دوللي بشعلاني - الديار
قدّم الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بالسرعة القصوى، أي بعد يوم واحد فقط من الإستشارات النيابية غير الملزمة التي جرت في مجلس النوّاب يومي الإثنين والثلاثاء المنصرمين، صيغة للحكومة التي يقترحها على أن يدرسها عون ويُبدي رأيه فيها.. كما أطلع رئيس الجمهورية على نتائج الإستشارات النيابية التي اجراها على مدى يومين واقترح على اساسها تشكيلته الحكومية. ورشح أنّ تشكيلة ميقاتي مصغّرة تضمّ 24 وزيراً بدلاً من 30، يصحّ فيها القول إنّها «نسخة منقّحة أو معدّلة عن حكومة تصريف الأعمال الحالية»، وهو ما سبق أن أعلنه ميقاتي فور تكليفه بأنّه ينوي الإبقاء على حكومته الحالية التي يجد أنّها «كاملة الأوصاف» مع إجراء بعض التعديلات على بعض الحقائب والأسماء.
مصادر سياسية مطّلعة ذكرت أنّ ميقاتي لم يتسرّع في وضع صيغة للحكومة الرابعة التي سيترأسها، والتي يجدها مناسبة للظروف الحالية، والتي لن يتخطّى عمرها الأربعة أشهر، كونه بدأ يُحضّر لها منذ تكليفه تشكيل الحكومة في 23 حزيران الجاري، وقبل أن يُجري الإستشارات غير المُلزمة حتى، والتي خرجت بقرار عدم المشاركة في الحكومة الجديدة من قبل عدد كبير من النوّاب، ما سهّل مهمته في وضع الصيغة الممكنة. وتساءلت عن الأسباب التي تقف وراء اتخاذ عدد من الكتل النيابية الكبيرة أو الفاعلة قرار «عدم المشاركة في الحكومة»، لا سيما بعد أن خاضت الإنتخابات النيابية الأخيرة، خصوصاً معارك «كسر العظم» في دوائر إنتخابية عدّة بهدف تحقيق الفوز والحصول على مقاعد نيابية إضافية في البرلمان الجديد، وكيف ستُحدث التغيير أو ستُحقّق الإصلاحات في المرحلة المقبلة، إذا ما بقيت خارجها، ولا تقوم سوى بمعارضة مشاريعها؟!
وأشارت المصادر الى أنّ ميقاتي يريد حكومة فاعلة لكي يتمكّن من القيام ببعض الإنجازات التي لم تُحقّقها «حكومة معاً للإنقاذ»، التي تلهّت بالتحضير للإنتخابات النيابية منذ تشكيلها، ولم تتمكّن من تأمين الكهرباء إلّا أخيراً مع توقيع وزارة الطاقة إتفاقية الغاز مع مصر، والتي تحتاج الى رفع الولايات المتحدة الأميركية «عقوبات قيصر» عن سوريا والدول المعنية لكي يتمكّن لبنان من استجرار الغاز عبر سوريا.
وفيما يتعلّق بحكومة ميقاتي المقترحة، كشفت المصادر نفسها أنّه قدّمها للرئيس عون بخطّ يده، وتضمّ 24 وزيراً. وقد جرى المحافظة فيها على الحقائب السيادية من حصة الطوائف نفسها، أي وزارات المالية والداخلية والخارجية والدفاع.. ولكنّه قام بإجراء تعديل على وزارة الطاقة التي كانت من حصّة «التيّار الوطني الحرّ»، واقترح نزعها من يدّ الوزير وليد فيّاض، رغم عمله أكثر من سواه من الوزراء على ملف استجرار الغاز والطاقة من مصر والأردن عبر سوريا لتأمين نحو 12 ساعة كهرباء يومياً، وإسنادها الى سنّي هو وليد سنّو. كما اقترح إلغاء وزارات الدولة لتقليص عدد الوزراء، مثل وزارة الدولة للشؤون الإدارية.
وأضافت المصادر بأنّ ميقاتي طرح إبقاء وزارة المالية في يدّ «حركة أمل» من دون عودة الوزير الحالي يوسف خليل إليها، بل شخصية شيعية أخرى. فيما أعطى وزارة الإقتصاد لوزير الصناعة الحالي جورج بوشيكيان الذي نجح في وزارته، كما في الإنتخابات النيابية الأخيرة، بدلاً من الوزير الحالي أمين سلام. وفيما يتعلّق بوزارة المهجّرين التي يشغلها حالياً الوزير عصام شرف الدين، فقد اقترح إسنادها الى شخصية درزية أخرى. وعُلم بأن ميقاتي اقترح تطعيم حكومته الجديدة بشخصية نسائية، مع الحفاظ على حقائب عدد من الوزراء مثل وزارة الدفاع الوطني للوزير موريس سليم، والخارجية والمغتربين للوزير عبد الله بو حبيب، والداخلية والبلديات للوزير بسّام مولوي وسواهم.
وفي الوقت نفسه، لفتت المصادر الى أنّ ميقاتي لبّى طلب بعض الكتل النيابية الجديدة التي أبدت رغبتها في المشاركة في الحكومة مثل «كتلة الإعتدال الوطني»، و»التكتّل الوطني المستقلّ»، وبعض النوّاب المستقلّين الذين سمّوه للتكليف. وتتوقّع المصادر عينها أن يأخذ رئيس الجمهورية وقته في دراستها، مع بعض المعلومات التي تشي بأنّه قد لا يُوافق عليها، كونها ستكون «حكومة الفراغ» في حال لم يتمكّن المجلس النيابي الجديد من انتخاب رئيس الجمهورية المقبل.
وقالت المصادر بأنّ الدورة لانتخاب الرئيس الجديد للبلاد تبدأ أواخر آب، أي قبل شهرين من انتهاء عهد الرئيس ميشال عون، ويُمكن عندها الدعوة الى انتخاب الرئيس في أي يوم خلال هذه الفترة. وهذا يعني بأنّ الحكومة الجديدة لن تعمل أكثر من شهرين بشكل جدّي، في حال جرى التوافق على تشكيلها خلال الأيام المقبلة. أمّا في حال قام الرئيس عون برفضها واضعاً ملاحظات معيّنة على بعض الأسماء والحقائب، فإن ميقاتي سيكون جاهزاً لإعادة النظر في الصيغة الحكومية المقدّمة، ولتقديم غيرها.
ولكن تخشى المصادر من أن يتكرّر هذا السيناريو خلال الشهرين المقبلين الى حين حلول فتح الدورة أمام الإستحقاق الرئاسي، ما يجعل «تمديد» عمر حكومة تصريف الأعمال أمراً واقعاً. ولن يكون ميقاتي منزعجاً كونه نفسه رئيس حكومة تصريف الأعمال والرئيس المكلّف الذي بإمكانه الإحتفاظ بورقة التكليف في جيبه الى ما بعد الإنتخابات الرئاسية.
غير أنّ المصادر أوضحت أنّه في حال قبول عون بتشكيلة ميقاتي الأولى، فإنّ هذا الأمر من شأنه الإستفادة من الوقت المتبقي الفاصل عن الإستحقاق الرئاسي في وضع بيانها الوزاري ونيلها الثقة في مجلس النوّاب، لكي تبدأ عملها وتُحقّق أمرا أو اثنين مطلوبين منها يتعلّقان بالإتفاق مع صندوق النقد وتحقيق الإصلاح في قطاع الكهرباء. فهذه الحكومة ستُصبح مستقيلة حُكماً بعد انتخاب رئيس الجمهورية المقبل، وسيتمّ تشكيل الحكومة الأولى في العهد الجديد.