غادة حلاوي - نداء الوطن
قاصد الجنوب يلاقي أن الحماسة على الانتخابات والحديث عن المرشحين ليس له أثر إلا لماماً. طلائع الحملات الانتخابية وزيارات المرشحين المعتادة غائبة. الجنوبيون لا يظهرون حماسة للإقبال على صناديق الاقتراع. لعلّه الامتحان الأصعب بالنسبة إلى الثنائي الشيعي الطامح لتحقيق الفوز بكامل عدد النواب الشيعة أي 27 نائباً، والذي يعمل بجهد من أجل رفع نسبة التصويت لقطع الطريق على الخرق. مثل هذا الخرق كانت حظوظه وافرة في الدورة السابقة حيث فاز النائب ياسين جابر بـ8000 صوت، وكانت حظوظ اللائحة المدعومة من تيار «المستقبل» وافرة للخرق بالمرشح السني.
لا تخرج دائرة الجنوب الثالثة عن الجو العام المتخوف من تراجع نسبة الاقتراع والخرق الذي ارتفعت أسهمه مع توحد قوى المعارضة في مقابل لائحة الثنائي. خلافاً للدورة السابقة نجح الحزب «الشيوعي» في تشكيل لائحة «معاً نحو التغيير» المكتملة لخوض الانتخابات مقابل لائحة «الأمل والوفاء» للثنائي. تضمّ دائرة الجنوب الثالثة أربعة أقضية، النبطية، بنت جبيل، مرجعيون وحاصبيا، يترشح عنها 11 نائباً موزعون طائفياً على الشكل التالي: 8 نواب شيعة، نائب أرثوذكسي، نائب سني ونائب درزي، أما توزيعهم على الأقضية فهو على الشكل التالي: النبطية 3 نواب شيعة، بنت جبيل 3 نواب شيعة، مرجعيون وحاصبيا نائبان شيعيان، نائب روم أرثوذكس، نائب درزي ونائب سني.
وتُعتبر هذه الدائرة الأكبر من حيث عدد الناخبين الذين وصل عدد المسجلين من بينهم إلى 460,569 وعدد المقترعين إلى 228,563 مقترعاً وسجلت نسبة الاقتراع 49.62 بالمئة. قبل إعلان اللائحة كان البحث مستفيضاً حول أسماء المرشحين وشروط الترشح من حيث صحة التمثيل والقدرة على خوض المعركة، وبينما كان النقاش لا يزال مستمراً فوجئ البعض بإعلان اللائحة ما تسبب بانزعاج عدد من المحازبين من طريقة التعاطي، خاصة أن اللائحة التي أعلنت غير محصّنة بما يكفي لتشكل ملاذاً للمعترضين للتعبير عن حالتهم الاعتراضية من خلالها. وأبدى مصدر حزبي خشيته من أن يكون ضعف الترشيحات سبباً للإخفاق خاصة في الدوائر حيث رسا الخيار على شخصيات غير متواجدة بين الناس على حساب آخرين أكثر حضوراً بين أهالي المنطقة.
يعتبر الحزب «الشيوعي» أن معركته سياسية بامتياز وضمن الأطر الديمقراطية ولإثبات وجود الصوت المعارض لبعض السياسات التي أنهكت البلد وتسببت بانهيار مؤسساته الدستورية بالكامل، ويقول مصدر قيادي شيوعي في توصيف مشاركة حزبه: «هي أبعد من معركة انتخابية بمعناها السياسي بقدر ما هي معركة في مواجهة طبيعة النظام الطائفي والقوى السياسية المكونة له».
أي أن معركة «الشيوعي» الانتخابية لها بعدان. ويبدو أنه متفائل بإمكانية فوزه مع حلفائه وتأمين الحاصل للخرق أولاً ولأنه يعمل بجد لتوحيد كل القوى المعارضة. إتّبع تكتيكاً ناجحاً وسّع دائرة الحلفاء وكان حريصاً على مشاركة الكل في اللائحة من دون استئثار وعلى الانفتاح على الجميع أي القوى اليسارية وغير اليسارية التي تؤمن بالفكرة الأساسية للمشروع.
