باتريسيا جلاد - نداء الوطن
مع بداية موسم سياحة من كل سنة نبني قصوراً من الأحلام لنشل المؤسسات السياحية من كبوتها التي مضى عليها سنوات طوال، ودرّ العملة الخضراء الشحيحة. وفي كل مرة نستعيد الأغاني التي تتغنى بلبنان الأخضر معوّلين على المغتربين لإنعاش البلد. هذه السنة الآمال المعقودة أكثر تفاؤلاً بعد الشلل الذي تسببته جائحة كورونا في كل دول العالم، والتقديرات أن يؤدي توافد نحو مليون سائح الى لبنان في صيف 2022 الى ضخّ بين 3 و 4 مليارات دولار في البلاد، كما توقّع وزير السياحة وليد نصّار. وهو رقم يفوق التمويل الذي نسعى للحصول عليه من صندوق النقد الدولي. فلبنان، رغم كل الظروف الصعبة، هو بلد الأعاجيب والتناقضات. لذلك يبقى قبلة السياحة وملاذاً لكل من يحب الحياة والترفيه والاستجمام ولو لم يكن لدينا ماء وكهرباء، "كلّو بيتدبّر". لكن ما هي الكلفة المقدرة لتمضية المغترب أو السائح عطلته الصيفية في أرجاء لبنان، وهل المؤسسات السياحية مستعدة لموسم زاخر؟
قطاع الفنادق
"الفنادق على أهبة الإستعداد لسياحة صيف 2022 التي لم تبدأ بعد" كما أكّد رئيس اتحاد النقابات السياحية في لبنان بيار الأشقر لـ"نداء الوطن". مشيراً الى أن "القسم الأكبر من الفنادق فتح أبوابه، لكن هناك نحو 2000 غرفة لا تزال خارج الخدمة في فنادق بيروت، وهي تمثّل نسبة 20% من غرف بيروت وهي "الأفخم" والأكبر، مقفلة، بسبب تضررها في انفجار المرفأ ووجود مشاكل بالنسبة الى التعويضات مع شركات التأمين".
وبالنسبة الى فنادق المناطق الجبلية التي أقفلت أبوابها في فصل الشتاء بسبب قلّة الحركة وغلاء المازوت، نسبة 90% منها فتحت أبوابها ولديها جهوزية كاملة لاستقبال السائح.
وفي ما يتعلق بالسيّاح المعوّل عليهم لإشغال الفنادق وإنقاذ السياحة، قال الأشقر إنهم "عبارة عن مجموعات، مداخيلهم بالعملة الصعبة مثل الدولار واليورو والريال... مصنّفاً الوافدين الى لبنان الى قسمين: الأول، المغتربون اللبنانيون، العدد الأكبر منهم سيمكث في منزله أو لدى الأهل، وفي ظلّ عدم توفّر الماء والكهرباء بشكل وفير سيتوجّهون الى الفنادق للمكوث فيها متنقلين في كل المناطق اللبنانية من أقصى الشمال الى اقصى الجنوب.
القسم الثاني من الوافدين، سيكونون من السيّاح وتحديداً من العراق ومصر والأردن... إقامة هؤلاء ستكون بمجملها في بيروت وبالتالي سيشغلون فنادقها، على أن يتوجهوا خلال عطلة نهاية الأسبوع لفترة ثلاثة أو 5 أيام كحد أقصى لاستكشاف سائر المناطق اللبنانية والتمتّع بجمال وطبيعة لبنان الخلابة".
وبالنسبة الى القدرة الإستيعابية لفنادق بيروت، أكّد أنها "قادرة على استيعاب أعداد الوافدين المتوقع قدومهم الى لبنان والتي تقدّر بالمليون".
أما أسعار الغرف فتبدأ بحسب الأشقر بـ50 دولاراً وتصل الى 500 دولار أميركي.
المطاعم والمقاهي
سيقصد السيّاح والمغتربون المطاعم ظهراً أو مساءً، لذلك ستكون لهم حصة في دائرة السياحة. واعتبر رئيس "نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري" في لبنان طوني الرامي لـ"نداء الوطن"، أن "أهم نقطة للسائح أو اللبناني ان تعلن المؤسسة السياحية لا سيما المطاعم عن أسعارها على باب المؤسسة وأن تطابق تلك الأسعار لقائمة الطعام ولفاتورة الزبون".
وأكّد أن "مروحة الأسعار واسعة. كل مطعم يحدّدها حسب مستوى الخدمة ونوع المطبخ، وما اذا كان مقهى أو مطعم 5 نجوم أو متخصص في السمك... وتتراوح الوجبة بين الـ200 ألف والمليون ليرة. كما أعدّت المطاعم رزماً يتراوح سعرها بالدولار بين 15 و 30 دولاراً. لافتاً الى أنه بالنسبة الى المغترب والسائح يعتبر لبنان بالعملة الصعبة منتجاً سياحياً "رخيصاً".
وعن موضوع سلامة الغذاء، رأى أننا "اليوم في مرحلة إدارة أزمة وصمود وإثبات وجود فقط لا غير". مطمئناً الى أن "المطاعم اليوم تتمتع بالجودة والنوعية وخدمة الكهرباء لديها متوفرة 24/24 ساعة".
إستئجار سيارة
طبعاً المغترب أو السائح القادم الى لبنان يحتاج الى وسيلة تنقّل للتجوّل في أرجائه لا سيما المناطق النائية التي باتت قبلة للاستمتاع بجمال الطبيعة وممارسة رياضات الـ"هايكنغ" و الـ"كارتينغ".
من هنا "نشطت الحجوزات لدى مؤسسات تأجير السيارات خصوصاً من المغتربين اللبنانيين المتوقع توافدهم"، كما قال نائب رئيس نقابة تأجير السيارات في لبنان جيرار زوين، اذ بدأت المؤسسات على حدّ تعبيره "بتلقي حجوزات تبدأ من 5 تموز ولفترة 20 يوماً أو شهر وحتى شهرين. وحدّدت أسعار تأجير السيارات المتوسطة على سبيل المثال بقيمة 30 أو 35 دولاراً يومياً مقارنة مع 50 دولاراً قبل بدء الأزمة في البلاد".
حساب الكلفة لفترة 20 يوماً
اذا المغترب أو السائح الذي سيمكث في لبنان مع عائلة مؤلفة من 4 اشخاص لفترة 20 يوماً ويستأجر سيارة طوال هذه الفترة، سيتكبّد تقريباً بين إيجار سيارة متوسطة (30 دولاراً يومياً) مع البنزين بكلفة 1000 دولار، و 2000 دولار مأكل ومشرب (على اعتبار ان مصروف الطعام لعائلة من 4 أشخاص لا يقل عن 100 دولار يومياً)، أي ما مجموعه نحو 3000 دولار. هذا بالنسبة الى المغترب الذي لا يحتاج الى فندق، اما السائح فتضاف الى تلك الكلفة، مصاريف اقامة طوال الفترة بمعدل 150 دولاراً للعائلة يومياً بقيمة 3000 دولار اميركي طوال إقامته في الفندق لفترة 20 يوماً، فيكون مجموع "رحلة" العائلة الواحدة تقريباً نحو 6000 دولار.