اللبنانيّون عالقون بين "دولرة" فواتير الإشتراك وارتفاع التسعيرة
اللبنانيّون عالقون بين "دولرة" فواتير الإشتراك وارتفاع التسعيرة

اقتصاد - Friday, March 18, 2022 6:00:00 AM

يمنى المقداد - الديار

تعود أزمة المولدات الخاصة بقوّة إلى حياة اللبنانيين، وهذه المرّة من باب عالمي ضاغط هو الآخر، فبعد أن تقبل اللبنانيّ على مضض فاتورة الإشتراك والتي تبدأ من 500 ألف ليرة في بعض المناطق، وتصل إلى مليون ونصف في مناطق أخرى (2.5 أمبير) تبعا لساعات تشغيل المولد وتسعيرة الكيلواوط، أصبحت اليوم الفاتورة «مدولرة»، وزادت أضعافا، وإلا العتمة القسرية آتية لا محالة.

 
تسعيرة 2.5 «أمبير»: 8 دولارات ثابتة وباقي الفاتورة باللبناني

هبة مواطنة مشتركة (مقطوعة 2.5 أمبير) تفاجأت بقرار صاحب الإشتراك إطفاء المولّد لعدم قدرته على الإستمرار بسبب ارتفاع سعر المازوت، لا سيّما بعد أن رفض معظم المشتركين دفع الزيادة التي أٌقرّها على الفاتورة الشهرية.

والنتيجة غرق نحو 250 منزلا بالعتمة لما يقارب 10 أيّام، إلى أن قرر صاحب المولد بدولرة التسعيرة فمثلا تسعيرة (2.5 أمبير) أصبحت 35 دولارا، وبعد أخذ وردّ تمّ التوصل إلى إتفاق بتكريس رسم شهري ثابت قدره 8 دولارات وفق سعر الصرف اليومي، ودفع باقي الفاتورة بالليرة وفق تسعيرة البلدية للمقطوعة، والتي تختلف كلّ شهر تبعا لسعر صفيحة المازوت، وبالنسبة للعدّاد يبلغ رسم الإشتراك الثابت 12 دولارا ، مضافا إلى ما يصرفه المشترك تبعا لتسعيرة الوزارة الشهرية.

وقد اعتمد تحديد الرسم الثابت بالدولار لتغطية فارق الإرتفاع اليومي لسعر المازوت، ورغم أنّ القانون يمنع ذلك، فإنّ الإتفاق بين الطرفين يشرعنه، وفق مصادر بلدية، على أنّ تسعيرة 35 دولارا «أهون» برأي هبة من التسعيرة المعتمدة في مناطق أخرى، حيث تدفع شقيقتها مبلغ 50 دولارا «مقطوعة» لنفس حجم التغذية.

أجبر المشترك اللبناني على القبول بالتسعيرة الجديدة بعدما تمّ ابتزازه بالعتمة، ولكن في المقابل هناك من يعذر أصحاب المولدات فتسعيرة وزارة الطاقة غير منصفة لهم، كما أنّ المسؤولية الأساس تقع على الدولة التي تخلّت عن واجباتها بتأمين التغذية التي تقتصر حاليا على ساعتين يوميا في معظم المناطق ليصبح وجودها كعدمه.

تسعيرتان في الشهر لوزارة الطاقة

يرتفع سعر المحروقات في لبنان مؤخرا نتيجة الإرتفاع العالمي لأسعار النفط، وربطها بسعر الدولار الذي يتصاعد في الفترة الأخيرة، ما دفع وزارة الطاقة والمياه، وإستثنائيا هذا الشهر -على حد تصريحها-، إلى إصدار تسعيرة المولدات الخاصة على مرحلتين.

ويشار إلى الإرتفاع التدريجي والمفاجىء لسعر طن المازوت من 620 دولاراً إلى ما يقارب 1200 دولاراً، ويتجاوز احيانا 1300 و1400 دولارا في السوق السوداء، ما زاد من كلفة المازوت والكيلوواط على أصحاب المولدات ومن أرقام فاتورة المشتركين بنسبة بين 20 و30%.