كقوى انتخابية سيضع الحزب «الشيوعي» ثقله مراهناً على نسبة اقتراع قليلة فالحاصل الذي كان في الدورة الأولى 20 ألفاً قد يتدنى إلى 15 ألفاً ما يعزز إمكانية تحقيق خرق. يؤكد المصدر أن «الشيوعي» ليس لديه مشكلة مع البيئة الجنوبية بكل أطيافها لا سيما أنه متفاعل مع هذه البيئة التي تملك روحاً تغييرية ونضالية تاريخياً، وبالتالي هي تعرف أكثر من أي طرف ثانٍ أن الحزب «الشيوعي» كان في مقدم من حارب إسرائيل في الـ82 وفي السبعينات، في وقت كان بعض القوى غير متواجد بعد بينما البعض الآخر كان موقفه مغايراً وهذا لا يلغي أن يقول كلمة حق لحماية الإنجازات التاريخية.
خلال معركته الانتخابية رفع الحزب «الشيوعي» شعاراً واضحاً ربط خلاله التحرير بالتغيير الديمقراطي «لأنه لا يمكن أن نعمل تحريراً فيما النظام فاسد ويفتح ثغرات أساسية تمكّن العدو من التسلل مجدداً، ومثل هذا النظام لا يحمي المقاومة وإنجازاتها بل هو نظام طائفي. والمطلوب إسقاط مثل هذا النظام من خلال قانون انتخابي يعكس صحة التمثيل.
معلومات أخرى تتحدث عن تعويل الحزب على دور فاعل لمجموعات الاغتراب المنضوية في «الاشتراكي» للتصويت له والعمل جارٍ على هذا الأساس ويعمل لأجله العميد اسماعيل حمدان اي والد المرشح كريم حمدان على لائحة «التغيير»، وهو قريب من الحزب «الاشتراكي» وعضو مجلس مذهبي سابق وعلى تنسيق مع والد أحد النواب المحسوب على «الاشتراكي» والمقيم في حاصبيا.
أيضاً هناك مراهنة على تغيير المزاج السني للتصويت لهذه اللائحة بعد اعتكافه عن المشاركة التزاماً بقرار سعد الحريري، لا سيما في بلدات شبعا والعرقوب والهبارية وكفرحمام التي يتفاءل «الشيوعي» بإمكانية ان يتحرك السّنة دعماً لهذه اللائحة ولرد اعتبارهم بعد الدورة الماضية العام 2018.
ولكن ما ليس معروفاً بعد كيف سيتعاطى المعارضون من داخل «الشيوعي» لبعض الترشيحات والمستبعدين أو اولئك الذين يعترضون على بعض التحالفات مع أحزاب كانت في السلطة وخرجت لتؤدي دور المعارضة. يقول المصدر إن «قواعد الحزب كانت معترضة على المشاركة في الانتخابات بالمبدأ لاعتبارها أن الانتخابات شكل من أشكال إعطاء الشرعية للنظام الطائفي، لكن وبعد نقاش مستفيض بين المكتب السياسي واللجنة المركزية أخذوا قراراً بالمشاركة لأن لا بد من صوت اعتراضي وقول كلمة بصوت عالٍ، وبداية الألف ميل بخطوة وهذه خطوة أساسية يمكن البناء عليها والضغط من أجل نظام انتخابي خارج القيد الطائفي. مؤكداً أن القوى والمجموعات التي كانت معترضة تلتزم بقرار الحزب لخوض المعركة.
في هذا الوقت لا تستبعد الدراسات الانتخابية على الأرض أن تحظى لائحة «الشيوعي» بحاصل انتخابي سيكون لصالح مرشحه الأرثوذكسي على حساب المرشح على لائحة الثنائي أو على حساب المرشح السني، بالنظر إلى اعتكاف تيار «المستقبل» وتدني نسبة التصويت المتوقعة.