محمد تلحوق - خبير اقتصادي
لن أتكلم عن الحل أو اطرح نظرية اقتصادية لاسترداد أموال المودعين. ولكن سوف أحاول توجيه البوصلة بالشكل الصحيح لربما يتعظ بعض الناس ويقومون بالتحرك نحو المسبب وليس النتيجة.
سأروي لكم قصة تختصر ما أود قوله في الاقتصاد والنظريات الاقتصادية المعقدة التي لطالما تكلمت عنها انا وغيري من أصحاب الاختصاص.
كان في أحدى القرى نبع ماء بالعامية "عين" وكان جميع سكان البلدة يقصدونها لتلبية حاجاتهم اليومية من الماء لإستعمالها في الشرب، والطبخ، والغسل والخ... وفي أحد الأيام اشتكى أهالي البلدة من التلوث الذي حصل في مياه " العين" فقام مجموعة من أبناء البلدة بالتقصي عن الموضوع لمعرفة السبب. وبعد جهد جهيد اتضح أن قصر الملك الذي يتربع على أحدى قمم البلدة هو السبب، بحيث أن المجارير والصرف الصحي جميعها تذهب في مجرى النبع وتسبب هذا التلوث. فعندما انتشر الخبر في أرجاء البلدة جن جنون الناس وذهبوا لقطع مياه " العين" وإغلاقها كليا! وعندما وصلوا إلى العين ثائرين وغاضبين، شاهدوا رجلا مسننا يقوم بملء ما تيسر من المياه قبل وصول " الثوار" من اهل البلدة. وعندما رأوه صاح به احدهم بغضب شديد وقال له: ماذا انت فاعل؟! ألا تعرف أن هذا النبع ملوث، واننا سنقوم بإغلاقه كليا !؟ فأجاب المسن هل هناك من نبع اخر في البلدة ؟ فأجابه الجميع "لا" ، فقال المسن يا ابنائي إن كثرة الحماس من دون بديل يؤدي بنا الى التهلكة ،على الأقل إذا لم نستعمل هذه المياه للشرب، يمكننا أن نستعملها للغسل وقضاء الحاجة إلى حين يمكننا منع الملك من المضي في تلويث هذه المياه. علينا جميعا أن نواجه السبب وليس النتيجة. فإذا استطعنا منع الملك من تلويث النبع ستعود مياه النبع نظيفة وتكفينا لقضاء جميع حاجياتنا.
عسى أن تكون هذه القصة البسيطة قد أتت بثمارها. على الرغم من أن المصارف تحمل جزاء من المسؤولية ولكن متابعة التهجم عليها سوف يعطيها ذريعة للاقفال، وعندها لن يستطيع المودع حتى تحصيل الحد الأدنى من حقه كما يحصل اليوم. لذلك على الناس جميعا التوجه إلى "الملك" وعدم إعطاء بعض المصارف سبب للاقفال وشطب ما تبقى من أموال المودعين.
لن نستطيع استعادة الأموال بهذه الطريقة فالسبيل الوحيد هو إجبار من كان ومازال في السلطة على إيجاد خطة اقتصادية "وما اكثرها" للنهوض من هذه الأزمة واستعادة الأموال.
إلى حينها يجب على المودعين الدفع دائما في سبيل التهدئة وتحصيل ما تيسر لهم إلى حين النجاح في الضغط على الدولة لإيجاد الحل العادل.