النهار
43 يوما فقط لا تزال تفصل عن نهاية ولاية الرئيس ميشال عون، ولا يزال المشهد السياسي الداخلي يفتقد بقوة الى أي مؤشرات عملية الى ان استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية المقبل سيحصل ضمن موعده في المهلة الدستورية بما يطلق العنان لكل السيناريوهات القاتمة التي ترجح احتمال الشغور الرئاسي على سائر الاحتمالات اقله حتى اللحظة السياسية الراهنة. ولكن مثار القلق لا يقف عند معالم الانسداد في افاق الاستحقاق الرئاسي، علما ان المؤشرات التي برزت أخيرا في شأن التوصل الى بت الملف الحكومي وإعلان تشكيلة حكومية معدلة جزئيا في نهاية الشهر الحالي كما بات متوقعا، تلقفتها الأوساط السياسية والشعبية على انها دليل تحسب حاسم لاحتمال الشغور الرئاسي. وتردد في هذا السياق ان ثمة حضا خارجيا من دول معنية برعاية الوضع في لبنان على “تنفيسة” حكومية سريعة لمواجهة كل الاحتمالات. اذ ان معالم القلق والخوف تزايدت عبر السباق القائم بين زحمة أولويات ملحة تداخلت فيها تداعيات ملفات استراتيجية مثل ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وضغط عامل الوقت فيه، بتداعيات ملفات حياتية – امنية داهمة مثل ملف اقتحامات المصارف التي ستقفل أبوابها من اليوم الى الخميس المقبل، وسط حالة شكوك عميقة في أي معالجات مقبلة ما لم تستند الى حلول مالية ومصرفية تفرج كرب الناس، وهو الامر الذي يبدو متعذرا للغاية في هذه الظروف. تبعا لذلك يجري رصد مجريات الأسبوع الطالع بدقة وحذر بالغين خصوصا لجهة بلورة التطورات المتصلة بملف ترسيم الحدود البحرية بعد جولة التهديدات المتقابلة التي تبادلها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ومسؤولين اسرائيليين في اليومين الأخيرين، كما ترصد طبيعة المشاورات الفرنسية – السعودية – الأميركية التي ستجرى في نيويورك على هامش اعمال الدورة العادية للأمم المتحدة وهي مشاورات تكتسب أهمية بارزة لكونها تجمع مسؤولين ملمين بالملف اللبناني في الدول الثلاث. وسيركز التشاور والبحث في ما بينهم على الاستحقاق الرئاسي في ظل السيناريوات المطروحة ومواقف كل من الدول الثلاث من هذا الاستحقاق. واما الملف المعيشي والمصرفي فينتظر بلورة الإجراءات التي سيتم اتخاذها امنيا وماليا ومصرفيا لاحتواء موجة الاقتحامات كما جرت الجمعة الماضي علما ان المخاوف من تكرارها ازدادت ولم تتراجع، الامر الذي قد يوجب إجراءات مالية ومصرفية جديدة وعدم الاكتفاء بتعزيز باجراءات الحماية في المصارف .
وتجتمع جمعية المصارف اليوم للبحث في المشكلة وسط رأيين فيها: الأول يقول بالاضراب ليوم واحد وتوجيه رسالة الى المسؤولين لتحمل مسؤولياتهم في حماية الموظفين والعاملين في المصارف. والثاني يدعو الى اضراب مفتوح بغية منع تكرار ما حصل ولكن ثمة حذر حيال الطرح الثاني خشية حصول تداعيات سلبية اوسع واخطر.
وفي الملف الحكومي بات شبه مؤكد ان التعديل سيقتصر من ضمن التركيبة الحكومية الحالية على استبدال وزير المهجرين عصام شرف الدين بدرزي اخر تردد اسم مرشح له هو رجل الاعمال غير المحسوب على أي طرف درزي رمزي سلمان. كما ان هناك توجها الى تبديل وزير المال يوسف الخليل بالنائب السابق ياسين جابر بعدما أشار الخليل الى استعداده لعدم متابعة مهماته الوزارية. ويجري التداول بامكان استبدال اسم مسيحي ايضا.
