محمد علوش - الديار
مع ارتفاع وتيرة الحديث عن اقتراب تشكيل الحكومة، لا بد من العودة بالذاكرة الى مرحلة تشكيل الحكومة الحالية، التي شهدت عمليات مدّ وجزر كبيرة وكثيرة، فما يُحكى عن اقتراب التأليف، وإن كان مسنوداً على معطيات جدية، إلا أنه يبقى قاصراً عن تأكيد النتائج، لأن رؤية الأطراف المساهمة بالتأليف ليست متطابقة بالنسبة لمستقبل لبنان القريب.
أكثر من مرّة قيل أن الحكومة ستُشكل قبل مرحلة الفراغ الرئاسي، دون ان يعني هذا أن المشاكل في لبنان حُلت أو سكلت طريق الحلول، فمن حيث المبدأ، تقول مصادر سياسية، لا يمكن النظر إلى أي إتفاق على تشكيل حكومة جديدة على أساس أنه جزء من تسوية كبرى منتظرة، نظراً إلى أن القوى المعارضة في المجلس النيابي، بإستثناء كتلة «اللقاء الديموقراطي» ستكون خارجها، وبالتالي يمكن وصفها بالتوافق على تمرير المرحلة المقبلة بأقل قدر ممكن من الأضرار إلى حين الوصول إلى لحظة الإتفاق على إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، خصوصاً أن فريق رئيس الجمهورية ميشال عون كان قد هدد بالذهاب إلى خطوات غير متوقعة، في حال الوصول إلى الشغور الرئاسي في ظل حكومة تصريف أعمال، وهو ما لا يُناسب الفريق الشيعي بالدرجة الأولى، ولا يُناسب ميقاتي أيضاً.
حتى الآن، الصيغة التي ستكون عليها الحكومة المقبلة، بغض النظر عن الأجواء الإيجابية التي تضخها مختلف القوى لا تزال غير واضحة، بحسب المصادر، نظراً إلى أن الخيارات لا تزال مفتوحة، بين الذهاب إلى تأليف حكومة جديدة أو إبقاء الحالية على حالها بعد إدخال بعض التعديلات عليها، لا سيما أن الكثير من علامات الإستفهام تُطرح حول الثمن الذي سيحصل عليه «التيار الوطني الحر»، من أجل الموافقة على تسهيل عملية التأليف، من دون الأخذ بمطلبه إنضمام 6 وزراء دولة سياسيين إليها، الأمر المروفض من قبل العديد من الجهات الأخرى.
على هذا الصعيد، هناك من يعتبر أن الثمن من الممكن أن يكون بين أمرين: الأول هو على مستوى القرارات التي قد تذهب هذه الحكومة إلى أخذها بعد تشكيلها، أما الثاني فهو ضمانات متعلقة بالإستحقاق الرئاسي، وهو الأمر الأكثر ترجيحاً، حيث أن حزب الله، الذي كان قد دخل على خط المفاوضات الحكومية بقوة في الأيام الماضية، يُعتبر هو الجهة الوحيدة القادرة على تأمين الضمانات اللازمة التي قد يكون التيار بأمسّ الحاجة إليها في الوقت الراهن، مع العلم أن الوصول إلى الأزمة الدستورية، التي كان الجميع يحذر منها، سيكون له تداعيات سلبية على موقع الحزب والتيار معاً في الإستحقاق الرئاسي، وهو ما أكدته مصادر سياسية عديدة في الفترة السابقة، حيث أن التفاوض على وقع الفوضى أصعب بكثير من التفاوض الهادىء نسبياً، ولو أن الهدوء في لبنان غير متوافر حالياً.
وترى مصادر متابعة لمشاورات تأليف الحكومة أن عملية منح التيار الوطني الحر ما يُريده لن تكون سهلة، خاصة على مستوى تقبل ميقاتي وبري لها، معتبرة أنه يمكن الوصول الى حل وسطيّ بين ما يريده التيار بالملف الرئاسي، وبين ما يمكن تقديمه له من ضمانات، لأن كل أمر لا يتضمن حصول الرئيس عون وباسيل على حوافز، يعني أن القبول له سيكون مستحيلاً، كون التيار يرى أن مرحلة الفوضى ستكون أفضل للوصول الى أهدافه الكبرى المتعلقة بتغيير النظام.
وتؤكد المصادر أنه فور صدور مرسوم تشكيل الحكومة الجديدة، فهذا يعني أن باسيل حصل على ما يريده او على الأقل على جزء كبير مما يُريده.