الخلاعة والدلاعة
الخلاعة والدلاعة

خاص - Sunday, July 24, 2022 7:51:00 AM

النقيب السابق للمحامين في طرابلس، الوزير السابق رشيد درباس

شاهدت على الشاشة افتتاح مهرجانات بعلبك، وحضرت اليوم الثاني من مهرجانات بيت الدين، بدعوة لطيفة من سيدة اللطف وَعَلَم الثقافة والفن السيدة نورا جنبلاط فسررت من رعاية وزارةَ الثقافة للمهرجانين وقلت لنفسي، إنّ المنظّمين يمارسون فعل المناعة اللبنانية ضد الوباء العام الذي لا يعد الكوفيد 19، إلا إحدى تجلياته الخفيفة لأنه إن قتل شخصين على الأكثر في اليوم، فإن وباء السلطة يمتص دماءنا على مدار الثواني.
كما ان المناسبتين الراقيتين أحزنتاني على حالنا في مدينة طرابلس التي ترعى سلطاتها المحلية مهرجانات مستدامة للاستباحة والفوضى، واحتلال الحدائق والكورنيش بتواطؤ واضح المصالح بين المتغاضي والعصابات المحتلة.
أيها الأصدقاء.. تتزاحم الأحداث المفجعة فيما أنا مقيّد للتعليق عليها بمساحة قليلة، ورغم هذا فانتم الألِبّاء الذين يفهمون من الإشارة، وأنا أحاول ضغط الكلام الذي لا ادري إن كان يتسع للبرنامج السياسي الغنائي الذي يحكم الدولة اللبنانية؛ فوزير السياحة يقول "أهلا بهالطلة" ورئيس الحكومة يغرّد "بحبّك يا لبنان، بفقرك بحبّك، وبعزّك بحبّك"، ولكنه يهزج في نهاية الخطاب محذّراً من وصول الشعب اللبناني إلى "عالعصفورية..وصلني يا بيي عالعصفورية" ولقد لاحظت ان كلمة "بيي" مقحمة على الأغنية الأصلية، ولست أعلم إذ كان الأمر زلّة نغم أم زلّة قدم، أم رسالة مشفّرة.. والله أعلم.. ولكنني في هذه المناسبة أذَكِّر جوقة المغنين أنه في عشرينيات القرن الماضي غنّت أم كلثوم من كلمات يونس القاضي وألحان الدكتور صبري النجريري، اغنية عنوانها:
"أنا الخلاعة والدلاعة مذهبي"
ولكنّ سيدة الغناء سرعان ما تنبّهت إلى تلك السقطة فسحبت الاسطوانات من التداول ودفعت تعويضاً لشركة الانتاج.
ولكنّ "الخلاعة والدلاعة" انتقلت من عشرينيات القرن الماضي واستوطنت عشرينيات القرن الحالي وسادت حالة تردّنا إلى تلك الأغنية التي أعاد انتاجها سياسيونا الميامين، فواحدهم يتدلّع على سطح مياه السدود العامرة، وثانيهم على فوهة آبار الغاز الخطرة، وثالثهم يمارس ما يمارس على مسرح العدالة إلى آخر ما هناك من مسارح.
يوم الأربعاء الماضي، كان لوفد نقابة المحامين في طرابلس برئاسة النقيبة الاستاذة ماري تريز قوال، موعد من غبطة الكاردينال الراعي في الديمان، حيث تطرّق الحديث إلى الفوضى القضائية والسياسية والاجتماعية، وما تعرّض له المطران الحاج، حيث أكّد غبطة البطريرك أنه لا يقرأ الرسائل التي توجّه إليه بالبريد المشبوه، عندها، استأذنت غبطته والنقيبة لأعبّر باسمي وعلى مسؤوليتي عن مرارة ستة وخمسين عاماً من ممارسة المحاماة، فقلت، إن ما نشهده في السنين الأخيرة من تهتّك وانتهاك للأصول والقانون يفوق الخيال، وأضفت معتذراً إنني أصنّف هذه المشاهد، بالخلاعة العلنيّة التي تستوجب تدخّل شرطة الآداب.
وأشفعت ذلك بأنْ اتصلت بمعالي القاضي بسام مولوي وزير الداخلية شاكياً إليه مباذل السلطات المحلية لجهة تعميم الفوضى العامة في محافظة الشمال، والآن أقترح عليه بصورة علنية، أن تفشي الخلاعة السياسية والقضائية والمالية والمصرفية يحتاج توسعة أطر شرطة الأخلاق والآداب العامة، لأن هؤلاء المرتكبين جميعاً تصغر جرائمهم حيال خلاعتهم الوطنية والأخلاقية، وأفعالهم الفاضحة العلنية.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني