ريتا عشقوتي
ترتفع صرخات العمال في لبنان يوماً بعد يوم نتيجة الأزمة القائمة والإجراءات التي يقوم بها عدد كبير من الشركات منذ بدء الازمة، إما عبر الصرف التعسفي أو الحسم من الرواتب بسبب انهيار الليرة أو بسبب إقفال المصانع والمطاعم، و الملاهي الليلية، جراء الأحداث التي مرت علينا بدءاً من 17 تشرين 2019 مروراً بتفشي فيروس كورونا في البلاد بالإضافة لانفجار 4 آب والمعانات التي عانى منها الشعب اللبناني طيلة هذه الفترة.
وسط هذه الأزمات، لا بدّ للنضال العمالي أن يكون له سبيل... ولا بدّ من الاضاءة على تاريخ منه.
في الاطار، يروي الفيلم الوثائقي "وردة للعمّال" الذي أعدّته "المفكرة القانونية" من إخراج ديمة أبو رجيلي سنوات من النضال العمالي عبر التركيز على قصص أشخاص ارتبطت أسماؤهم بحراك نقابي كان مفصلياً في مسيرة تحصيل حقوق العمّال وتعديل المادة 50 منه لمنع أصحاب العمل من الصرف التعسفي.
تعليقاً على هذا الواقع، أكد المحامي كريم نمور في حديث لموقع Vdlnews" أن الوثائقي الذي نشر الخميس الماضي والذي يتحدث عن الواقع المرير الذي يعاني منه اللبناني والطرد التعسفي الذي يعاني منها العمال منذ سنوات عدة حتى يومنا هذا بدأ العمل عليه منذ سنتين تقريباً في المنتصف الثاني من 2019 عندما رأينا أن ارقام العمال الذين صرفوا من عملهم حوالي 160 الف عامل فقط في 2019 مع العلم ان هذا الرقم هائل جداً وهذا قبل ثورة 17 تشرين وانهيار الليرة".
ولفت نمور إلى انه "بعد 17 تشرين وحين تفاقمت هذه الارقام ومع عدم قدرة مؤسسات الدولة لاسيما وزارة العمل ومجلس العمل التحكيمي من مواجهة حجم هذه الازمة، عقدنا مؤتمرا صحفيا تم من خلاله اعلان حالة طوارئ في لبنان لانقاذ العامل اللبناني ولحمايته بشكل فعال".
كما يتحدث الفيلم عما أنجزه النضال العمالي قديماً والحركات النقابية وما هي اسباب غياب الحركات النقابية وما هي الحلول للنهوض مجدداً.
وقال: "الذي كان ملفتا خلال هذه الازمة هو غياب الحركات النقابية من الساحة، وتحديداً النقابات العمالية، اذا من هنا بدأت فكرت الفيلم "وردة للعمّال".
وشدد نمور على أنه "اليوم نحن بأمس الحاجة لنضال عمالي في لبنان لأنه وللأسف اصحاب العمل يستخدمون سياسة الطرد التعسفي من دون سبب وبشكل غير قانوني وبطبيعة الحال لا احد يستطيع توقيف أصحاب العمل لان مؤسسات الدولة عاجزة عن حماية العمال".
وتابع: "هناك أصحاب عمال يخفضون رواتب عمالهم رغم انهيار الليرة والعمال ليس لديهم المقومات الكافية للدفاع عن حقوقهم بسبب انعدام التوازن البنيوي بين صاحب العمل والعامل."
وأشار إلى أننا "بحاجة اليوم للتضامن والتكاتف بين العمال لمواجهة كل هذه المخالفات التي تحصل بحقهم وللاسف كل يوم تتفاقم مع ارتفاع الاسعار وتدهور الاوضاع المعيشية".
واعتبر نمور أنه "قانونياً، العامل الذي يتم طرده بطريقة تعسفية يستطيع أن يتقدم بشكوى ولكن المشكلة هي ان القانون ليس كافياً واجهزة الدولة التي هي مولجة بتنفيذ القانون عاجزة عن تنفيذه وليس لديها المقومات الكافية لحل هذه الازمة".
وتابع نمور: "اليوم الذهاب الى القضاء مكلف والعامل لا يستطيع ان يتحمل هذه الاعباء خصوصا في ظل هذه الظروف التي نمر بها".
وعما اذا كان هناك حلول لهذه الازمة قريباً، قال نمور: "اليوم الحلول وللاسف ليست سريعة". وأضاف: "يجب على الحلول ان تكون مستدامة اكثر خاصة وأن الازمة نعاني منها منذ سنوات عدة وستستمر ولن نخرج منها في الوقت القريب".
وتابع: " يجب اعادة النظر بقانون العمل، وان نفتح ونسهّل مجالات اكبر لكي يستطيع العامل ان يشتكي، وعلى الصعيد المؤسساتي، يجب زيادة مقوّمات وزارة العمل، لتستطيع ان تقوم بدورها الرقابي بشكل صحيح والاستشاري في ازمة العمل. كذلك يجب اعادة النظر في الجهاز القضائي المخول ان ينظر في قضايا العمال بمعنى ان مجالس العمل التحكيمية عددها ضئيل جداً ولا تستطيع مواكبة هذا الكمّ الهائل من الدعاوى".
كما وان "القاضي المنفرد المدني يستطيع ايضا النظر في هذه الدعاوى، والوصول لها اسهل بكثير من الوصول الى مجلس العمل التحكيمي".
وختم نمور: "يجب أن يكون هناك تنسيق مع وزارة العدل ووزارة العمل وان تخصص مكاتب خاصة في العدليات لكي تتمّ مساعدة العمال لتقديم الشكاوى ومواكبتها في المسار القانوني وهو اجمالاً يكون معقدا على العامل ولا يستطيع ان يواكبه دون محام لأنّ تكلفة أتعاب المحامي اليوم باتت مكلف جداً".
ويبقى أن من يدفع الثمن الحقيقي هو الموظف الذي يعيش براتب أصبح مهدداً باقتطاعه كاملاً. هذه الفئة لا تزال تطالب بحقوقها منذ سنوات طوال والنضال العمالي لازم اللبنانيين بفعل أزمات متعاقبة.. ويبدو اننا اليوم في أشدّ الحاجة الى نضال جديد.