المكتوب الانتخابي قُرىء من عنوانه مسبقاً، بحيث انّ النتائج المتوقعة وفق الدراسات وتقديرات الخبراء في الشأن الانتخابي والاحصائي، لن تنطوي على أي تغيير، ولو كان طفيفاً، عما هو سائد في الزمن السياسي الحالي، المتخبّط بالانقسامات والتباينات الجذرية في الرؤى والتوجهات بين قوى سياسية ترفض بعضها البعض، ووصل البلد في ظل تناوبها على السلطة، الى حيث هو، في قعر هاوية بات الخروج منها ضرباً من المستحيل.
ولقد بات من المسلّم به، أن ثبات لبنان في هذا القعر، تعزّزه شراكة المتحكمين بأمره من داخل السلطة وعلى ضفافها السياسية، في جَعل هذا البلد يتيم «المسؤول الحكيم»، الذي يُعلي مصلحة لبنان وشعبه فوق كل اعتبار، وينجّيه من لعبة الكمائن الدائمة، التي جعلت كل طرف يكمن للآخر على كوع مصالحه وحساباته الشخصية والحزبية، و«حواصله» التي اسقطت كل شعارات التغيير الفضفاضة، وهدفها فقط، رفع الرصيد النيابي في البرلمان الجديد، او الحفاظ عليه كما هو في المجلس النيابي الحالي الذي يغادر ساحة النجمة بعد 22 أيار 2022.
واذا كان لبنان متأثراً في هذه المرحلة بضجيج التحضيرات ليوم الخامس عشر من ايار، وبات كل شيء فيه ينبض بالاستعداد لمعركة صناديق الاقتراع، إلا انّ المحك الاساس للبنان يبدأ اعتباراً من اليوم الأول لبدء ولاية المجلس النيابي الجديد في الثالث والعشرين من أيار المقبل.
في هذا السياق، يقارب مرجع سياسي الاستحقاق الانتخابي وكأنّه حاصل في موعده حتماً.
ورداً على سؤال لـ«الجمهورية» عما يجعله مطمئناً ومتأكداً من اجراء الانتخابات في ظل ما يُحكى عن عقبات ومحاولات تعطيل، قال: «يجب ان ننتهي من معزوفة التعطيل والتشكيك، فالانتخابات ستحصل. ومجدداً اكرر أنه لن يكون في مقدور أحد في الداخل او في الخارج أن يعطّلها».
ولفت المرجع الى «انّ هذا الكلام قلناه اكثر من مرة لديبلوماسيين وغير ديبلوماسيين، ولكل من ساوَرته شكوك او قلق على الانتخابات، وأكدنا - وهنا بيت القصيد - انّ لبنان لم يعد يقوى على تَحمّل حتى نسمة الهواء إن هبّت عليه، فكيف بالنسبة الى هزّة خطيرة مثل نسف الانتخابات، وجميع الاطراف السياسية، من دون استثناء أيّ منها، تدرك انّ تعطيل الانتخابات معناه الانتحار، ونحن لا نريد أن ننتحر.. ونقطة على السطر».
ولدى سؤاله اذا كان قلقاً من نظرة عربية ودولية سلبية الى نتائج الانتخابات إذا لم تأت بالتغيير المنشود؟ قال المرجع: «اولاً، المجتمع الدولي وكل اصدقاء لبنان واشقائه العرب يحثّون على اجراء الانتخابات في موعدها من دون اي تأخير. وثانياً، مع الاسف لدينا قانون انتخابي قاصر عن إحداث أي تغيير، ولكن ما ينبغي أن ننتبه اليه، هو انّ الاكثرية النيابية، أينما كانت، سواء في يد «حزب الله» وحلفائه، او في يد خصوم الحزب ومن يسمّون أنفسهم بالسياديين، فهذا لا يغيّر في حقيقة لا يستطيع احد الهروب منها او نكرانها، وهي انّ الجميع خاسرون امام بلد مفجوع وشعب خسر كل شيء. وانّ الخسارة ستكون قاصمة اكثر، إن لم يحسن الجميع التقاط فرصة تخليص لبنان من أزمته. والمجتمع الدولي لا يطلب منّا اكثر من ذلك، والكرة طبعاً في ملعبنا».
ويضيف: «الآن، وفي هذه المرحلة، كلّ الكلام الذي يُقال من هنا وهناك ليس عليه جمرك، وكلّه لزوم الشحن والتعبئة الانتخابية، وهذا مَداه يفترض ان ينتهي في 15 ايار. ذلك انه بعد الاستيقاظ من سكرة هذه الانتخابات، سيكون الجميع امام لحظة الحقيقة، حيث سيتبدّى امامهم الامتحان المصيري، وان يختاروا بين الشراكة في اعادة إنعاش لبنان، وبين ان يُبقوه عالقاً في دوامة الازمة واحتمالاتها المجهولة. والفشل في هذا الامتحان سيكبّر المصيبة اكثر».