاروا إلى أن هذه الأعراض "لا تعتبر اعتيادية" لمرض الإنفلونزا الموسمية، لكن الخبراء يقولون عكس ذلك ويؤكدون أن الأعراض طبيعية، ولا يوجد ما يستدعي القلق.
ويوضح مغردون أن كثير من هذه الإصابات جاءت بعد عودة الطلبة للمدارس، لافتين إلى أن الأعراض أكثر حدة من تلك التي تصيب الإنسان أثناء تعرضه لفيروسات الإنفلونزا الموسمية.
في الكويت، أفادت صحيفة "القبس" نقلا عن مصادر صحية يوم 20 تشرين الأول، بانتشار "فيروس إنفلونزا الخنازير" مع "مئات المراجعين للمستشفيات والمراكز"، حيث أشارت إلى أن معظم الحالات تتعافى.
وأكدت وزارة الصحة الكويتية "زيادة ظهور الأعراض التنفسية مع بدايات موسم الأمراض الفيروسية الحالي"، قائلة إن معظم الحالات "لم تستدعِ الدخول إلى المستشفى وضمن المعدلات السنوية المتوقعة".
وفي الإمارات، قال مركز أبوظبي للصحة العالمية أن مستوى الإنفلونزا الموسمية والحالات خلال هذا الموسم يعتبر ضمن المعدلات المتوقعة مقارنة مع السنوات التي سبقت جائحة كوفيد-19.
لكن المركز المسؤول عن القطاع الصحي في الإمارة الخليجية لم يتطرق في البيان المنشور بوكالة أنباء الإمارات (وام) يوم 19 تشرين الأول إلى مصطلح إنفلونزا الخنازير. وجاء البيان عقب التغريدات التي اشتكت من أعراض أكثر حدة من المرض.
في هذا الإطار، يرى استشاري الباطنية والأمراض السارية عضو الجمعية الأميركية للأمراض المعدية، غانم الحجيلان، أن انتشار فيروس H1N1 أمر طبيعي ومتوقع.
وقال الطبيب الكويتي لموقع قناة "الحرة" إن هذا الانتشار يأتي بعد عامين من الاحتياطات التي فرضتها جائحة كوفيد-19 مما قلل من فرص انتشار فيروسات الإنفلونزا الموسمية خلال السنتين الماضيتين.
لكن الحجيلان قال إن مسمى "إنفلونزا الخنازير" الذي ظهر عام 2009 انتهى وبات فيروس H1N1 من فيروسات الإنفلونزا الموسمية الاعتيادية.
أصل "إنفلونزا الخنازير"
وفي ربيع عام 2009، تعرَّف العلماء على سلالة معينة من إنفلونزا الخنازير تُعرف باسم H1N1. وبحسب "مايو كلينيك"، فإن هذا الفيروس هو مزيج من الفيروسات التي تأتي من الخنازير والطيور والبشر، وتسبب المرض للإنسان.
وخلال موسم الإنفلونزا في عامَي 2009 و2010، أدى فيروس H1N1 إلى إصابة الجهاز التنفسي البشري بعدوى كان يُشار إليها عادة باسم "إنفلونزا الخنازير".
ونظرا إلى ارتفاع عدد الحالات بهذا المرض حول العالم، أعلنت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة في صيف العام 2009 أن إنفلونزا الخنازير بات وباء عالميا.
وفي آب 2010، أَعلنت منظمة الصحة العالمية عن انتهاء هذا الوباء العالمي. ولاحقا، أصبح فيروس H1N1 أحد السلالات التي تسبب الإنفلونزا الموسمية التي تنتشر عادة في فصل الخريف.
وأشار الحجيلان إلى أن انتشار الإنفلونزا الموسمية، بما في ذلك فيروس H1N1، في دول الخليج خلال هذا الوقت من العام يعتبر طبيعيا.
وتابع: "بعد سنتين كنا نعاني فيها من مرض تنفسي أجبرنا باتباع الاحتياطات منها التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات، قلل ذلك من فرص انتشار الإنفلونزا الموسمية في تلك الأوقات".
وحدد عاملين مهمين لزيادة وتيرة تفشي الفيروس، ومنها عودة الناس من إجازات الصيف، بالإضافة إلى أطفال المدارس.
يوضح بقوله إن "كل طفل عبارة عن بيت، ويصل عدد الأطفال في الفصل الواحد إلى 25 وهذا يعني إمكانية وصول الفيروس لهذه البيوت في يوم واحد فقط من فصل واحد".
أقل خطورة من كوفيد-19
وقال الحجيلان إن أعراض فيروس H1N1 تشبه كثيرا أعراض السلالات الأخرى من الإنفلونزا الموسمية التي أشار إلى أنها منقسمة إلى ثلاث مجموعات.
وأضاف: "الإنفلونزا تنقسم إلى ثلاث مجموعات بحسب الجينات والصيغة الوراثية: الأولى A وهي الأكثر انتشارا والأشد أعراضا ومنها H1N1، والثانية B وهي أقل في نسبة الإصابات بواقع 30 بالمئة، والثالثة C التي تشكل أخف الأعراض لدرجة أنها قد لا تؤثر على الإنسان".
وأوضح أن الأعراض الشائعة للإنفلونزا الموسمية هي الشعور بالتعب والإنهاك، وارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى السعال الجاف.
وتوصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة بالحصول على لقاح الإنفلونزا السنوي لكل من يبلغ من العمر 6 أشهر فأكثر، وهو رأي كرره مركز أبوظبي للصحة العامة في بيانه الأخير بقوله إن اللقاحات تعد "من أفضل الطرق للوقاية من الإصابة بالمرض ومضاعفاته".
ويمكن أن يقلل هذا اللقاح من خطر الإصابة بالإنفلونزا وشدتها ويقلل من خطر الإصابة بمرض خطير والاضطرار إلى البقاء في المستشفى، بحسب "مايو كلينيك".
وعلى الرغم من عدم خطورة المرض على معظم الحالات، لكن كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة معرضون للخطر، وفقا للدكتور الحجيلان.
وقال إن احتمال الوفاة بالإنفلونزا الموسمية يشكل 1 بالمئة مقارنة مع 3 بالمئة بالنسبة لفيروس كورونا المستجد "سارس-كوف-2".