فادي عيد - الديار
فرضت الظروف الداخلية والخارجية إعادة تفعيل الإتصالات، لا سيما على خط بعبدا ـ السراي، وإنهاء الوضع الحكومي لجملة اعتبارات وظروف استوجبت إعادة تحريك الملف الحكومي، بعدما بلغت الفوضى ذروتها وباتت تهدّد السلم الأهلي، وثمة من يشير عبر تقارير ديبلوماسية ومخابراتية محلية وغربية، إلى أن هناك أكثر من مخطّط لضرب حالة الإستقرار والشروع في الفوضى من خلال الدخول إلى ما هو أكثر من المصارف، وبالتالي أن الأجواء الخارجية، وفي المنطقة تحديداً، بالغة الدقة في ظل مخاوف من أن يصار إلى تسخين الوضع الميداني، وقيام «إسرائيل» باعتداءات على سوريا، وربما استهداف للبنان قبل الإنتخابات «الإسرائيلية»، وغالباً ما يلجأ العدو الاسرائيلي إلى هذه الأساليب على خلفية من سيكون رئيس وزرائها، الأمر الذي يستدعي قيامها بعمليات عسكرية من باب الإنتخابات التشريعية «للكنيست»، وهذا ما تكرّر في أكثر من محطة واستحقاق، خصوصاً أنها تحاول أن تستغلّ أجواء المنطقة الضبابية، وما يحيط بها من حروب ونزاعات.
وفي السياق، فإن مصادر سياسية عليمة، تؤكد بأن عودة التواصل على خط التأليف، جاء عبر أكثر من لقاء وتشاور بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، من خلال توافقهما على ضرورة عدم إعطاء أي فرصة لرئيس الجمهورية ميشال عون كي يبقى في قصر بعبدا، ولو لدقيقة واحدة بعد انتهاء ولايته الدستورية، خصوصاً أنه يتذرّع بأن الحكومة الحالية لا يمكنها أن تتسلّم مقاليد السلطة، لأنها برأيه غير دستورية، وهذا ما ينسجم ويتماهى مع مواقف رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل.
هذا وكان هناك تشاور بين بري وحزب الله الذي عمل على تليين مواقف الرئيس عون وباسيل من خلال تعديل وزاري، وهذا ما تم التوافق عليه في نهاية المطاف، ومن هنا أيضاً طغت هذه المسألة على ما عداها، لأن التعديل هو أبغض الحلال في خضم هذه الظروف التي لا تسمح بتشكيل حكومة ثلاثينية كما أرادها الرئيس عون، ولكن السؤال يبقى إذا كان ما تم التفاهم عليه بين عون وميقاتي قائماً إلى حين عودة الأخير من نيويورك بعد مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث ينقل بأنه حدّد معظم مواعيده مع الشخصيات التي سيلتقيها على هامش هذه الجمعية، وقد يلتقي بوزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن، ومن الطبيعي فإن هذه اللقاءات ستوضح مواقف الدول المعنية بالشأن اللبناني، وتحديداً نظرتها إلى الإستحقاق الرئاسي، لذا وربطاً بهذه اللقاءات، وبما سيسمعه ويتلمّسه ميقاتي في نيويورك، فإن الأمور قد تتغيّر وتتبدّل على الصعيد الحكومي في حال أُبلغ بمواقف من شأنها أن تعيد خلط الأوراق إن حكومياً أو رئاسياً.
لذلك، فإن تشكيل حكومة جديدة أو التعديل الذي بات شبه محسوم حول حقيبة وزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين، لا يلغي من إعادة الأمور إلى المربع الأول بين بعبدا والسراي، أو من خلال ما سيحمله ميقاتي معه من معطيات غربية وعربية، على اعتبار أنه سيلتقي حصراً، وبشكل أساسي، مع المولجين بالملف اللبناني.
وعلى هذه الخلفية، فإنه ليس ثمة أي شيء محسوم حتى الآن، أكان حكومياً أو على صعيد الإستحقاق الرئاسي، في ظل هذا الوقت الضائع، لأنه وإلى حين عودة الرئيس المكلّف من الخارج، فقد يصار إلى أكثر من تطوّر ومتغيّر في خضم التفلّت الذي تمرّ به الساحة الداخلية، وكل الدلائل تصب في خانة ارتفاع منسوب التصعيد في الشارع، ربطاً باستمرار تدهور العملة الوطنية وارتفاع أسعار المحروقات والسلع الغذائية، ودون تحقيق أي مكاسب إجتماعية للقطاعين العام والخاص.