الديار
قبل ساعات من كلمة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله المرتقبة «اسرائيلياً» ولبنانياً، تحرك ملف «الترسيم» البحري مجددا ووضع على «نار حامية»، بعد ان انهى «الوسيط» الاميركي عاموس هوكشتاين مساء امس تنقيح «النسخة النهائية» من الاتفاقية وسلمها «للاسرائيليين»، على ان تكون قد باتت لدى الجانب اللبناني في وقت متأخر ليلا، بعد ان اطلع نهار امس على مضمونها «شفهيا»، على ان يتلقى الجانب الاميركي اجوبة واضحة ومكتوبة خلال الساعات المقبلة.
وفيما عادت الايجابيات الى الاجواء مع تراجع المزايدات الانتخابية «الاسرائيلية» والترويج لاخبار عن ضغوط اميركية على لبنان لتخفيف شروطه، نفت مصادر لبنانية بازرة هذه التصريحات، ورأت فيها محاولة اسرائيلية «للنزول عن الشجرة». ووفقا للمصادر، فان اي تعديل لبناني لن يكون الا شكليا و من خلال الصياغة، لكن لا تنازل عن التحفظات الاساسية التي لم ير فيها الاميركيون عقبة امام انهاء الاتفاق الذي قد يوقع في العشرين من الجاري بحسب «الاسرائيليين».
ايجابيات «الترسيم»؟
في ملف «الترسيم» عادت الاجواء الايجابية لتحضر في الملف من خلال ثلاثة مصادر: الاول التصريحات الاميركية المتفائلة، حيث اعلن مسؤول أميركي بارز إن عاموس هوكشتاين على اتصال مع كل الأطراف وعمل على حل الخلافات العالقة، فيما المفاوضات في فصولها الأخيرة. وشدد على التزام واشنطن بالتوصل إلى حل، مؤكدا أن اتفاقاً مستديماً أمر ممكن وبمتناول اليد. المصدر الثاني ما نقلته صحيفة «هارتس الاسرائيلية» عن مسؤول «اسرائيلي» تأكيده ان التوقيع قد يتم في العشرين من الجاري بعد تذليل العقبات. اما التفاؤل الثالث، فمصدره رئيس الجمهورية ميشال عون الذي أمل في انجاز كل الترتيبات خلال الأيام القليلة المقبلة بعدما قطعت المفاوضات غير المباشرة شوطا متقدما، بعد تقلص الفجوات التي تم التفاوض في شأنها خلال الأسبوع الماضي.
الاتفاق في «خواتيمه»
ووفقا لمصادر لبنانية مطلعة، فان الامور في خواتيمها، وبقيت بعض الامور التقنية، وما يدرس الآن موعد التوقيع، وكيف؟ ومن سيوقع؟ في ظل اتجاه واضح للعودة الى الناقورة لانهاء الملف. ووفقا لتلك المصادر، فان لبنان تأكد ان النص الجديد اخذ بكل الملاحظات اللبنانية، والاقتراح الاميركي عالج «هواجس» الطرفين، وما يجري الآن هو عملية تنقيح لبعض التعابير والصيغ، وايجاد مرادفات واضحة وموحدة للصيغ الانكليزية والعربية والعبرية، خصوصا في النص الخاص بمهام شركة «توتال» الفرنسية التي سيكون عليها مهمة الاستكشاف في حقل «قانا»، ويقع على عاتقها تحديد قيمة التعويض «للاسرائيليين» من حصتها. وقد تم الاتفاق لبنانيا مع الشركة كي تقوم مباشرة بعملها في البلوك رقم 9 وهي تحتاج الى ما بين 6 اشهر و 14 شهرا للتنفيذ؟ وقد حقق لبنان أحد مطالبه، بعدم ربط التنقيب والاستخراج في البلوك 9 و»حقل قانا» بمفاوضات «إسرائيل» مع شركة «توتال» حول حصتها من عائدات الجزء الجنوبي من هذا الحقل الواقع جنوب الخط 23.
