أكرم حمدان - نداء الوطن
يفترض أن تعاود اللجان النيابية المشتركة اليوم الإجتماع لمتابعة درس مشروع قانون الـ»كابيتال كونترول»، بعد «المناوشات» التي شهدتها الجلسة الأخيرة، وقد تحولت جلسة تشاور بدلاً من الجلسة الرسمية.
وفي حال تأمين نصاب الجلسة ـ وهذا أمر مستبعد ـ سيستكمل النقاش على ضوء الورقة الحكومية التي أحيلت إلى اللجان لتوضيح بعض القضايا التي أثارها النواب في الجلسة السابقة.
وتتحدث مصادر نيابية مختلفة عن ضبابية وعلامات استفهام حول الأفكار التي تضمنتها الورقة، عشية الإنتخابات التي باتت تتحكم بالمواقف وستدفع مع الضغوطات إلى عدم اكتمال النصاب من جهة، وعدم الإقدام على خطوات غير شعبية من جهة ثانية وبالتالي فإن تأجيل الـ»كابيتال كونترول» هو المرجح إلى ما بعد الإنتخابات في حال لم يطرأ ما يعرقلها أيضاً.
وما يُعزز توجّه التأجيل، الدعوات التي وجّهتها نقابات المهن الحرة للتحرك أمام المجلس النيابي رفضاً للمشروع بصيغته الحالية، لا سيّما أن هذه النقابات تعتبره مخالفاً للدستور وبمثابة تدمير ممنهج للإقتصاد اللبناني وإبادة جماعية بحق المودعين.
وتسجل جملة من المخالفات التي ينطوي عليها المشروع وهي: أنه يبرّئ ذمّة من استولوا على أموال المودعين والدولة بشكل مطلق، ويضرب هيبة القضاء والمؤسسات الدستورية جمعاء ويعدل الدستور بصورة مقنعة وينهي النظام الإقتصادي الحر، كذلك يشرّع عملية تهريب الأموال التي حصلت خصوصاً خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ويسقط مفاعيل الدعاوى القضائية المقامة قبل إقراره في الداخل والخارج ويعثّر إقامة دعاوى جديدة لحماية أموال المودعين.
كذلك يضع المودعين وفئات المجتمع المعنية تحت رحمة لجنة غير دستورية وقراراتها غير خاضعة لأي سلطة رقابية أو قضائية ويعطي اللجنة استنسابية تحديد ضرورة إجراء التحاويل والمدفوعات من دون حدود أو حسيب أو رقيب، ويضرب الإستثمار الخارجي المباشر، ويحصر إمكانية فتح حسابات جديدة بحالات محددة، كما يكرس التمييز بين الأموال القديمة والأموال الجديدة ويضرب الشمول المالي ويُحفز على تبييض الأموال.
وبينما تحدثت معلومات عن أن تكتّلي «لبنان القوي» و»الجمهورية القوية» كانا أبلغا الجهات المعنية بمجلس النواب رفضهما حضور الجلسة، علمت «نداء الوطن» أن تكتل «الجمهورية القوية» قرر أمس عدم المشاركة في جلسة اللجان ويبدو أن «لبنان القوي» سيسلك المسار نفسه.
أما بقية الكتل فستناقش وتدرس ورقة الحكومة لتبني على الشيء مقتضاه، رغم حديث البعض عن أن الورقة ليست سلبية بالكامل وليست إيجابية بالكامل وأن هناك أموراً بحاجة إلى توضيح خلال جلسة اللجان، في حال عقدت.
وترى مصادر نيابية أنه من الخطأ الخلط بين وظيفة الـ»كابيتال كونترول» ووظيفة خطة التعافي المالي والإقتصادي، لأن موضوع الودائع وتحديد وإعادة هيكلة المصارف ورسم سياسات مالية جديدة، كلها ترتبط حصراً بخطة التعافي، بينما يرمي الـ»كابيتال كونترول» إلى تنظيم موضوع السحوبات والتحاويل وفق إجراءات استثنائية وموقتة.
ويقول عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد الحجار لـ»نداء الوطن»: «إن ما ورد في مذكرة الحكومة حول خطة أو مشروع الخطة للتعافي يتطلب نقاشاً وتوضيحاً وخصوصاً البند المتعلق بحماية حقوق المودعين الذين لديهم مبلغ تحت الـ100 ألف دولار وتعتبرهم الورقة بأنهم يشكلون نحو 85 % من المودعين».
ويرى الحجار «أن ما ورد من ضمانات غير مضمون لأنه يربط الأمر بقدرة المصارف على الوفاء بها، كما أن هناك تجاهلاً ونسياناً لمن صرف الأموال، أي الدولة والحكومات، وشطباً لالتزامات المصرف المركزي لدى المصارف وهي بحدود 60 مليار دولار، وهذه أموال المودعين، كذلك هناك كلام كثير عن الإصلاحات الإدارية والمالية وهذا الأمر مطروح منذ موازنة العام 2002 أي إلتزامات باريس1 ولكن السؤال يبقى: هل هناك قرار لدى القوى السياسية على السير بهذه الإصلاحات؟».
سيبقى الموقف ضبابياً حتى إعلان عدم اكتمال النصاب وبالتالي البحث عن مخارج جديدة للتفاهم مع صندوق النقد الدولي ربما يكون من خلال إدخال بعض التعديلات على المشروع كما حصل في المادة الأولى لجهة أن حقوق المودعين مكرسة بحكم الدستور وأن الإجراءات الإستثنائية والموقتة لا تشكل مساساً بحقوق أصول المودعين، وكذلك التعريفات الخاصة بالقانون الواردة في المادة الثانية والتي خضعت لتعديلات عديدة أبرزها تعليق تعريف الأموال الجديدة بانتظار بلورة صيغة تتجاوز الإشكالات التي تضمنتها تعاميم مصرف لبنان.
أما المادة الثالثة التي تتحدث عن تشكيل اللجنة الخاصة التي تتولى الإشراف على تنفيذ الـ»كابيتال كونترول» فقد خضعت أيضاً لتعديلات وتم تقليص صلاحيات اللجنة وفق النص المقترح من الحكومة وإحالة الصلاحيات الأساسية لمجلس الوزراء.
وتبقى المادة 12 من المشروع أكثر مادة إشكالية لأنها تعتبر الـ»كابيتال كونترول» جزءاً من الإنتظام العام وتشكل مرجعية قانونية حاكمة على المنازعات القضائية بين المودعين والمصارف في المحاكم كافة.
يبقى السؤال أخيراً: هل ثمة مناخات من الفوضوية الممنهجة لأسباب سياسية ولحسابات انتخابية مختلفة تتقصد الخلط بين خطة التعافي والـ»كابيتال كونترول»؟ وماذا عن مصير الجلسة النيابية العامة التي يفترض أن يكون نجمها مشروع قانون الـ»كابيتال كونترول»؟