موقف واشنطن
وسط ترقب ترددات الجولة الأخيرة من التهديدات المتبادلة بين “حزب الله” وإسرائيل في ملف ترسيم الحدود البحرية، أعلنت مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى السفيرة باربرا ليف في ايجاز صحافي عقدته عبر الهاتف على اثر جولة في المنطقة اخيرا ” ان هوة الاختلافات تتقلص في موضوع ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل والامور تسير على ما يرام حتى الان” وشددت في موضوع الاستحقاق الرئاسي على “ان الشعب اللبناني يجب ان يتحمل مسؤولية ضمان انتخاب رئيس بشكل مناسب. واضافت “نحن نشهد تقدما في المناقشات في موضوع الحدود البحرية، ويظهر الجانبان مشاركة جيدة وبناءة. أتحدث مع مبعوثنا الخاص آموس هوكشتاين بشكل منتظم، وهو ملتزم جدا بحل هذه المسألة إذا كان الجانبان يرغبان في ذلك والأمور تسير على ما يرام حتى الآن. تتقلص الهوة بين الاختلافات”.
وقالت “لقد كان الاجتماع الفرنسي السعودي نقاشا ثنائيا، ولكن لا شك في أنني سألتقي بزملاء سعوديين وفرنسيين في نيويورك وسنواصل النقاش الذي نجريه منذ البداية ” . واضافت ” سنشجع القادة السياسيين اللبنانيين ونضغط عليهم لأداء واجبهم” .
نصرالله
وكان السيد حسن نصرالله اطلق مجموعة ملتبسة من المواقف المرنة والمتشددة حيال مختلف المواضيع التي تناولها في كلمته السبت الماضي . ففي الموضوع الحكومي امل في تشكيل حكومة جديدة في وقت قريب، وقال “اليوم لدينا امال كبيرة في هذا المجال، منعا للدخول في نوع من انواع الفوضى” . وفي الاستحقاق الرئاسي قال “نؤكد اهمية حصول الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري، هناك دعوات للاتفاق حول رئيس وندعو الى التوافق على اسم بعيدا من الفيتوات” داعيا الى انتخاب رئيس يحظى باوسع توافق حوله .
وفي ملف ترسيم الحدود البحرية، اعتبر “اننا امام فرصة ذهبية وتاريخية لاستخراج الغاز والنفط لمعالجة ازمته، والمهم ان لا يحصل الاستخراج من حقل #كاريش قبل حصول لبنان على مطالبه المحقة وفق خط 23. الخط الاحمر لدينا هو بدء الاستخراج للنفط والغاز من كاريش”. ومع انه قال “اننا نريد اكل العنب ” لكنه هدد إسرائيل قائلا “عيننا على كاريش وصواريخنا كذلك. والاسرائيلي لديه من المعطيات الكافية على جدية موقف المقاومة. واذا فرضت المواجهة لا مفر منها على الاطلاق”.
وفي ما يتصل بقرار مجلس الامن الأخير بالتمديد لـ”اليونيفيل”، قال: “هو علامة من علامات ترهل الدولة اللبنانية، وهو موضوع خطير وتداعياته اخطر وهذا فخ نصبه العدو للبنان. لم نستطع ان نعرف من هو المسؤول وفي كل الاحوال من فعل ذلك هو إما جاهل او متآمر، لانه يشكل خطرا داهما على منطقة جنوب البقاع”.
واثر كلام نصرالله في موضوع الترسيم حذّر مسؤول عسكري إسرائيلي “حزب الله” من أنه “إذا قام بتنفيذ تهديداته بمهاجمة إسرائيل، فسيواجه ردًا قاسيًا.”
وامس افاد موقع “والا” العبري إنه بعد تهديدات نصر الله الأخيرة باستهداف منصة “كاريش” بالصواريخ، “أرسلت إسرائيل بالفعل رسائل تأهب عملياتي واستعداد لأي سيناريو”.
الراعي
اما في المواقف البارزة من المشهد الداخلي فاعتبر امس البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لدى ترؤسه القداس السنوي عن أرواح “شهداء المقاومة اللبنانية” في سيدة إيليج :” نحن نواصل رفع الصوت من أجل قيام دولة لبنان على أسسها الدستوريّة والميثاقيّة، المؤهلة لتأمين خير جميع اللبنانيّين وكلّ لبنانّي. واليوم نرفع معكم ايها الحاضرون والمشاهدون والسامعون الصوت عاليًا مطالبين تشكيل حكومة جديدة قادرة، وبانتخاب رئيس جديد للجمهوريّة قبل نهاية عهد فخامة الرئيس أي قبل الحادي والثلاثين من تشرين الأوّل المقبل، يكون رئيسًا متمكّنًا من كلّ المواصفات التي يجمع عليها كلّ اللبنانيّين