توقّف الوقت بالنسبة لبعض اللبنانيين عند الساعة 6:07 من مساء 4 آب 2020 . تاريخ لا يزال تأثيره على الصحة النفسية للبنانيين، ولكن الانفجار الذي قتل أكثر من 200 شهيد، وأكثر من 6000 جريح، ترك عدداً كبيراً من الأطفال والبالغين في حال صدمة حيث شعروا بالإرهاق النفسي وعدم الأمان والارتباك بشأن كيفية التكيّف مع الحدث الاجرامي والأليم.
في هذا السياق أكد الاستاذ الجامعي ورئيس الجمعية اللبنانية للطب النفسي جوزيف خوري في حديث لـvdlnews"" أنه من المهم أن نعلم أن ما حدث في 4 آب2020 ليس بحادثة تمر مرور الكرام على أي بلد او اي مدينة حتى بأفضل الظروف".
واعتبر خوري اننا "نكون بأفضل حالاتنا وفي وضع سلمي الى حد ما ويتم تفجير مدينة ويموت عدد كبير من المواطنيين ويجرح البعض الاخر فتؤثر هذه الصدمة على أي مواطن فكم بالحريّ في اوضاعنا في لبنان".
ولفت إلى ان "اللبنانيين كان لديهم شك بسلامتهم العامة في لبنان وبعد الانفجار اصبح الخوف والرعب والقلق دائما عندهم". وتابع: "هذا القلق سيبقى حتى يصل الللبناني الى اجوبة حول الاسئلة التي تدور في رأسه لانه ليس من المنطق ان نستمر في حياتنا من دون ان يطمئن اللبناني أن ما حدث لن يتكرر مرة أخرى وسيجعل الطريقة التي سيتعافى بها اللبناني صعبة جداً".
وشدد على "اننا نعلم أن اي مشكلة تمر بعد عدة سنوات يستطيع المواطن ان يخرج منها ولكن في لبنان ليس هناك اطمئنان بغض النظر عن المشاكل التي نمر بها. توالي الصدمات يجعل الوضع النفسي والاجتماعي عند اللبناني سيء جداً".
الى ذلك لفت الى تأثير اوسع للأزمات المتتالية على شفاء اللبناني وقدرته على التعافي، مشيرا الى ان "الاطباء المختصين بالعلاج النفسي البعض منهم هاجر والبعض الاخر غير مهيأ ومدرب للتعامل مع هذه الحالات" .
وقال: "بعد الدراسات التي قمنا بها عن انفجار 4 آب تبين ان هناك 40% من الذين كانوا بعيدين أو قريبين من الحدث أصبح لديهم عوارض و توتر ما بعد الصدمة، وبطبيعة الحال فإن الاشخاص الذين عاشوا الحرب في الماضي كان الانفجار أصعب عليهم لأن اي صدمة جديدة تفتح جروح الصدمة الماضية وردة الفعل هذه كانت متوقعة".
وعن الحرب الاهلية وغياب الشفاء والتصالح الحقيقي معها وتداعياتها، رأى أن "الذين عاشوا الحرب شعروا ان هذه المرحلة مرت واعتبروا أنهم استطاعوا اكمال حياتهم ولكن ليس بالواقع. فتداعيات الامر مستمرة وتتوارثها اجيال. الذي حدث في بين الاعوام 2006 و2020 وانهيار المؤسسات جعل الجيل الجديد الذي عايش الحرب الاهلية من خلال الاخبار والصور والافلام وروايات اهله، يعيش في قلق مستمر لأنه يعتبر انه في أي لحظة هو مهدد".
وتابع: "تبين أيضاً في الدراسات التي اجريناها أن الامور كانت لتكون اسهل على الجيل الجديد لو أنه يعيش في بلد طبيعي يحاسب فيه المجرم، فلو كانت المحاسبة حاضرة ربما كان ليتقبل الوضع ويتعايش معه رغم جميع الخسائر ".
ورأى ان "الذي زاد الطين بلة هوالحديث عن امكانية حدوث حرب أهلية". وأضاف: "هذا الكلام يخلق دافعا للهجرة والهروب من الواقع اللبناني فالازمات مترابطة ولا نستطيع فصلها والمطلوب ان يكون هناك ناس تؤمن مقومات الحياة وتساعد هذا الجيل على الخروج من هذا الخوف الذي يعيش بداخله. كما أننا بحاجة لاشخاص يكون لهم دور اساسي في طمأنة الشعب اللبناني ومساعدته للخروج من حالته النفسية".
اذاً المواطن اللبناني غير محمي من الصدمات النفسية أو عواقبها، كما أنه قد يتأثر بما يعرف بـ"اضطراب ما بعد الصدمة"،في كل لحظة هو معرّض لمصيبة على غرار انفجار 4 آب. فكيف يحصن اللبناني نفسه من كل هذه الصدمات التي ترافقه دوماً؟
سؤال يردده كل لبناني يعيش أزمات متتالية في بلد اعتاد على ان ينام على صدمة ويستيقظ على اخرى.