الخيّاطة "أم محمد": إنه زمن الترقيع والتزبيط والتضييق
الخيّاطة "أم محمد": إنه زمن الترقيع والتزبيط والتضييق

دولية وإقليمية - Saturday, October 22, 2022 7:10:00 AM

نداء الوطن 

محمد دهشة

تكافح الخياطة سهير الاشقر «أم محمد» وهي أم لـ7 اولاد (6 بنات وشاب)، كلّ يوم من أجل تأمين قوت عائلتها في ظل الأزمة، بعدما تولت مسؤولية مصروف البيت اثر اصابة زوجها بـ»ديسك» حوّله عاطلاً عن العمل منذ عقود طويلة.

داخل محلها المتواضع في سوق «الحياكين» في صيدا القديمة، تمضي الاشقر معظم ساعات النهار على كرسي بلاستيكي خلف ماكينة خياطة كهربائية، تلتقط أنفاسها حيناً وهي ترتدي نظارتها لتمرر خيطاً في الابرة، قبل أن تبدأ عملية «درز» بنطلون أو عباءة أو فستان، قرر أصحابها نفض الغبار عنها وإعادتها الى الخدمة مجدداً بسبب الغلاء وارتفاع الاسعار الجديدة.

وتقول الاشقر لـ»نداء الوطن» إنها تعلمت مهنة الخياطة من والدتها وهي فتاة منذ 45 عاما، «كانت تطلب مني الجلوس قربها وتعلمني أصول المهنة، ثم ارسلتني الى خياطة محترفة تدربت على يديها على اللقطة والدرزة، وأكملت المسيرة بالانخراط في دورة خياطة تخصصية، تعلمت فيها القص والتفصيل، فافتتحت المحل منذ 30 عاماً، وما زلت فيه الى اليوم».

وتضيف: «ما أشبه اليوم بالأمس صعوبة وأوقاتا عصيبة، نزلت إلى سوق العمل عندما أصيب زوجي بـ»الديسك»، اصبح غير قادر على العمل، فتوليت مسؤولية مصروف البيت وعلّمت بناتي وابني الوحيد وها انا اليوم أكمل المشوار، في ظل الازمة التي فتكت بالناس من كبيرهم الى صغيرهم وخاصة في صيدا القديمة».

تؤكد الاشقر أنّ الاقبال على الخياطين ازداد بشكل لافت منذ سنتين بسبب الغلاء، وتقول: «باتت غالبية العائلات الفقيرة والمتعففة تفضّل الترقيع والتزبيط والتقصير والتضييق للمستعمل بدلاً من شراء الجديد، زاد العمل ولكن للأسف فقدت العملة الوطنية قيمتها، بل ذهبت البركة وحلّ مكانها الجشع والطمع»، قبل أن تضيف بحرقة وحسرة «يجب علينا التراحم في هذه الاوقات الصعبة حتى يرزقنا الله ويبارك لنا في مالنا وطعامنا وشرابنا».

ولم تخف الاشقر انها تراعي ظروف الناس المالية، وتؤكد «في العادة اتقاضي 20 الفاً على تقصير البنطلون او الدرزة او التضييق، و30 الفاً على تغيير السحاب، واذا قصدني زبون لا يملك المال أقول له ادفع ما تستطيع، رغم أنّ الخيطان ارتفعت أسعارها اضعافاً كما السحاب والإبر وسواها من عدة العمل، قناعتي أنّ التراحم والرحمة بين الناس يخففان المعاناة ويقصران أمد البلاء، وصيدا مشهورة بالتعاضد والتكاتف ووقوف العائلات الى جانب بعضها».

وتقرّ الاشقر بأن ماكينة الخياطة «هي صديقتي وكاتمة اسراري وصاحبة الفضل في العيش بكرامة، بعيداً من الحاجة، ونصيحتي لكل ست بيت العمل لمن استطاعت اليه سبيلاً من أجل المساعدة في هذه الضائقة».

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني