ميشال نصر - الديار
يبدو ان اصرار "جنرال بعبدا" على عدم ترك قصر بعبدا دون تسجيل انجاز لقي صداه بعدما تقاطعت المصالح الاقليمية والدولية والمحلية عند ضرورة "تمرير" اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و"اسرائيل"، ليكتمل دخول لبنان نادي الدول النفطية، مع توقيع الرئيس عون مراسيم الهيئة الناظمة واطلاق المناقصات مع بداية العهد واقرار الترسيم مع نهايته، في وقت باتت رزمة الملفات المعلقة والمدرجة على جدول اعمال الفراغ القاتل تفوق بحجمها والقدرة على حلها.
ففي وقت فشلت فيه كل المساعي القائمة من اجل تحديد موعد محتمل لتشكيل الحكومة الجديدة، بعدما تعقدت الامور وباتت بورصة ولادتها تترنح بين مربع خلافاتها الاول، واعجوبة ابصارها النور في ربع الساعة الاخيرة من عمر العهد، نجح الوسيط الاميركي في احداث الخرق المتوقع، بالتعاون مع نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، ومبادرته الى ادارة المفاوضات منذ اللحظة الاولى عن الجانب اللبناني عبر "الخط الديبلوماسي" في موازاة "الخط العسكري" الذي فتح في الناقورة، مسلما سيد العهد مفتاحا ذهبيا، يعتقد كثيرون انه سيبقى "دون قفل"، خصوصا ان العدو الاسرائيلي اعلن انه لن يوقع الاتفاق قبل اتمام انتخاباته التشريعية.
وبالمناسبة، فان اختيار "دولة الرئيس" نقطة الوصل بين بعبدا وعين التينة لم يأت من فراغ، وقد احسن اخراج اعلان الاتفاق، في ظل اشتعال الجبهة بين مقر الرئاسة الثانية وميرنا الشالوحي، مظهرا انتصار رئيس الجمهورية من جهة، ودور رئيس مجلس النواب من جهة ثانية، وهو ما قرأ فيه البعض تحضيرا لادوار اخرى مستقبلية.
مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع كشفت ان ما حصل جزء من ترتيبات اكبر تتخطى حدود المنطقة، وهي ما كانت لتمر في جزئها اللبناني- "الاسرائيلي" لولا موافقة حزب الله الاساسية، وترى المصادر ان استراتيجية الحزب كانت واضحة، وقد اعلنها امينه العام السيد حسن نصرالله في احدى اطلالاته الاعلامية اخيرا، بان المطلوب ليس خطوط ولا نقاط، انما فك الحصار عن لبنان وهذا هو المهم، وهو ما تقاطع معه موقف وتحليل رئيس التيار الوطني الحر، الذي يعتبر نفسه شريكا في هذا الانتصار الاقتصادي، وفقا لما اعلنه خلال مقابلته التلفزيونية الاخيرة.
وتكشف المصادر ان التعويل على اي انفراجات سريعة في المدى المنظور هو في غير محله، فما حصل لن يترجم في الداخل اللبناني، تسهيلا للاستحقاقات ام تدفقا للاستثمارات، فسقف ما يمكن للبناني تحصيله راهنا هو بضع ساعات من التغذية الكهربائية الاضافية، واطلاق عملية التنقيب في حقل قانا، والتي من المستحيل حسم مصيرها راهنا، والذي نتيجته ستبقى خاضعة لموازين دولية اخرى.
في المقابل، ترى اوساط في قوى الثامن من آذار، ان تسهيل حزب الله للامور لم يأت من عبث وهو ادار المعركة وقد نجح في تحقيق ما اراد، والسؤال يبقى، ان لبنان الذي ربح كثيرا في اتفاق الترسيم، متى وكيف سيسيل ذلك؟ وهل سيكون الثمن استحقاق رئاسة الجمهورية في موعده؟