هيام عيد - الديار
ليس من باب الصدفة أن تتزامن الزيارة التي يقوم بها منسّق المساعدات الدولية من أجل لبنان السفير بيار دوكان إلى بيروت، مع انطلاق عملية تشكيل حكومة جديدة، ومباشرة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، الإعداد العملي للصيغة الحكومية التي سيوافق عليها المجلس النيابي، بعدما تعطي القوى والأطراف السياسية المعنية الضوء الأخضر لها، من أجل أن تستعيد السلطة التنفيذية مهامها، وبصرف النظر عن التوجه نحو صيغة حكومية جديدة أو تعديل طفيف في الحكومة الحالية، وفق ما بات متداولاً بجدية في أوساط الرئيس المكلف بالدرجة الأولى.
وقد ركزت هذه الأوساط، على أن الرئيس المكلف قد باشر وغداة انتهاء الإستشارات النيابية، بوضع مسودة أولية للحكومة العتيدة، انطلاقاً من مداولاته مع النواب، وبشكلٍ خاص الكتل النيابية التي أعلنت صراحةً عن نيتها بالمشاركة أو التي لم تعلن هذا الأمر بشكلٍ مباشر. وبالفعل جهزت المسودة وقدمها امس إلى رئيس الجمهورية ميشال، نظراً لدقة الظروف الداخلية، ولإصرار كل النواب على أهمية السرعة في إنجاز الإستحقاق الحكومي، في ضوء المواعيد الضرورية التي تنتظر الحكومة، وقد يكون في مقدمها ملف الإنقاذ وخطة التعافي والإصلاحات، التي سيبحثها الزائر الفرنسي في لقاءاته التي تبدأ اليوم في بيروت.
لكن التصميم على تسريع مراحل التشكيل، يصطدم بواقع الموقف العام للمجلس النيابي من الحكومة المرتقبة، وفي ظلّ خشية واضحة لدى أوساط الرئيس المكلف، من قدرة هذه الحكومة على الحصول على ثقة النواب، مشيرةً وعلى سبيل المثال، إلى إعلان الحزب «التقدمي الإشتراكي» قراره بعدم المشاركة، ما سوف يطرح مشكلةً ميثاقية بالنسبة لتمثيل الطائفة الدرزية، علماً أن نائب «التغيير» مارك ضو، قد أعلن أيضاَ عن عدم المشاركة في سياق الإلتزام بموقف النواب «التغييريين».
والمشوار الذي ينتظر هذه الحكومة، وإن كان عمرها قصيراً من ناحية الوقت، يبدو طويلاً بحسب الأوساط، نظراً للمهام الملقاة على عاتقها، لجهة الإسراع في إنجاز اتفاق بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، وبالتالي وضع المراحل التنفيذية للخطة الإنقاذية، وبشكل خاص بالنسبة لمسألة توزيع الخسائر، في ضوء ما طرأ من تعديل على بعض الإتجاهات في هذا المجال، لجهة توزيع هذه الخسائر بشكل عادل.
وبمعزلٍ عن روزنامة السفير دوكان في بيروت، ونتائج لقاءاته التي ستشمل القوى السياسية والرؤساء كما جرت العادة، فإن الأوساط نفسها، تحدثت عن مناخ سياسي مختلف على الساحة الداخلية، سيلحظه دوكان من خلال الإطلاع وبشكلٍ مباشر على المستوى المتقدم للتراجع والإنهيار في الوضع الإقتصادي والعجز عن تأمين الخدمات الأساسية للمواطن، وهو من شأنه أن يدفع إلى تجديد الموقف الفرنسي، الداعي إلى تسريع ولادة الحكومة، وبالتالي إلى تقديم التسهيلات اللازمة لإنجاز هذه العملية من أجل التركيز على الأزمة الأساسية، وهي الإتفاق مع صندوق النقد، من أجل إيجاد الحلول للأزمة الإقتصادية والمالية الصعبة، والتي تتدهور بشكلٍ يومي.