ما الذي يضبط التسعيرة؟ في ظلّ هذه التطورات، حاول بعض أصحاب المولدات التحايل على الأزمة بإلغاء العدادات وتحويلها إلى «مقطوعة»، فالأخيرة ثابتة شهريا وتزيد كلما ارتفع سعر المازوت والدولار، فيما عمد آخرون إمّا إلى التقنين بدلا من رفع التسعيرة أو الخيارين معا.

بموازاة ذلك، يُتّهم أصحاب المولّدات عادة بالتلاعب بالتسعيرة، وفيما ينفي رئيس «تجمّع أصحاب المولدات» عبده سعادة ذلك في حديثه لـ «الديار»، يشدّد على أنّ تحديد التسعيرة ليس من مسؤولية أصحاب المولّدات بل وزارة الطاقة والمياه، كاشفا أنّ الجباية الشهرية للمولدات تنتهي بتاريخ 15 من الشهر الجاري و «ما بقى معنا حق مازوت»، داعيا إلى «ردّ» المازوت على السعر اللبناني، كي «نتمكن من تزويد المواطن بالكهرباء والتي يمكن أن تصل إلى 20 ساعة يوميا وتعود الفاتورة الى ما بين 450 و500 ألف ليرة بدل مليون ومليوني ليرة شهريا.

وفي تصريح إعلامي مرادف ، حذّر سعادة من أنّه «بعد 15 آذار لن يصمد القطاع، وقد تنقطع كهرباء المولّدات».

أين أصبح الحل المتمثل

باستجرار الغاز والكهرباء؟

في هذا الشأن، يؤكد مدير عام الإستثمار السابق في وزارة الطاقة والمياه غسان بيضون لـ «الديار» أنّ المواعيد المحدّدة التي ننتظرها في هذا الشأن، أصبحت بمهب الريح خاصة بعد ارتفاع أسعار المحروقات عالميا، والذي سينعكس حكما على عقود هذين المشروعين، لأنّ الأسعار لم تعد مناسبة وتحتاج لإعادة البحث، إضافة إلى أنّ ما من أحد إطلاقا متأكد من رفع الحظر الأميركي على قانون قيصر بالنسبة لهاتين الاتفاقيتين، متطرّقا للبعد المالي المتمثّل بارتفاع أسعار المحروقات والقفزات الجديدة للدولار، ولفت إلى أنّ مشروع زيادة تعرفة كهرباء لبنان مبني وفق سعر الدولار والغاز، واستبعد أنّ تتحقّق كلّ هذه التصوّرات خصوصا أنّها معلّقة على العديد من الشروط والانتقادات ومعرضة للانتكاسة بأيّ لحظة.

اضاف : لا يزال إتفاق لبنان والعراق حول استيراد النفط العراقي مقابل الخدمات والسلع ساري المفعول ، فقد بقي لنا فقط النفط العراقي الذي يعطينا تغذية بين 3 و4 ساعات يوميا، مشيرا إلى أنّه يمكن التركيزعلى تطويره وهذا أفضل وأسرع من أيّ معالجة أخرى حاليا، و بالنسبة للتدابير التخفيفية عن كاهل الناس أشار إلى أنّ المقطوعة كارثة وفيها ظلم كبير، وفواتير العدادات مرتفعة، وأوصى الناس بالحدّ الأدنى من الاستهلاك، والأبنية التي تمتلك مولّدات كبيرة بتوسيع دائرة المشتركين بدلا من انتاج طاقة دون جدوى.

الطاقة الشمسية: الحل المستدام الأمثل

في هذه الجزئية التي أعطاها بيضون أهميّة قصوى لكونها من أفضل وأسرع الحلول لأزمة إنتاج الكهرباء في لبنان، قال إنّه وبدل أن ينفق مصرف لبنان دولاراته على دعم الليرة، يفترض أن يخصص جزءا من الأموال التي قدمها صندوق النقد الدولي، لإقراض الناس الراغبين بإنتاج الطاقة الشمسية للاستعمال الخاص.