التسريبات «الاسرائيلية»
وبحسب التسريبات «الاسرائيلية»، فان «الوسيط» الاميركي قدم النسخة النهائية للاتفاق الى الجانبيين اللبناني و»الاسرائيلي»، وتشتمل الحلول «الوسط» التي وافقت عليها الاجهزة الامنية «الاسرائيلية»، ترسيم الحدود البحرية الجديدة، 5 كم باتجاه الغرب حسب الخط 1 (خط الطوافات)، وبعد ذلك النزول جنوباً وغرباً في خط 23، لا يعرض المصالح الأمنية لـ «إسرائيل» للخطر. يقوم سلاح البحرية بدوريات حسب الحاجة في خط عرض 1، وفي حالة وجود حاجة أمنية ملحة يتم إرسال قطع بحرية أيضاً إلى الشمال من هناك. ووفقا للرؤية «الاسرائيلية»، فان الاتفاق لا يضر بحرية النشاط البحري للجيش «الإسرائيلي» في المنطقة. ووفقا لتقديرات الجيش «الاسرائيلي»، فان الاتفاق «جيد جداً من الناحية الأمنية». ووفقا للتقديرات الامنية «الاسرائيلية»، فان الضرر الاقتصادي لـ «إسرائيل» نتيجة حرب مستقبلية مع حزب الله حتى لو استمرت بضعة أيام، قد يكون كبيراً بدرجة لا تقدر، ولا نريد التحدث عن الخسائر المتوقعة في الأرواح.
دعاية «اسرائيلية»
وكانت «اسرائيل» قد استبقت الاجواء الايجابية «بالترويج» لقيام إدارة بايدن نهاية الأسبوع بممارسة ضغط شديد على لبنان لسحب ملاحظاته على مسودة اتفاق الغاز والحدود البحرية، وقبول المسودة كما هي، وذلك عبر اتصالات قام بها عاموس هوكشتاين، ومستشار بايدن لشؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي بريت ماكغورك. وكلاهما أدارا سلسلة مكالمات هاتفية في نهاية الأسبوع مع مسؤولين لبنانيين كبار، وناشداهم لقبول المسودة الأصلية. ونقلت الصحيفة عن مسؤول بارز قوله ان احتمال انهاء إجراءات التوقيع على الاتفاق قبل الانتخابات، أكثر من 50 في المئة، وقال انه في جلسة «الكابينت» الأسبوع الماضي، كان هناك تأييد واسع للاتفاق، سواء من جانب محافل الأمن – رئيس الأركان، رئيس «الموساد» – أم من جانب وزارة الطاقة.
استبعاد خطر الحرب... ولكن!
وفي السياق نفسه، اكدت صحيفة «هارتس» ان توجيهات وزير الدفاع بني غانتس، للجيش «الإسرائيلي» بالاستعداد لسيناريوهات تصعيد في الشمال «في حالة هجوم ودفاع»، لا تعكس أي توقعات استخبارية بحرب مع حزب الله على خلفية الأزمة في المفاوضات، ونقلت عن قيادة الجيش «الاسرائيلي» تقديرها بأن هناك احتمال «متوسط الى عال» للتوقيع على الاتفاق قبل نهاية الشهر. ووفقا للمعلومات وعلى هامش جلسة «الكابنيت» يوم الخميس سمع تقدير عسكري واضح بشأن انخفاض احتمالات نشوب الحرب. ونقلت صحيفة «يديعوت احرنوت» عن مسؤولين امنيين تأكيدهم انهم لا يعرفون كيف سيرد السيد نصر الله في حال بدأت الحفريات في «كاريش» قبل التوقيع على الاتفاق، وهم يعتقدون انه لا يريد الحرب الآن، لكن الجيش «الاسرائيلي» يدرك حقيقة أن جزءاً كبيراً من الحروب والعمليات في العقدين الأخيرين -حرب لبنان الثانية والعمليات الإسرائيلية في قطاع غزة- لم تندلع حسب خطة مسبقة، بل عقب تصعيد بعدما تم فقدان السيطرة عليه. ولهذا تم في الأشهر الأخيرة تعزيز الدفاعات على الحدود الشمالية وحول مواقع الغاز في البحر المتوسط، واستكملت الخطط العملياتية لهجوم «إسرائيلي» مضاد في لبنان رداً على عملية محتملة لـحزب الله.