عن خساسة بحقّ نعمة افرام باسم الثورة والتغيير
عن خساسة بحقّ نعمة افرام باسم الثورة والتغيير

أخبار البلد - Wednesday, March 9, 2022 10:22:00 AM

جيسكار تابت

طالعت بالأمس مقالاً واضحاً وجريئاً وقاسياً جدّاً في حقيقته نشرته صحيفة "النهار" بعنوان "كيف تربح الانتخابات"، وقد تمّ التداول به بشكل واسع على أرض الجمهوريّة.
السؤال - العنوان وجّهه كاتب المقال إلى "قوى التغيير، داعيًا إيّاها إلى وعي العمليّة السياسيّة برمّتها، وتعقيداتها، ومعطياتها الموضوعيّة "على الأرض"، ولا سيّما في اللحظة التاريخيّة هذه، التي توضع فيها على الطاولة، خرائطُ الدول ومصائرها وجغرافياتها الجيوسياسيّة (لبنان تحديدًا)، مشدّدًا على أهمّيّة النزاهة والنظافة الوطنيّة والأخلاقيّة من جهّة، وعلى الدور الذي ينبغي للواقعيّة أنْ تشغله وتضطلع به، من جهّة ثانيّة". ويشير المقال إلى أنّ من سبل ربح الانتخابات " إقناع مَن حولكَ بخطورة التصويت إلى جانب الأكثريّة الحاكمة"، مسمّياً الأحزاب والحركات والتيارات" الجهنميّة" المقصودة.
في هذا الإطار، لا يفهم كثر منّا في انتفاضة 17 تشرين، السياسات العامة والخاصة المتّبعة في سياق الحماوة الانتخابيّة، ومن بينها الادّعاءات والافتراءات والشعارات الفارغة التي يسوقها البعض باسم الثورة ضدّ قوى تغييريّة أخرى.
أقول ذلك، وأنا لست متحدّثاً باسم الثورة ولا أدّعي ذلك. لكنّ وجدت من غير المقبول ما يتداوله " ناشطون" على صفحاتهم من كلام بحقّ هذا أو ذاك، واستعمالهم للرسوم الكاريكاتوريّة للشتم والقدح والذم ولغايات انتخابيّة رخيصة لم نتعاهد عليها يوماً. وكان أخرجني من ثيابي أن يلاقي هؤلاء بضعة مواقع إخباريّة ومجلات مصوّرة عندما لم تنفع معهما أساليب الابتزاز المالي الرخيص. هؤلاء - يا للخزي والعار- اجتمعوا على التبشير بالتغيير عبر رجم النائب المستقيل نعمة افرام بتهمة انتحال صفة ...التغيير!
عيب يا شباب.
التغيير يحمل معنى تبديل الشيء أو الأمر القائم، والانتقال من حال إلى آخر، تؤدّي إلى أخذها من واقعها الراهن إلى مرتبة أكثر تقدّماً وتطوّراً. ومن خصائص التغيير: الحتميّة، والاستمراريّة، والشموليّة.

إلى رفاقي في الثورة وإلى كافة قوى انتفاضة 17 تشرين، أرفع بضعة أسئلة ضمن بحر مماثل لها لا يجفّ.
هل قدّم نعمة افرام في عمله الخاص والعام البدائل التغييريّة الشفافة المجرّدة والشريفة نعم أم لا؟