وقد سبق وأجرى وزير الطاقة مناقصة لتلزيم إنتاج الطاقة الشمسيّة بـ 500 ميغاواط، والحكومة الحالية لديها صلاحية الهيئة الناظمة حتى 30 نيسان 2022 بموجب القانون 129 / 2019، وتمتلك ملايين الأمتار المربعة من الأراضي في البقاع والشمال وعكار ويجب أن تخصصها للراغبين بالإستثمار وإجراء مناقصات لمتموّلين لبنانيين، وهذا من أهمّ الإجراءات التي تخفّف من حدّة الازمة وأسرع من أيّ حل وأقل كلفة حيث لا تحتاج إلى مصاريف تشغيلية ومحروقات.

هل نهج الوزارة الجديدة يسير وفق هذ الحل؟ يرى بيضون أنّ وزير الطاقة أصبح أسير الخطة الحالية الموجودة، لافتا إلى أنّ هناك نوعا من الضغط عليه للإستمرار بها، فيما تبدو الحكومة مربكة بهذه الخطة المعقدة التي لا تمتلك أيّ حظوظ بالنجاح ومبنية على مرحلة أولى هي الغاز المصري والكهرباء من الأردن، والذين» طاروا بمهب الريح»، فهم معلقين على أكثر من إرادة وشرط، يعني «مشروع الغاز المصري والكهرباء من الأردن طبخة بحص على نار باردة.»

اشارة الى ان كلام بيضون أكده مضمون تصريح السفيرة الأميركية دوروثي شيا بعد اجتماعها بوزير الطاقة والمياه (15 آذار) حيث أوحت إلى التقدم المستمر في صفقات الطاقة الإقليمية، لكنّها وصفتها بأنّها عملية طويلة ومعقدة ...وأنّ هذه الممارسة ليست سهلة لا سيما في الوقت الحالي ، نظرًا لكل التعقيدات الأخرى في العالم والاضطرابات التي حدثت في أسواق الطاقة العالمية بسبب هذا (الغزو الروسي لأوكرانيا. ..

ويلفت بيضون إلى أنّ الأمور تذهب باتجاه أصعب بسبب تصاعد سعر الصرف والمحروقات، مؤكدا أنّ مصيبة لبنان أنّ ليس لديه الحد الادنى من إنتاج الكهرباء لعدم توفر التمويل لشراء المحروقات فالمرحلة الأولى من خطة الكهرباء تشترط تأمين سلفة خزينة من الموازنة العامة التي تعاني من العجز ولن تستطيع أن تتحمل 5250 أو 10500 مليار، ومن الوهم أن نعلّق الآمال على هذه السلفة لدعم الغاز المصري وكهرباء الأردن، في حين أنّه يمكن العمل على مضاعفة كميات النفط العراقي وهذا أسرع وشروط الدفع سهلة، لافتا الى أن تغير الظروف يؤكد أنه لم يعد للخطة أي حظوظ بالنجاح.

خلاصة القول:

- المولدات والمشتركون في أزمة عميقة.

- إرتفاع المازوت والدولار حتّم إرتفاع الفواتير على الطرفين..

- ضربة جديدة تلقاها المواطن الذي يتحمّل كل الإرتفاعات وحده..

- كهرباء الدولة : تغذية ساعتين يوميا من النفط العراقي فيما خطة إستجرار الكهرباء من مصر والأردن مجرد ذرّ للرماد في العيون.

- طاقة الشمس هي أفضل الحلول ولكنها ممنوعة على غير المقتدرين ... والوزارة الحالية لم تتبنى هذا الحل رغم سهولته، يلي هذا الحل مضاعفة كميات النفط العراقي.

من هنا، يبدو جليا أنّ حل أزمة الكهرباء ممنوع حاليا، ومن بين الأهداف الضغط أكثر على لبنان لتحقيق مكاسب إنتخابية وترسيم الحدود لصالح العدو الصهيوني، وما النفط العراقي إلا «تسكيت جوع» للمواطن الجائع لأبسط مقومات الحياة، والأخطر أنّ الدولار يتفلّت ما سيجعل من الكهرباء الخاصة حكرا على المقتدرين كما الشمس وطاقتها! 

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني