محمد عبدالرحمن
عادت هذه السنة المهرجانات الصيفية الى المناطق اللبنانية وسط جو من الفرح والحياة بعد طول انتظار وانقطاع دام لسنتين منذ جائحة كورونا وبداية الازمة الاقتصادية، فلا انهيار الليرة ولا الازمات التي يتخبط بها لبنان يومياً منع الشعب اللبناني من ضخ السعادة والامل في القلوب.
مهرجانات الموسيقى والرقص والغناء انتشرت في مختلف المناطق، لتكسر الصور النمطية وتجسّد الصورة الحقيقية لشعب يرفض واقعه المرير ولا يستسلم مهما عصفت به الرياح والاعاصير من مصائب وأزمات، ولأنه يؤمن بثقافة الحياة والفرح ويتشبث بها حتى الرمق الأخير رامياً وراءه كل همومه فلا مكان لثقافة الإحباط والموت في قاموسه.
فلنبدأ حديثنا من البقاع حيث مدينة الشمس التي تألقت بليالي صيفية تحت اسم "رجعت ليالي لبنان" وافتتحت يوم 8 تموز 2022 حيث توهجت الأضواء الساحرة لتكسر الصورة النمطية عنها وتظهرها بأجمل حلّة عبر مهرجاناتها التي ضمت أهم الفنانين اللبنانيين والأجانب، والذي تضمن 4 حفلات متنوعة على عدة أيام خلال هذا الشهر.
والى الجبل ننتقل. بلدة دير القمر، كانت محطة المهرجانات من قلب بيت الدين الذي شهد أجمل الحفلات التراثية على وقع الأغاني والوصلات الموسيقية الجميلة على مدار عدة أيام وسط جمهور أتى من مختلف المناطق اللبنانية والمغتربين أيضاً الذين تشوقوا لتلك السهرات اللبنانية.
وساحلاً، تألقت عروسة الساحل اللبناني جونية بمهرجان "بنص جونية" الذي يعتمد على مختلف النشاطات الاقتصادية والثقافية. المهرجان عبارة عن متنفس للبنانيين فضلاً عن تفعيل الحركة الاقتصادية مع قدوم السياح والمغتربين الى لبنان، وسط أجواء صاخبة وراقصة "حتى طلوع الضو" وهذا المهرجان هدفه إسعاد الناس التي أصبحت إمكاناتها شبه معدومة وزرع البسمة على وجوه الأطفال، فهكذا اعتاد اللبنانيون على مدينة جونية أن تكون التي حرص القيمين على هذا المهرجان أن تكون مشعشعة المدينة وحتى في أزمة الكهرباء الخانقة.
وفي البترون أيضاً نظمت ليلة صيفية لمهرجان النبيذ والبيرة والمأكولات البحرية التي تشتهر بها المدينة كون البترون مدينة بحرية بامتياز. لا ذلك فقط، بل أيضا ملتقى لتشجيع منتجاتنا من النبيذ والبيرة صناعة البترون ولبث الفرح والأمل في قلوب زوارها وأهلها اللبنانيين من المناطق كافة والسياح والمغتربين. أما الليالي الغنائية والموسيقية على مدرجها الروماني فقد أقيمت وسط هواء بحري ساحر. سوق البترون بدوره تحول مقصدا للتشجيع على شراء التصاميم المحلية البحرية وكل ما له علاقة بالأشغال اليدوية. وختاماً، مهرجان البترون السينمائي الذي يقام للسنة الخامسة على التوالي وتعرض خلاله أفلام قصيرة على لجنة مؤلفة من مخرجين من دول أخرى لاختيار أفضل فيلم أجنبي وأفضل فيلم وطني".
"أهلا بهالطلة" اذا، شعار وزارة السياحة، يصحّ أيضا للسياحة نفسها والمهرجانات نفسها بعد غياب طويل. والشعار هذا اطلقته الوزارة لتشجيع المغتربين للقدوم في العطلة الصيفية وسط تسهيلات ضمن الإمكانيات المتاحة في أزمة البلد.
وعن هذه العودة للمهرجانات يقول مصدر مسؤول في وزارة السياحة لـvdlnews: "بعد انقطاع استمر منذ العام ٢٠١٩ باستثناء مهرجانات بعلبك الدولية التي أحيت حفلين في العام ٢٠٢٠ و٢٠٢١ ها نحن نشهد اليوم اعادة انطلاق المهرجانات السياحية الدولية والمناطقية. الوزارة تدعم هذه المهرجانات برعايتها معنوياً والتسويق المشترك مع القائمين عليها بالرغم من محدودية الرعاة الداعمين لهذه المهرجانات الا انه بقي العديد من الرعاة المشكورين الذين قدموا رعايتهم، فضلاً عن ان بعض هذه المهرجانات كانت مجانية وحضور معظم فعالياتها كان بالمجان أيضاً".
وتابع المصدر:"وزارة السياحة تسعى جاهدة لتأمين أفضل الظروف لاستقبال الوافدين رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد. الا ان أزمة المحروقات وتأمينها هي مشكلة يواجهها لبنان اجمع كما انه الازدحام وحتى انقطاع الكهرباء في المطار أمور حدثت في بلدان تعيش وضعا طبيعيا لذلك لا بد من الوقوف الى جانب إدارة المطار وان نحيّيها على الجهود التي نقوم بها لتسيير المرفق في هذه الظروف الاستثنائية".
وأشارت الوزارة الى أنه، "من اليوم الاول كان التعاون بين وزارة السياحة والقطاع الخاص ونحن دائماً نؤكد على فعالية هذا التعاون، اذ ان جميع المشاريع التي قامت بها وزارة السياحة وليس فقط الحملات كانت بكلفة صفر بالمئة على خزينة الدولة وكل ذلك نتيجة التعاون والدعم من القطاع الخاص".
سألنا المصدر عن التحضير لإقامة مهرجان بيروت وقد سبق لوزير السياحة وليد نصار ان تحدث عنه، وكشف عن جمع الكثير من المهرجانات في اطاره. فقال: "الوزارة تسعى لتأمين جميع التحضيرات اللازمة لإقامة هذا المهرجان خلال هذا الموسم الصيفي، وبالنسبة للفنانين فقد أعلن العديد من الفنانين استعدادهم لتقديم حفلات فنية مجانية مثل زياد برجي ومعين شريف وغيرهم من الفنانين.واذا استكملت الإجراءات لهذا المهرجان سيكون الدخول إلى ساحة النجمة والمهرجانات التي ستقام فيها مجانية ولكن في واجهة بيروت البحرية سيكون هناك رسم دخول لكن بالطبع ستكون بما يتناسب ويراعي الوضع الحالي".
كما أكد المصدر أن "قسم الشرطة السياحية يتولى مهام الرقابة على المؤسسات السياحية لناحية الأسعار وعدم اقلاق الراحة وتطبيق القوانين والأنظمة المرعية الإجراء ونشير هنا ايضاً ان للشرطة السياحية تقوم بعملية المراقبة رغم قلة العديد والمتطلبات اللوجستية لديها".
بالرغم من ضعف الإمكانيات لدى اللبنانيين، وقلة قدراتهم المادية ما زال البعض يبحث عن متنفس له، ويسعى للفرح والامل ضمن الإمكانيات المحدودة، ولا تزال وزارة السياحة تحاول العمل "بصفر ميزانية". عسى ان "يطبش" ميزان الفرح يوما، ويسمح لارادة الحياة لدى اللبنانيين واصرارهم وارادتهم بالتجلي وطنا يؤمن ادنى مقومات العيش لهم.