دوللي بشعلاني - الديار
لا بدّ وأن يؤثّر الكلام الأخير الذي أطلقه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله خلال ختام المسيرة العاشورائية التي نظّمها حزب الله في الضاحية الجنوبية، محذّراً خلاله العدو الإسرائيلي بالقول: «إنّ اليد التي ستمتدّ الى أي ثروة من ثروات لبنان ستُقطع كما قُطعت عندما امتدّت الى أرضه»، في موقف «الإسرائيلي» من ترسيم الحدود البحرية. كما سيؤثّر بالتالي في قرار الوسيط الاميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان والعدو الإسرائيلي آموس هوكشتاين، الذي يُفترض أن يحمل خلال زيارته المرتقبة الى لبنان قبل نهاية آب الجاري، الردّ «الإسرائيلي» على طرحه الأخير لحلّ النزاع البحري، سيما أنّه توجّه للأميركيين بالقول: «يُقدّمون أنفسهم وسطاء وهم ليسوا وسطاء»، للدلالة على انحيازهم الى العدو الإسرائيلي.
أوساط ديبلوماسية مطّلعة على ملف الغاز والنفط، أكّدت أنّ العدو الإسرائيلي سيتجنّب فتح الحرب على حزب الله في المرحلة الراهنة، بعد أن فتحت الحكومة الحالية النار على غزّة لضمان فوزها في الإنتخابات المرتقبة في الأول من تشرين الثاني المقبل، وعليها انتظار نتائج هذه الإنتخابات. لهذا، فمن المحتمل أن يعمل «الإسرائيلي» على تأجيل إنتاج الغاز من «كاريش»، ولن يقوم بذلك قبل الإتفاق مع لبنان بوساطة هوكشتاين الذي بات يملك الجواب «الإسرائيلي».
وفي ما يتعلّق بتمسّك «الإسرائيلي» بالحصول على قسم من البلوك 8 ، في الوقت الذي يطالب فيه لبنان ببلوكاته الحدودية أي 8 و9 و10 كاملة، تقول الاوساط انّ قضية البلوكات غريبة، فهي كلّها رُسمت شمال الخط 23. وإذا قال المسؤولون اللبنانيون إِنَّهُم يتمسّكون بالخط 23، فهذا يعني حُكماً بجميع البلوكات الحدودية. أمّا القول إنّهم يريدون الخط 23 «وجميع البلوكات»، فهم بذلك، يردّون على المطلب «الإسرائيلي» بإعطائهم تعويضاً عن الجزء الجنوبي لحقل قانا الذي يمتد أكثر من الخط 23.
غير أنّ هذا الموقف اللبناني، على ما ذكرت الأوساط نفسها، واهٍ وضعيف ولا يرتكز على قواعد قانونية دولية صلبة. هو مجرد «تفاوضي» يرتكز على عقلية «البيع والشراء»، وبالتالي على تبريرات قد تكون مقنعة للطرف الآخر... وقد لا تكون. كما يبدو أنّ «الإسرائيلي» يُصرّ على قسم من البلوك 8 كذريعة إضافية لتأجيل الإتفاق الى وقت لاحق أو الى ما بعد الإنتخابات.
ورأت الاوساط أنّه يمكن القول إنّ ما يجري حالياً هو «تفاوض لأجل التفاوض». وهذا لا يعني أنّ الأمور لن تصل الى خواتيم سعيدة. فالتوصّل إلى اتفاق لن يكون بسبب أنّه قد تمّ التوافق على الخط 23+قانا+البلوكات، بل لأنّ الظروف الدولية والإقليمية المعقّدة وصلت إلى تقاطع زمني معيّن يفرض التوصّل إلى اتفاق، وإذا فشلت المساعي الديبلوماسية، فسيقول كلّ طرف أمام جمهوره «لقد حاولنا... ولكن الطرف الآخر تعنّت».
وبرأي الأوساط ذاتها، إنّ الداخل اللبناني يتحدّث عن أنّ شهر أيلول المقبل سيكون حاسماً بالنسبة للبنان، أي أنّه لا بدّ وأن يجري خلاله توقيع الاتفاق مع العدو الإسرائيلي حفاظاً على الاستقرار. وهذا يعني أنّ الاستقرار الداخلي سيكون مهدّداً... فهل سيؤدّي ذلك الى وقوع مناوشات عسكرية في البحر بواسطة المسيِّرات أو غيرها، ولماذا؟! من هنا، على الدولة اللبنانية أن تستفيد من مواقف السيد نصرالله التصعيدية.
كما شدّدت الاوساط في الوقت نفسه، على أنّ المسألة ليست خلافاً على الخطوط البحرية، كما يقول رئيس مجلس النوّاب نبيه بريّ، بل على الترسيم وعلى تقاسم الحقول النفطية. وهي تقوم على أسس واهية، لأنّها تميل من جهة الى أنّها صفقة يتمّ الاتفاق فيها على الحقول والثروات الغازية غير المثبتة (من ناحية الحجم، والكمية، والموقع، والإمتداد، إلخ)، ولا تستند إلى القانون الدولي للبحار. علماً أنّ القانون يترك المجال إلى موافقة الدول المعنية ذات السيادة على ترتيبات معينة بهذا الخصوص من دون الدخول في تقنيات الترسيم الفنية.