عدنان رمال - الجمهورية
الاقتصاد الوطني يعيش في اصعب اوقاته واشدها خطراً على بقائه ووجوده. لا يمكن لأي اقتصاد في العالم، حتى لو كان اقتصاداً إنتاجياً ويملك الكثير من الاكتفاء الذاتي ويفيض عن استهلاكه الداخلي، ان يستمر ويبقى في ظل ظروف مشابهة للواقع الاقتصادي اللبناني، فكيف اذا كان مثل اقتصادنا يعيش على الاستيراد بنسبة تفوق 80 بالمئة ولا يملك موارد اساسية ويقوم على الاستهلاك والريع ومن دون اي إنتاجية لها قيمة فعلية.
كيف يمكن للاقتصاد الحقيقي والواقعي ان يستمر ويحافظ على ديمومته ويحافظ على الرساميل وعلى الوظائف في القطاعين العام والخاص في ظل تدهور قيمة الرواتب وانعدام القيمة الشرائية وفي ظل ارتفاع اسعار الصرف للعملات الاجنبية بشكل يومي ومن دون اي استقرار، وفي ظل تعدّد اسعار الصرف لذات العملات الاجنبية وحتى الوطنية؟ وهذا ما يدعو الى التوقف عنده في كثير من الاستهجان خصوصا بعد ان استجد اخيراً حجز الاموال في المصارف للعملة الوطنية، ووصلت نسبة الحسم على الشيكات بالليرة اللبنانية الى ما يوزاي 30 بالمئة بعد ان وصلت نسبة الحسم على الشيكات الدولارية الى 84 بالمئة.
كيف يمكن لاقتصاد ان يستمر ولا يمكنه التداول في عملته الوطنية مع واقع خسارتها حوالى 90 بالمئة من قيمتها؟
كيف يمكن لاقتصاد ان يستمر في ظل تعدد طرق الدفع في ذات العملة ولكل طريقة دفع قيمة مختلفة؟
كيف يمكن لاقتصاد ان يستمر بعد ان أعدّت الحكومة موازنة غير متوازنة تقوم على الجباية المفرطة والمبنية على التضخم وليس على الانتاج؟ كيف يمكن لاقتصاد ان يستمر مع حالة الانكار الحكومية ومن دون طرح اي خطة نهوض واقعية مبنية على اساس الموجودات الفعلية الباقية وليس على حسابات دفترية غير واقعية؟.
بعد اكثر من ثلاث سنوات على بداية الأزمة الاقتصادية المالية والتي ادّت الى أزمة نقدية واجتماعية كبيرة واوصلت البلد والناس الى إفقار عام، وأهدرت الاموال والاصول لكافة اللبنانيين ودمّرت كافة القطاعات الحكومية والخاصة والتي تم الصرف عليها وكلّفت الخزينة مليارات الدولارات، اصبحت في حكم التلاشي.
كيف يمكن لاقتصاد ان يستمر في ظل غياب قطاع الكهرباء وفي ظل غياب قطاع الاتصالات وفي ظل غياب القطاع الاداري للدولة؟
كيف يمكن لاقتصاد ان يستمر في ظل قطاع مصرفي شبه مفلس ويحجز اموال المودعين من شركات وافراد من مقيمين ومغتربين؟
كيف يمكن لاقتصاد ان يبقى ولو بالحد الادنى في ظل تغيير ضريبي في كل موازنة ومنها موازنة 2022 التي تعدل وتفرض اكثر من 70 بندا ضريبيا على اقتصاد يعاني ركودا وتضخما مفرطا وتراجعا كبيرا وصل لحدود 70 بالمئة ؟
لا يمكن لأي بلد ان يبقى في حال انهار اقتصاده كلياً. ويبقى الحل موجوداً ولو كان قاسياً وصعباً، ولكن يجب الشروع فيه ويجب إنهاء حالة الانكار ويجب وضع اللبنانيين في حقيقة الامور مع صعوبتها ومع خسائرهم الفادحة التي قد تعوز سنوات طويلة لتعويضها.
لكن بالمكابرة والامعان في سياسة شراء الوقت وإخفاء الحقيقة عن الناس لن تستقيم الامور ولن تحدث المعجزات ولن تعود الاموال، فما قد ذهب لن يعود إلا بتحمّل الدولة اللبنانية المسؤولية اولاً وثانياً المصارف وثالثًا الحقيقة لعموم الناس.