نداء الوطن
دخلت "ثورة النساء" في إيران أسبوعها الخامس وما زالت تزداد زخماً من قاعات المدارس والثانويات وباحات الجامعات والمعاهد مروراً بساحات المدن والقرى وصولاً إلى المنشآت النفطية والمصانع وغيرها من مراكز الانتاج الأساسية في البلاد، حيث وجّه نشطاء إيرانيون دعوة أمس عبر الإنترنت للتظاهر بأعداد كبيرة اليوم تحت شعار "بداية النهاية"، على الرغم من قطع الاتصالات بخدمات الإنترنت وبمنصات مثل "إنستغرام" و"واتساب".
وفيما تتصدّر الشابات الإيرانيات التظاهرات، تواصلت الاحتجاجات الصاخبة والمتنقّلة رغم ما وصفته منظمة العفو الدولية بأنه "قمع وحشي بلا هوادة" شمل "هجوماً شاملاً على أطفال متظاهرين"، ما أدّى إلى مصرع 23 قاصراً على الأقلّ، إذ إنّ الأرقام الحقيقية للضحايا القصّر أعلى من ذلك بكثير، في حين حذّر المحامي الإيراني في مجال حقوق الإنسان حسن رئيسي من أن بعض الفتيان محتجزون في مراكز للبالغين المحكومين في قضايا مخدّرات.
وفي مواجهة التظاهرات التي تدعو إلى إسقاط نظام الجمهورية الإسلامية، نفّذت قوات الأمن حملة اعتقالات واسعة طالت نشطاء شباناً وصحافيين وفنّانين ورياضيين وطلاباً، بل حتّى قاصرين. واعتُقل تلاميذ داخل صفوفهم وانتهى بهم الأمر في "مراكز طب نفسي"، بحسب وزير التعليم يوسف نوري.
ووردت تقارير عن نزول متظاهرين إلى الشارع في أنحاء متفرّقة من البلاد أمس، وشوهد مئات الرجال يتظاهرون عقب صلاة الجمعة في زاهدان، في وقت دعا فيه نشطاء الثورة الناس في كافة أنحاء إيران للتجمع في أماكن لا تتواجد فيها قوات الأمن اليوم، وأن يهتفوا "الموت للديكتاتور"، في إشارة إلى المرشد الأعلى علي خامنئي.
وقال النشطاء: "يجب أن نكون حاضرين في الساحات، لأنّ أفضل اتصال "في بي أن" هذه الأيام هو الشارع"، في إشارة إلى شبكات افتراضية خاصة تستخدم للالتفاف على قيود الإنترنت. وفي موازاة ذلك، من المقرّر تنظيم تجمّعات "مناهضة لأعمال الشغب" مساء اليوم في "كلّ مساجد البلاد للتصدّي لمؤامرات أعداء إيران"، بحسب بيان صحافي صدر عن المجلس الإسلامي لتنسيق التنمية، المسؤول عن تنظيم التظاهرات الرسمية.
وفي خطوة قلّما تحدث، أعلنت شرطة طهران أنها ستُحقق في سلوك أحد عناصرها بعد تقارير عن تحرّشه بمتظاهرة أثناء محاولة توقيفها. وأظهر شريط فيديو انتشر على نطاق واسع أحد العناصر وهو يقوم بلمس مؤخرة الشابة وهو يُحاول وضعها على الدرّاجة النارية.
وفي الأثناء، قُتل عنصر من "الحرس الثوري" وآخر من "الباسيج" بإطلاق نار أثناء ملاحقتهما شخصَين يقومان بتدوين شعارات مناهضة للنظام في محافظة فارس في جنوب إيران. وبذلك، يرتفع إلى 20 على الأقلّ، عدد عناصر قوات الأمن الذين قضوا منذ 16 أيلول، تاريخ بدء الاحتجاجات على وفاة مهسا أميني بعد 3 أيام من توقيفها من قبل "شرطة الأخلاق" في طهران، بينما قُتل أكثر من 200 شخص على يد أجهزة النظام.
دوليّاً، جدّد وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن دعم الولايات المتحدة للاحتجاجات الشعبية ضدّ النظام الإيراني. وخلال لقائه مع نشطاء إيرانيين في واشنطن أمس، ذكّر بلينكن بأنّ الولايات المتحدة فرضت عقوبات على "شرطة الأخلاق" الإيرانية، لافتاً إلى أن الإدراة الأميركية تعمل على ترخيص يسمح بتقديم التكنولوجيا التي من شأنها أن تسمح للإيرانيين بالتواصل مع بعضهم البعض ومع العالم الخارجي، والالتفاف على الإغلاق الممنهج لوسائل التواصل والإنترنت.
توازياً، ندّد "سفراء حقوق الإنسان" من بريطانيا وألمانيا وفرنسا وفنلندا وإسبانيا والسويد وليتوانيا ولوكسمبورغ وإستونيا وهولندا وسلوفاكيا، بالممارسات الوحشية التي تعتمدها السلطات الإيرانية في وجه الإيرانيين والإيرانيات الذين خرجوا من أجل حرّياتهم وحقوقهم وكراماتهم، وطالبوها بـ"الوقف الفوري لحملتها العنيفة... وضمان حقوق الإنسان للجميع في إيران".
وفي المقابل، دانت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي دعم فيها الاحتجاجات التي تشهدها الجمهورية الإسلامية، معتبرةً أنّها "اتهامات سياسية وتدخلية وتُشجّع على العنف وانتهاك القانون".