نقلا عن صوت بيروت إنترناشونال
لينا الحصري زيلع
في ذكرى 33 لاتفاق الطائف الذي أبرم برعاية سعودية في نهاية شهر أيلول 1989 والذي اسفر عن انهاء سنوات قاسية من الحرب الاهلية اللبنانية وبات دستور لبنان الجديد، كان للرئيس الشهيد رفيق الحريري الدور الأبرز للتوصل الى هذا الاتفاق من خلال الثقة التي اولاها له خادم الحرمين الشريفين الملك السعودي فهد بن عبد العزيز رحمه الله، حيث ناضل الرئيس الشهيد خلال سنوات عمله في السياسة لتنفيذ هذا الاتفاق بحذافيره الا انه كان ضحية هذا الاتفاق.
من هنا، فقد كان للرئيس الشهيد رفيق الحريري دورا أساسيا كبيرا وايجابيا جدا بإنجاح مؤتمر الطائف من اجل انقاذ لبنان ووضع نهاية للحرب الاهلية التي دمرته ودمرت اقتصاده وشكلت خطرا على وحدة الشعب والوطن والعيش المشترك، وأعاد احياء المؤسسات الدستورية التي توقفت عن عملها بسبب الحرب والانقسامات السياسية، واهمية هذا لاتفاق انه لم يخرج الى النور الا من خلال اللقاءات التي صاحبته برعاية من الدول العربية على راسها المملكة العربية السعودية التي واكبته وساهمت في عملية نهوض لبنان وإعادة اعمار البنية الاقتصادية فيه مما جعله قادرا وبسرعة ملفته للعب دوره على الصعيد الداخلي والعربي والعالمي سواءً من الناحية الاقتصادية والسياسية والثقافية، وساهم هذا الاتفاق بإعادة وضع لبنان على خارطة العالم على كافة المستويات.
الرئيس الشهيد رفيق الحريري بذل اقصى جهوده لعودة الحياة الى لبنان، خصوصا انه جاء نتيجة الاتفاق الذي جرى في القمة العربية التي عقدت في المغرب بالعام 1989 وتم خلالها تشكيل لجنة ثلاثية ضمت العاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز والملك المغربي حسن الثاني والرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد وتولت هذه اللجنة التحضير لهذا المؤتمر، علما ان العاهل السعودي الملك فهد رحمه الله هو من قرر تفويض الرئيس الشهيد الحريري من خلال كل مساعيه لمواكبة كل المراحل التي أدت للوصول لاتفاق الطائف والذي نتج عن تغييّر لوجه لبنان ونقله من مرحلة الحرب الى مرحلة الاعمار والانماء.
هذا الاتفاق الذي كان يُأمل منه نتائج اكثر بكثير مما نفذ حتى الان، خصوصا انه اتى نتيجة بذل الكثير من الجهود، لان مضمونه اعاد التوازن الى الصيغة السياسية في لبنان وأعطى لكل حق حقه كذلك حَرِص هذا الاتفاق على احترام الدستور والقوانين وتطبيقها من خلال مشاركة الطوائف اللبنانية في نجاح هذا الصيغة الفريدة من نوعها في العالم وهي صيغة العيش المشترك والتي يجب التمسك بالحفاظ عليها من قبل جميع اللبنانيين، خصوصا ان مضمونه السياسي اكد على امر اساسي وهام جدا وهو ان لبنان وطن حر سيد مستقل واحد ارضا وشعبا ومؤسسات ووطن نهائي لجميع أبنائه، كما انه اكد على مشاركة كل الطوائف في الحكم بحيث تتوزع المسؤوليات على كل الطوائف التي لكل منها دورها في المساهمة في الحكم ضمن اطار مبادئ الحق والمساوات والديموقراطية بحيث ينعم الشعب اللبناني بنظام سياسي يؤمن لكل مواطن الحرية والديموقراطية وإمكانية المشاركة في النهوض بالبلد، كما ان هذا الاتفاق حرص على المحافظة على حقوق الجماعات التي يتكون منها المجتمع اللبناني مما جعل هناك توازن قائم على الصعيد الفردي والحريات والجماعات والذي امن الدستور حقها في ان يكون لها دور أساسي في صياغة العيش المشترك والدفاع ومبادئ الحرية في لبنان.
فالرئيس الحريري معروف انه كان من احرص الأشخاص لتنفيذ كافة بنود اتفاق الطائف باعتباره المدخل لوصول لبنان الى اعلى مستوى من درجات الرقي والنهوض والانماء والديموقراطية والمساواة بين اللبنانيين ضمن العيش في بلد حر ومستقل عربي يساهم أبنائه في انماء محيطهم العربي وفي الحضارة العالمية.
ولكن للأسف، فإن حلم الرئيس الشهيد لم يتحقق ولا يزال هناك من يحارب تنفيذ هذا الاتفاق مع العلم ان تحقيقه سيكون لمصلحة جميع اللبنانيين من كافة الطوائف، ولكن يبقى الامل بأن يستطيع نجله البكر بهاء الحريري في استكمال الحلم وتنفيذ ما لم يستطع والده الشهيد تحقيقه وستبقى الحريرية السياسية الحل الوحيد للحفاظ على لبنان ومستقبله وشعبه.