جويل بو يونس - الديار
على قاعدة «انا عملت اللي عليي»، فعلها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، فادّت حكومة «معا للانقاذ» قسطها للعلا امام صندوق النقد الدولي، بعدما قدم «هدية الكابيتال كونترول الحكومية»، على طبق «مشروع قانون» اراده مجلس النواب مجتمعا.
«من عنا خلصت يا جميل»، بهذه العبارة علق مصدر وزاري على مجريات جلسة الحكومة التي وافق بموجبها المجتمعون على «الكابيتال كونترول» كمشروع تمهيدا لاحالته الى مجلس النواب وبما يشبه القول «نحنا عملنا الـdevoir وخلصنا»، قال المصدر «طلب النواب مشروع قانون وتعديلات لاسيما على اللجنة، فكان لهم ما اردوه، وعند الامتحان يكرم المرء او يهان».
لكن نتيجة «امتحان البرلمان» تستشف من «البروفا» الحكومية لوزراء «الثنائي الشيعي» ومعهم وزير «التكتل الوطني» والحزب «الديموقراطي اللبناني» ووزير السياحة، الذين ابدوا تمنّعهم او اعتراضهم على ما ورد بالصيغة الحالية ، لاسيما لجهة اللجنة وصلاحياتها المتعلقة بالبت بطلبات السحب. ولعل الابرز كان الاعتراض الذي سجله وزراء «امل» وحزب الله، والذي يُقرأ في السياسة، معارضة ضمنية لرئيس مجلس النواب للصيغة المطروحة. فهل تكون طريق «الكابيتال كونترول» معبدة هذه المرة باتجاه مجلس النواب؟
نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي ردّ قائلا لـ «الديار» : نحن قمنا بواجباتنا، مجلس النواب قال انه يرد الصيغة عبر مشروع قانون من الحكومة، وبالتالي «اذا هيدي هيي الحجة، فنحنا عملنا اللي لازم والباقي عليون». اضاف الشامي : على النواب ان يتخذوا القرار المناسب، لاسيما ان الصيغة، وعلى عكس كل ما يقال» لا تضر بالمودعين.
وحول سقف السحوبات المحدد بـ 1000 دولار وبالليرة حسب تعميم 161 اي على دولار 8000 ليرة، لاسيما ان هذه النقطة شكلت الاشكالية الابرز للمعترضين، شدد الشامي ان الصيغة الحالية لا تحدد المبلغ بـ 1000 دولار انما قالت ما حرفيته: ما لا يزيد عن 1000 دولار بالدولار اما بالليرة او لولار.
واشارالشامي الى ان الاعتراضات في جلسة اللجان لم تكن على المضمون، بل على الشكل والصيغة القانونية، وهذا ما تمت معالجته سواء بالشكل عبر ارسال الصيغة بمشروع قانون من الحكومة، او من حيث المضمون عبر التعديلات القانونية التي طرحها وزير العدل وتم الاخذ بها ، لاسيما لجهة تركيبة اللجنة وصلاحياتها.
وفي هذا الاطار، اشارت مصادر مطلعة على جو وزارة العدل الى ان التعديلات التي كان البعض يطالب بها ادخلت، وهي محقة ، اذا لم يكن يجوز ان تعطى اللجنة صلاحيات تشريعية وتنفيذية وحتى قضاىية، لاسيما ان ليس هناك من لجنة في العالم تمتلك هذه الصلاحيات المطلقة. وشددت المصادر على ان هذه النقطة تمت معالجتها، اذ تضمنت التعديلات ان اللجنة تعد وترفع توصيات للحكومة، وعلى اساس ما تقرره الحكومة تأخذ اللجنة قرارها.
وفي موضوع الرقابة والملاحقات ادخلت تعديلات، اذ تشرح المصادر المطلعة على جو وزارة العدل ان الصيغة السابقة كانت تعطي مصرف لبنان حصرا صلاحية تحريك الدعوى العامة، فيما لا يحق ان يعمد لتحريك الدعوى الا النيابة العامة التمييزية، وبالتالي فمهام «المركزي» هي تحويل المخالفات للنيابة العامة التمييزية.
وعما يقال ان الصيغة التي اقرت تحظى بوافقة صندوق النقد الدولي، اكد مصدر موثوق بان هذا الكلام غير دقيق، فما يمكن ان يستشف من موقف الوفد الذي زار لبنان والتقى المعنيين مفاده: هذه الصيغة هي افضل من الصيغ السابقة، لكنها ليست الاحسن، ويمكن بذل المزيد من الجهود في هذا الاطار.
وعن هذه النقطة تحديدا اكتفى نائب رئيس الحكومة بالقول: «لا يمكن ان تتوقف مؤسسة كبيرة عند كل نقطة وفاصلة لكن حوالى ٩٩ بالمئة من النقاط متفق عليها.
وبالعودة الى «البروفا الحكومية»، والاعتراضات التي سجلها وزراء «الثنائي»، فهي ستنسحب حكما، كما يقول مصدر سياسي رفيع، على مجريات اية جلسة تشريعية على جدول اعمالها مشروع قانون «الكابيتال كونترول» المحال من الحكومة، علما ان المعلومات تفيد بان هذا المشروع سيحال قبل احالته الى البرلمان الى مجلس شورى الدولة لابداء الرأي حول بعض البنود، ومن بعدها يحال حكما الى مجلس النواب.
وعندما يسلك مشروع القانون طريقه التشريعي، ويصبح على مشرحة المجلس النيابي ، هناك سيتبين الخيط الابيض من الاسود، علما ان البعض يقول بان الخيط واضح منذ البداية، فالمواقف الاعتراضية على الطاولة الحكومية تؤذن باعتراضات نيابية، وتطرح كما تقول اوساط رفيعة، نوعا من من الحركة الاستباقية، ليس فقط على «الكابيتال كونترول»، بل ايضا على برنامج المساعدات الذي يمكن ان يقترحه برنامج صندوق النقد الدولي، والذي قد يعترض عليه «الثنائي الشيعي»، علما ان الاوساط نفسها تحرص على التأكيد بان الاكثر قلقا هو ان صندوق النقد الدولي يبدو انه ليس موافقا بشكل كامل على صيغة «الكابيتال كونترول»، ولو انه وجدها افضل مما كان سيعرض على البرلمان.
وفي هذا السياق، لعل اخطر ما كشفته مصادر موثوقة، مما رشح من اجتماعات صندوق للنقد مع الجانب اللبناني امس، ان وفد الصندوق ابلغ بشكل واضح الجانب اللبناني انه بحسب رؤيتهم لا يمكن ان يضمنوا الا الودائع تحت خط الـ 100 الف ، والتي تعود لشخص واحد بمصرف واحد لا بمصارف عدة، وكل ما هو فوق الـ ١٠٠ الف دولار سيتعرض للهيركات حكما.
على اي حال وبالانتظار، ووسط هذا التخبط السياسي والتشريعي، والتضارب بالآراء والتناقض بالمواقف، امر واحد بات شبه مؤكد، كما يقول مصدر نيابي: «احد لن يتجرأ على اقرار الكابيتال كونترول قبل 15 ايار، تفاديا لكابيتال كونترول من نوع آخر قد يمارسه اللبنانيون في صناديق الاقتراع»!