ابتسام شديد - الديار
لم يكن متوقعا ان تنتج جلسة ٢٩ أيلول رئيسا جديدا للجمهورية، فكل المؤشرات كانت تدل على انها جلسة شكلية ليس أكثر لجس النبض في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي، بداية من مؤشر دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري المفاجئة والسريعة لعقد الجلسة، والتي أتت ردا على الدعوات التي أطلقت من أطراف سياسية ودينية لإجراء الاستحقاق في مواعيده، استباقا من قبل عين التينة لمحاولة تحميل فريق المجلس مسؤولية تأخير او تعثر العملية الرئاسية، و»حشر» بري الكتل النيابية ووضعها أمام مسؤولياتها قبل الدخول في مهلة العشرة أيام من انتهاء الولاية الرئاسية قبل ان يصبح المجلس في حالة انعقاد دائم.
دعوة بري أحرجت الخصوم والحلفاء معا ، وأكثر المربكين كان فريق المعارضة الذي لم يستطع ان يثبت إيقاعه، وأظهر تشرذمه وعدم توحده مرة جديدة، اذ يؤكد المطلعون على الأجواء والحركة المكوكية لقوى المعارضة عشية الجلسة، ان كل اللقاءات التي سبقت الجلسة سواء في «بيت الكتائب» مع قوى «التغيير»، او تلك التي حصلت بين مستقلين والنواب السنّة لم تساهم في تقريب وجهات النظر والاتفاق على مرشح واحد، خصوصا ان نواب المعارضة و»التغيير» انقسموا بين التصويت للنائب ميشال معوض (تكتل «الجمهورية القوية» و»الكتائب» و»اللقاء الديموقراطي» وكتلة «التجدد») ، وقرار إعتماد الورقة البيضاء وانتخاب «التغييريين» سليم اده ( على اعتبار انه من خارج الاصطفافات السياسية )على الرغم من طرح سابق ل «التغييرييين» لعدد من الأسماء الأخرى.
مصادر النواب «التغييريين» أقرّت بحصول الافتراق في ساحة النجمة بينهم وبين المعارضة، على الرغم من التلاقي بين الطرفين على المبادىء والأسس كما حصل في استحقاقات سابقة، وكما في كل مرة يحدث الانقسام فلا يصل أي مرشح في أي استحقاق، وكعادتهم تقوم كتل المعارضة بإلقاء اللوم على «التغييريين».
وتعترف مصادر «التغييريين» ان ما يحصل في الإستحقاقات الدستورية نتيجة التنوع داخل مجموعات المعارضة، وليس بالضرورة دليل تشرذم او ضعف ،لأن النواب لديهم مقاربات سياسية مختلفة ومتنوعة.
ويعتبر النواب «التغييريين» ان ما حصل في البرلمان طبيعي، حيث سعت المنظومة السياسية للإقتراع بالأوراق البيضاء وتطيير نصاب الجلسة، فكل التوقعات كانت معروفة بأن أي فريق لن يستطيع ان يؤمن ٨٦ صوتا في الدورة الأولى، كما سيتم تطيير النصاب في الدورة الثانية.
بالنسبة الى فريق ٨ آذار، فان المعارضين وقعوا في فخ أخطائهم مجددا ولم ينجحوا في الإتفاق على مرشح موحد، على الرغم من كل الاجتماعات التحضيرية، وعلى الرغم من كونهم أول من بدأ البحث في معايير الرئيس المقبل، فلقاءاتهم ومشاوراتهم أتت من دون جدوى.
ووفق أكثر من مصدر، فان المعارضات حاولت ان تتفق في جلسة ٢٩ أيلول، لكنها لم تجمع أوراقها كلها لربح المعركة الرئاسية، فكانت النتيجة توزع الأصوات بين ٣٦ صوتا لميشال معوض و١١ لسليم اده وتضعضع النواب السنة والمستقلين. وهذا السيناريو في حال تكرر في المستقبل واستمرت المعارضة بتفرقها، فإنها لن تستطيع ان تواجه الاستحقاق الرئاسي.