ألم يطرح في صناعاته مبكراً البدائل عن الاستيراد من منتجات الورق الصحّي والتغليف الورقي والبلاستيكي وانشاء الخيم الزراعيّة والبرك الاصطناعيّة إلى لائحة تطول ولا مجال لذكرها هنا...؟
ألم يعدّل ويحوّل في ماكينات انتاجه لتصنيع الكمّامات الصحّية الواقية، ليتمكّن في خلال أسبوع واحد من طرح مليون كمامة في اليوم الواحد تلبية لحاجة المواطنين؟
ألم يصنّع وحيداً واحداً في هذه المنطقة من العالم وسائط التنفسّ الاصطناعي وبأحدث التقنيّات وأرفعها لمكافحة جائحة كورونا وانقاذاً لأرواح اللبنانيين، في وقت اختفت هذه في حينه في كافة أنحاء العالم؟
ألم يستحدث أفضل الوسائل التقنيّة لإنتاج الطاقة البديلة والنظيفة وعمّمها على الأرض اللبنانيّة؟
ألم يبادر إلى إنشاء أحدث مصنع لفرز وإعادة تدوير النفايات، بعد أن أسقطت المنظومة الحاكمة كلّ الحلول لإدارة ومعالجة النفايات؟
ألم يأتي بأفضل تقنيات تأصيل بذور التفاح وقدّمها للمزارعين؟
ألم ينجح بالتعاون في إقرار قانون استعادة الجنسيّة للمغتربين؟ ألم يقدّم خططاً للنقل العام وللكهرباء وللامركزيّة إدارة النفايات ولتصفير العجز...؟
وأخيراً وليس آخراً، هل لأنّه رجل اقتصاد وتخطيط ورؤية وتنفيذ وتجرّد يُرجم؟! ألأنّه عرق وتعب وجهد وسهر الليالي في العمل يُحارب؟ أم لأنّه اعتبر السياسة فنّاً شريفاً لخدمة الخير العام؟!
التغيير ليس شعاراً وليس أكل هوا، انّه فعل نابع عن خطّة ورؤية وقدرة على التنفيذ. فماذا تريدون بعد؟ أليست هذه هي الثورة الحقيقيّة؟ كيف يكون الرفض وأين تكمن الانتفاضة الحقّ؟ أليس مثلا من خلال الاعتذار عن إكمال السير ضمن ركاب قوى سياسيّة أخلّت بمواثيقها ومن ثم الاستقالة من المجلس النيابي كصرخة في وجه فساد المنظومة وانحناء للدماء التي سالت بعد انفجار بيروت؟ ألا يكون التغيير من خلال تحويل الغضب الى مشروع؟ أتعيبون عليه قيامه بكلّ ذلك؟
أنا جيسكار تابت ابن بحمدون مربك ومحرج لاضطراري إلى التعريف عن نفسي بالعودة إلى ما يصفني به رفيقاتي ورفاقي في الانتفاضة الشعبيّة بأنّي ناشط صامت. بتواضع كلّي أقول، أنا متابع، رافض ومعارض لا أكثر ولا أقلّ. وأكرّر لست متحدّثاً هنا باسم الثورة، لكن من حقّي كمواطن أن أنبّه، لا يمكن لهؤلاء أكانوا نواباً أم "ناشطين" أم مدّعين حملة الأقلام، أن يكونوا صوتاً لثورة نقيّة انبثقت من رحم انتفاضة 17 تشرين. وأخشى لا سمح الله أن يكونوا أبواقاً مأجورة ومدسوسة، وإلاّ كيف يمكن تفسير الأمر؟!
هذه ليست من أساليب ثورتنا وليست من قيم مختلف قوى التغيير في انتفاضة 17 تشرين. وأنا هنا لأتبرأ باسم العديد من الرفيقات والرفاق من هذه الخساسة المكشوفة المضحكة المبكيّة. إنّها بامتياز أفعال خساسة علنيّة. إنّها مرآة لما قامت به المنظومة المتحكّمة برقابنا ولا تزال. صورة طبق الأصل.
يقول كاتب مقال " النهار": لكي تربح الانتخابات (إذا حصلت)، يقتضي من قوى التغيير أنْ تفرمل هلوساتها وهذياناتها، وأنْ تنظر إلى ذواتها في مرايا العقل لا في مرايا الأنا المضخّمة. ويكمل: ثمّ تربحها إذا كنتَ تملك الرؤى والمنهجيّات والماكينات والآليّات والأدوات اللازمة التي تمكّنكَ من خوض الاستحقاق الانتخابيّ، واستيعاب متطلّباته وشروطه وتقنياته التنظيميّة واللوجستيّة. ويضيف: ثمّ تربح الانتخابات إذا كنتَ مقتنعاً بالكفّ عن البهورة المدمّرة للتأمّل والرصانة والتعقّل والتفكير – فضلًا عن الذكاء – فتنصرف انصرافًا كلّيّاً إلى وقف الاستعراض على وسائل التواصل (وغيرها) وإلى الكفّ عن إطلاق النظريّات والأحكام والأوصاف على الأوضاع وعلى الناس، منصّباً نفسكَ عبقريّاً، فهلويّاً، مرشداً، متّهِماً، مخوِّناً، ولافظاً الأحكام المبرمة التي لا استئناف فيها ولا تمييز، وكأنّك على قوس محكمة، وقد خلقكَ الله وكسر القالب.
صدق الكاتب، وإلى ما خطّه قلمه أختم بالقول: مع هؤلاء يا شعبنا المتألمّ الجريح والمذبوح، قمح ما فيك تاكل.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني