عندما ظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 18 مارس الماضي على منصة ملعب Luzhniki في موسكو، ليحدث 80 ألف محتشد عن حربه في أوكرانيا، كان يرتدي ما يزيد ثمنه عن راتب ملايين الروس بعامين وشهرين: معطف إيطالي، ماركة Loro Piana منفوخ، ثمنه 13.750 دولاراً، وتحته كنزة عاجية اللون، ثمنها 4.200 على الأقل، وفقاً لحسبة قام بها من استندوا إلى أرقام حكومية تذكر أن متوسط الراتب السنوي بروسيا، كان 678.500 روبل العام الماضي، أي تقريباً 8000 دولار.
ويذكر المطاردون لثروة بوتين، وأهمهم اثنان: قضى أحدهما قتيلاً والثاني سجين في موسكو، أنه يملك 20 فيلا فاخرة في مواقع مميزة بروسيا، منها 9 تم البدء ببنائها منذ وصل عام 2000 إلى السلطة. كما يملك يختاً قيمته 125 مليوناً. أما طائرته الرئاسية الرئيسية، وهي Ilyushin Il-96 مخصصة، ففيها صالة ألعاب رياضية ومرحاض مطلي بالذهب كلف 80 ألف دولار "لذلك يتمسك بالسلطة لأطول فترة ممكنة، لأنه اعتاد على عيش لا يزعجه إذا كان ممولاً من دافعي الضرائب" وفقاً لما ورد بتقرير كتبه Boris Nemtsov النائب بأواخر التسعينات لرئيس الوزراء في عهد الرئيس الراحل بوريس يلتسن.
وكشف التقرير عن ولع بوتين بالرفاهيات وبكل ما هو فاخر حين ظهر قبل عقدين بعنوان "حياة عبد على قارب" في إشارة ساخرة إلى زعم بوتين بأنه اشتغل مرة "كما العبد على متن سفينة من أجل مصلحة روسيا" ففيه تحدث نيمتسوف عما يملك من فلل وطائرات خاصة وساعات فاخرة، إضافة لأسطول سيارات باهظة الثمن، وفقاً لما تلخص "العربية.نت" أهم ما ذكرته عنه صحيفة "التايمز" البريطانية اليوم السبت، مع أن راتبه السنوي في ملفه الضريبي 10 ملايين روبل، أي 120 ألف دولار، ولا يملك إلا شقة صغيرة في مدينة سانت بطرسبرغ، وسيارتين من صنع الاتحاد السوفييتي البائد.
بسبب ذلك التقرير، كما ودعوته إلى مسيرة مليونية احتجاجاً على احتلال روسيا في 2014 لشبه جزيرة القرم الأوكرانية، إضافة لمعارضته بوتين باستمرار، اعترض 5 مسلحين شيشانيين نيمتسوف حين كان قبل نصف ساعة من منتصف ليلة 27 فبراير 2015 على جسر قريب 180 متراً من الساحة الحمراء، حيث يقع الكرملين بموسكو، وأطلقوا عليه 7 رصاصات، أردته 4 منها قتيلاً بعمر 55 سنة، ونجت من كانت تتمشى معه على الجسر، وهي صاحبته عارضة الأزياء الأوكرانية Anna Duritskaya البالغة 24 ذلك العام.
ساعة بنصف مليون
بعده ورث Alexei Navalny زعامة المعارضة، وراح يجمع مع فريقه معلومات عما يملكه بوتين، وبدقة مبهرة، إلى درجة أنه ذكر بتقرير نشره في 2018 واطلعت "العربية.نت" على شيء منه في الإنترنت، أن ما ظهر على معصم بوتين من ساعات فاخرة في الأماكن العامة "قيمته 440 ألف دولار، أي ما يعادل راتبه السنوي الرسمي للسنوات الست السابقة" كما قال.
أما جوهرة ما يملكه من ساعات، فواحدة غلافها بلاتيني وقيمتها وحدها نصف مليون، وهي من تصميم شركة A Lange & Söhne الصانعة الألمانية للساعات "ويبدو أن بوتين طلب سلفة من راتبه عن 6 سنوات مقبلة وأنفقها كلها على الساعة. ومع أنه ملزم بموجب القانون الروسي الإبلاغ عن أي هدايا، إلا أنه لم يعلن عن أي من هذه الساعات" وفقاً لما ذكره نافالني من معلومات، بينها ما هو أهم بكثير، وهو "ملكيته السرية لقصر مذهل على ساحل البحر الأسود" كلفته مليار و300 مليون دولار، وفيه مهابط للهليكوبترات وحقل تحت الأرض لممارسة رياضة ice-hockey تزلجاً على الجليد. كما فيه نفق يؤدي إلى الشاطئ ومنتجع- صحي مع مستوعبات لتخزين الطين العلاجي.
زجاجة نبيذ بأكثر من 75 ألف دولار
وتم تجهز مراحيض القصر بفرش إيطالية ذات أوراق ذهبية قيمة الواحدة 1000 دولار، مع حوامل لورق التواليت مطلية بالذهب، ثمن الواحدة 1200 دولار في بلاد موصوفة بأنها بين أكبر 3 منتجين للنفط والغاز بالعالم، إلا أن 16 مليوناً من سكانها البالغين 145 مليوناً، "مدرجون رسمياً كأصحاب دخل أقل من خط الفقر البالغ 143 دولاراً بالشهر" على حد ما ورد أيضاً بالتقرير الذي ما إن مرت ساعات على نشره، إلا وأعلن الملياردير الروسي Arkady Rotenberg المعروف بأنه أحد أقدم أصدقاء بوتين، بأن القصر ملكه، مع أنه يقع بمنطقة حظر طيران، وحوله نقاط تفتيش يعمل بها ضباط أمن الدولة.
ويرددون عن القصر المثير للجدل، أنه محاط بأراض تابعة له مساحتها أكبر من منهاتن بنيويورك، يخترقها مدرج خارجي للطائرات، وفيها مزارع كروم يُقال إنها تنتج نبيذاً حصرياً يتم تقديمه لضيوف الكرملين، ومنهم من تمت دعوته في 2015 لتذوق نبيذ من زجاجة إسبانية الإنتاج، تم اختلاسها من شبه جزيرة القرم، لبوتين ورئيس وزراء ايطاليا الأسبق، سيلفيو برلسكوني "وكانت من ماركة Jerez de la Frontera إنتاج عام 1775 وقيمتها أكثر من 75 ألف دولار". وفقاً لتقرير نافالني الذي نجا من تسميم تعرض له بغاز للأعصاب في أغسطس 2020 بلندن، ولما عاد بعد العلاج في 17 يناير 2021 إلى موسكو، اعتقلوه ومن وقتها هو سجين فيها.
ورغم هذا العرض عن الولع البوتيني بالفاخر والمميز من الأشياء، فإن التقديرات المتعلقة بثروة الرئيس الروسي "صعبة جداً، للاعتقاد بأنها بأسماء أفراد أسرته وبعض أصدقاء الطفولة، حتى حراسه الشخصيين" لذلك وصفت مجلة Forbes الاقتصادية الأميركية البحث عن أصول الزعيم الروسي بأنه "اللغز الأكثر مراوغة في البحث عن الثروة" فهو ينفي بأنه أحد أغنى أغنياء العالم، ويكرر دائماً عبارة: "أنا ثري، لأن الشعب الروسي عهد إليّ بقيادة أمة عظيمة، وهذه هي ثروتي".