طوني كرم - نداء الوطن
تغيب المنصّات التي واكبت الانتخابات النيابية بين جموع المنتفضين في ساحات «17 تشرين» عن الإستحقاق الرئاسي والمساعي الآيلة إلى التوفيق بين نواب المعارضة من الأحزاب السيادية والمستقلين وتكتل «نواب الـ13»، ليقتصر دورها على طاولات «العصف الذهني» تاركةً للنواب تحمّل مسؤولية التوصّل إلى رؤية مشتركة واضحة واسمٍ واقعي يشكل مرتكزاً لاستقطاب وتأييد العدد الأكبر من الكتل النيابية.
وفي السياق، تشير «كلنا إرادة» وهي إحدى المنصات التي أدّت دوراً كبيراً في تشكيل اللوائح ودعمها بكافة الإمكانات المادية والإعلانية المطلوبة، إلى أن الأولوية اليوم تكمن في توصل النواب إلى الإلتفاف حول اسم ومشروع واضح قادر على خوض معركة حقيقية بوجه مرشح «حزب الله» الأساسي، بعيداً عن خوض غمار «الترويج» لهذا المرشح أو ذاك مع غياب المرشحين الجديين من القوى السيادية عن السباق الرئاسي قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون.
وعن المبادرة التي أطلقها تكتل «نواب الـ13»، ترى أوساط متابعة في منصة «كلنا إرادة» أن اللقاءات التي جمعتهم مع النواب المطلوبين للعدالة شكّلت صدمة في صفوف «الثوار»، كان بالإمكان تجنّبها رغم الأهمية التي رافقت الجولة على جميع الكتل النيابية من أجل تأمين حظوظ عملانية وفعليّة لأحد المرشحين «السياديين» بعيداً عن المواقف والتصاريح التي تقتصر على الخطابات الإعلامية، ما يعكس وضوحاً في الرؤية والتوجه، يتجلّى أكثر مع دخول «نواب الـ13» في مناقشة الأسماء مع غالبية الكتل النيابية والرأي العام الذي يترقّب «التغيير» المنشود في أداء المسؤولين والرؤساء، بعد الشعارات الرافضة التأقلم والتعامل مع الوجوه السياسية التقليدية التي دفعتهم إلى ساحات «17 تشرين».
وتوقفت مجموعات الثورة التي نُسب إليها تمثيل «المجتمع المدني» بحسرة عند التنسيق اللاحق لتكتل «نواب الـ13» معهم وإطلاعهم على «المبادرة الرئاسيّة» بعد انتهاء جولتهم على السياسيين، مؤكدين أن الوقوف على رأي المجموعات التغييرية قبل إطلاق المبادرة كان ليضفي المزيد من الشفافية على المسار الذي اعتمده «نواب الـ13»، رغم الإنطباع الإيجابي لتفنيد مواصفات الرئيس المطلوب إيصاله إلى بعبدا في مبادرة مكتوبة وواضحة.
ومع تضارب المواصفات والأجندات لهوية الرئيس العتيد في الدرجة الأولى أكان عبر إعطاء الأولوية لإدارة الأزمة الإقتصادية المالية أم الولوج في معالجة الأزمة السياسية التي تشكل مدخلاً للمعالجات والأزمات الأخرى، ربطت «كلنا إرادة» الإستحقاق الرئاسي بتلازمه مع تشكيل الحكومة وشكلها والتعيينات المرتقبة، مشيرة إلى أن المطلوب من الرئيس مقاربة وتوجه واضحان لكيفيّة حلّ الأزمات المتداخلة دون الحاجة إلى أن يكون خبيراً إقتصادياً على سبيل المثال، وأن يعمد إلى معالجة الملفات الشائكة وفق خارطة أولويات واضحة ونيّة سياسية هادفة إلى تقديم الحلول الوطنية على حساب المصالح الحزبية والعائلية والشخصيّة الضيقة، بعيداً عن الإستفراد في طرح الملفات الصدامية خلال المرحلة المقبلة، ما يؤدي إلى تجنّب المزيد من الشرخ والإصطفافات السياسية والمناطقية التي تعكّر الإستقرار وتزيد الهوة بين المواطنين والسياسيين كما بين الدولة اللبنانية وسائر الدول الصديقة في العالم، والتي يُنظر إليها بعين الأمل من أجل عودتها إلى لبنان والوقوف إلى جانب أبنائه، آملة في أن يتمكن النواب من الإلتفاف حول مرشحٍ قادرٍ على تبني مشروع إقتصادي سياسي واضح للعبور بالإستحقاق الرئاسي ولبنان إلى برّ الأمان.