خالد العزي
حاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الظهور بمظهر المنتصر خلال خطابه أمس بمناسبة ضمّ 4 مقاطعات أوكرانية إلى روسيا بواسطة الاستفتاء الذي حوّله العسكر إلى انتصار شكلي للدولة الروسية، في ظلّ الانتكاسات الميدانية المتتالية التي حصلت للجيش الروسي على الجبهات الأوكرانية.
والجدير بالذكر أن إعلان إنضمام المقاطعات الأربع، حصل في ظلّ عدم السيطرة الروسية على كافة الأراضي لهذه المقاطعات، ما يعني أن خطوات بوتين في هذا الإعلان وضعه وقيادته في مواجهة مع الناس، فيما يحاول التغطية على الفشل العسكري وتحقيق الأهداف التي أُعلن عنها قبل دخول الحرب الأوكرانية.
وخطوة الضمّ قضت نهائيّاً على عملية التفاوض للوصول إلى حلّ سلمي يُنهي الحرب المستمرّة منذ 7 أشهر، ما يدلّ على عمق الأزمة التي باتت تُسيطر على المشهد وتضع القادة الروس في مأزق.
فمنذ شهرَين يُحاول الروس إجلاس أوكرانيا على طاولة المفاوضات بشروطهم التي لم تتغيّر في ظلّ الانتصارات الأوكرانية على الأرض. وهذا الخطاب الروسي الجديد من خلال الضم يعني أنه قطع الطريق على التفاوض ويُمكن الوقوف أمام الخطاب بأربع مسائل:
- أراد بوتين القول إن التعبئة هي للدفاع عن الأراضي الروسية التي حدّدها الاستفتاء. والصمود فيها مطلوب من أجل السير بالتفاوض وفقاً لهدف البقاء في المناطق التي احتلّها وأعلنها روسية.
- بوتين يُعلن احتلال 4 مناطق لا تزال أجزاء كثيرة منها، خصوصاً في زابوريجيا، بعيداً عن سيطرة القوات الروسية، ما يعني أن أهدافه مستمرّة بتوسيع الأرض والسيطرة، من خلال تجهيز قوات ومعدّات للاستمرار بالحرب، والتفاوض ما هو إلّا تقطيع وقت خدمة لروسيا.
- يُحاول بوتين من خلال خطابه تبرير الحملة والتعبئة والخسائر أمام الشعب الروسي في احتفال هزيل لتغطية فشل مخطّطاته وانتكاسات جيشه، في الوقت الذي لا يزال فيه الجيش الأوكراني يُسجّل انتصارات باستعادة قرى ومناطق جديدة.
- بعد هذه التعبئة وإرسال روسيا لمجنّديها إلى مناطق القتال الجديدة التي باتت روسية، سوف يُطلق بوتين نداء للغرب وكييف بأن على الجيش الأوكراني الخروج من هذه الأراضي بإعلان أهلها العودة إلى أراضي الأجداد، أو سيكون الردّ باستخدام "النووي التكتيكي" لحماية الأمن القومي الروسي.
والتحدّي الذي سيطرح نفسه على بوتين: في حال استطاع الأوكرانيون استعادة أراضٍ جديدة من هذه المقاطعات التي ضمّها إلى روسيا، سيدفع القوميين الروس الذين شجّعوا حملته العسكرية للوقوف في وجهه واتهامه بعدم تمكّنه من الدفاع عن الأراضي الروسية التي خسرها أمام "المتطرّفين" الأوكران.
وفي ظلّ التوجّهات الروسية، نرى ردّة الفعل الأوكرانية في استكمال عملية الهجوم العسكرية التي تستمرّ بشكل مخطّط لها، والتي تُشير إلى أن "ما تفعله موسكو لا يهمّنا ولا يعنينا، بل تحرير الأقضية الأربعة الأساسية"، وربّما عملية تحرير مدينة ليمان في دونيتسك هي عملية ردّ فعل على القضم الروسي الذي يفتح المجال أمام الأوكران لتحرير مدن جديدة.
وقد أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في رسالته اليومية دعوة مجلس الأمن القومي للاجتماع في الأوّل من تشرين الأوّل المقبل لدراسة الردّ الفعلي على الخطوات الروسية التي أعلنها بوتين في رسالته أمام الشعب ومجلس النواب ووسائل الإعلام المحلية والعالمية، والقاضية بالضمّ، بالإضافة إلى التهديد باستخدام السلاح النووي الروسي الذي يُعتبر تهديداً جدّياً بالنسبة إلى القادة الأوكرانيين، فضلاً عن عملية التعبئة العسكرية التي تقوم بها القيادة العسكرية الروسية لتأمين قوة عسكرية جديدة.
وفي المقابل، تستعدّ دول الاتحاد الأوروبي إلى توسيع العقوبات ضدّ روسيا، والذهاب إلى حدّ فرض حزمة ثامنة من العقوبات الجديدة ضدّها، وتحديداً على أسعار الغاز الروسي والعالمي.
ولا بدّ من القول إن مغامرة الرئيس الروسي في أوكرانيا كانت تهدف للتوسّع داخل الأراضي الأوكرانية والسيطرة على منافذ البحر الأسود والحصول على سلّة الغذاء العالمية والتهديد الدائم للغرب باستخدام سلاح الطاقة، وصولاً إلى السلاح النووي، كوسائل لفرض نفوذ روسيا بقوّة السلاح وإبتزاز الغرب.
لكن السؤال يبقى: هل سيتمكّن بوتين بخطوة الضمّ الوصول إلى تسوية فعلية لإنهاء الحرب القائمة أو بذلك يكون فتح جبهة دائمة طويلة الأمد يتمّ فيها استنزاف روسيا؟
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا