رجاء الخطيب - الديار
في بلد يلفه الغموض في صياغة وطرح السياسات المالية التي أذهلت ثعالب «وول ستريت» أنفسهم، يجب البقاء على أعلى درجات الإحتياط والتنبه لكل جديد في الشأن المالي والنقدي، خصوصا ان البند ٢٩ على جدول أعمال جلسة مجلس النواب يتضمن اقتراح جديد لـ «الكابيتال كونترول» ويتضمن تشكيل لجنة مؤلفة من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ووزير المال يوسف خليل ، ورئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي، والعضو الرابع المقترح مشاركته في اللجنة هو وزير الاقتصاد أمين سلام. فما هي أهم واخطر خفايا هذا القانون؟ وما هي تبعاته الثقيلة التي قد تلحق بلبنان في حل تم اقراره؟
الخبير الإقتصادي باتريك مارديني قال لـ «الديار» أن هذا الطرح للقانون من أسوأ الطروحات حتى اللحظة، خصوصاً فيما خص طريقة اسقاطه في اللحظة الأخيرة والغموض الذي يكتنفه والإستعجال به قبيل وصول وفد صندوق النقد الدولي لاقراره دون قراءته وهذا يعكس خوفهم من أن تقرأه الناس وتطلع على خفاياه.
ورأى أن أسوأ ما في هذا القانون أنه يغير تعريف مفهوم «الدولار القديم» أي الدولار الموجود في المصارف من قبل تشرين 2019 ويطرح أن يصبح من قبل 2020 ليشمل بذلك «الدولارالفرش»، وهذا التذبذب في تعريف «الدولار القديم» يخلق مشكلة، خصوصاً في موضوع الثقة المتبقية في إيداع «دولار فرش» في المصارف أو في إرسال «دولار فرش» إلى لبنان، وبالتالي ينعكس فقدان أكبر للثقة في السلطات اللبنانية أيضاً، واكد ان الهدف الرئيسي من قانون «الكابيتال كنترول» هو تقييد «الدولار القديم» في المصارف كونها خسرت جزءا كبير منه، ويضع قيودا على العملة الوطنية.
وعن الهدف والسبب من هكذا خطوة سيئة جداً، علماً أن المنطق يدعي إلى تحرير الليرة من القيود للسماح للإقتصاد الوطني بالإنتعاش والعمل بالعملة الوطنية، فما الهدف من شمل «الكابيتال كونترول» لليرة اللبنانية؟ يجيب مارديني أن هناك نوايا سيئة من خلف هذا القانون وهي رغبة متعلقة ب»تليير» الودائع وعدم السماح للمودعين بتحويل ليراتهم إلى دولار وهي خطوة في حال حصولها فانها سوف تتسبب بالكثير من الضرر على الإقتصاد ولن تشكل أي قيمة مضافة لا بل أنها سوف تضعف قدرة لبنان على جذب التحويلات الخارجية بالليرة اللبنانية علماً أن لبنان يتنفس على هكذا تحويلات.
وأشار مارديني فيما يتعلق بـ «الكابيتال كنترول» على الدولار، إلى أن المصارف لديها١٠٠ مليار دولار ودائع، ومنها 12 إلى 13 مليار دولار لدى مصرف لبنان من الإحتياطي، وقد تستطيع المصارف اللبنانية إستعادة ما يقارب 15 مليار دولار من القروض والأصول والسندات، أي أنه قد تبقى ما يقارب ٣٠ مليارا من أصل 100 مليار في الصندوق، ولكن هذا الإقتراح يمنع على المودعين الحصول على دولاراته، ولكن يسمح للحكومة بتحويل الأموال من الليرة إلى الدولار، أي ما يعني الإستحواذ على ما تبقى من أموال المودعين وصرفها، كما تم صرف الـ 70 مليارا الماضية على صفقاتها ومشاريعها الفاشلة، وهو بالتالي يشرعن هدرها أيضا.
قد يمر القانون وقد يتم رفضه، ولكن الأكيد أن الرفض في حال حدوثه فإنه إستعراض إنتخابي لا أكثر، والمؤكد أكثر من ذلك أن الجميع يريد اقراره ضمنيا للتخلص من مشكلة المودعين بأساليب «ممغمغة» وتقاذف التهم فيما بينهم في «بروباغندا» رخيصة لم تعد تنطلي على أحد، إلا على من يستعد لتكرار أخطاء الماضي في الإنتخابات المقبلة، ليعود ويتلقى الصفعة مجدداً من بعدها، إذ أن هكذا عقلية لا يمكن أن تقوّم أو تعمل بأسلوب مختلف «ولو بدا تشتي كانت غيمت»!