صونيا رزق - الديار
لا شك في انّ طموح العديد من قيادات الطائفة السنيّة، برز بقوة في الفترة القليلة الماضية، بحسب مصادر سنيّة، على أثر عزوف رئيس الحكومة السابق ورئيس تيار» المستقبل» سعد الحريري عن الترشح الى الانتخابات النيابية، وتعليق حياته السياسية حتى اشعار آخر، وفي طليعة هؤلاء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بصفة تولّيه المركز الثالث في الدولة، وهذا يعني انّ العيون شاخصة في إتجاهه، لذا يتخذ الخط الوسطي مع اغلبية الافرقاء، ويتماشى سياسياً مع المجتمع الدولي، ويسير على الدروب المعبّدة ولا يعادي احداً، وفي حال ساهم في إنجاح هذه الحكومة التي تنتظر منه الكثير ، سيستقطب مؤيدين من الطائفة السنّية وبأعداد كبيرة،على حدّ قول المصادر، بسبب توقهم الى تبيان المركز الثالث ضمن تموضع القوة والعزم، وهذا يعني إمكانية إتجاه ميقاتي لزعامة اهل السنّة، في حال عرف جيداً « كيف يلعبها «، لكن لغاية اليوم يبدو المشهد عادياً، ويحتاج الى الكثير كي يكتمل في اطار الزعامة، خصوصاً انّ الشارع السنّي محتاج لمَن يراعيه، بعد موجة الاحباط التي رافقته منذ إستقالة الحريري بعد انتفاضة 17 تشرين 2019، ومن ثم إعتذاره عن التكليف الحكومي بعد اشهر من المناكفات مع العهد و»التيار الوطني الحر»، الامر الذي وضعه في صورة الخاسر، او المسؤول الذي دفع الاثمان وحده.
وضمن هوية الطامحين بالزعامة السنّية، تضيف المصادر السنيّة، برز لفترة شقيق الرئيس الحريري بهاء الحريري، الذي ظهر بسرعة على الساحة السياسية كي يكمل مسيرة والده الشهيد، وفق ما قال في كلمة متلفزة، لكن وكما ظهر بسرعة يكاد يغيب بالسرعة عينها، إلا اذا ظهرت بوادر انتخابية قريباً جعلته يترشح الى الانتخابات النيابية، او يدعم لائحة يستطيع خلالها إيصال ما يبغي اليه في الاطار السياسي، أي كزعيم للطائفة قادر على إستمالة مناصريّ والده وشقيقه، لكن يبدو الصمت سائداً في ساحته ، كأنه عدل عن ذلك الطموح ورأى بأنّ اللعبة السياسية كبيرة والخصوم اكبر، وهذا يعني انّ مهمته صعبة في هذه الظروف الدقيقة التي ترافق لبنان.
وفي الاطار عينه، اتى دور رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، الذي يعمل على إعادة الصوت السنّي الى صناديق الاقتراع في الانتخابات النيابية، والى ضرورة مشاركة ذلك الصوت، تقول المصادر نفسها، لانّ أي خطوة مغايرة ستساهم في احباطه وتشتته اكثر في ظل غياب الحريري، الذي ترك فراغاً على الساحة السنيّة من الصعب ان يملأها احد، وفق مصادر مطلعة رافقت مهمات الحريري منذ دخوله الحياة السياسية في لبنان، وترى بأنّ التغريد خارج سرب « التيار الازرق» لا ينفع اليوم، لانّ المناصرين يحنّون فقط الى بيت الوسط.
الى ذلك، وعلى خط الصقور في الطائفة المذكورة، ثمة مَن يستعين بالوتر المذهبي دائماً ولدى حصول أي خضّة، فينطلق من مقولة « الرئاسة الثالثة ليست مكسر عصا»، ليُحمّل خصوم بيت الوسط بصورة خاصة، كل ما يجري منذ غياب الحريري عن الساحة وسفره الى الخارج، وإنطلاقاً من هنا تعتبر مصادر سياسية وسطية بأنّ تطبيق شعار» في الجمع قوة»، هو الحل الافضل اليوم، من خلال توحيد زعماء السنّة وبدعم كبير من دار الفتوى و»نادي رؤساء الحكومات السابقين»، فيما كواليس اللقاءات لا تشير الى ذلك، بل الى سلسلة مصالح يبحث عنها البعض علّها توصله الى الزعامة، بحيث بتنا نشهد تغريدات خارج السرب، وفي الوقت عينه داخله وفق ما تقتضيه المصلحة الخاصة، مما يعني مشهداً جديداً من تأرجح الطائفة السنّية بين الاعتدال والتطرّف، وفق مقولة « كل يغني على ليلاه»، في ظل تناحرات داخلية بسبب الاتجاهات المتنوعة، ستعيق تواجد الزعيم الموّحد، فيما المطلوب لمّ شمل الطائفة، وتوحيد كلمتها للخروج من دوامة الإنقسام، مع ضرورة التحرّك السريع لمعالجة الاضطرابات داخل البيت السنّي، والتشديد على الدور الوسطي مهما اشتدت العواصف.
وتذكّر المصادر بأنّ التناحرات بدأت ضمن الاطر السياسية لتبرز داخلياً منذ بدء الازمة السورية، بحيث إنقسمت بين مؤيد ومعارض للرئيس السوري بشار الاسد والمعارضة السورية، فتحملّت الطائفة المذكورة تداعيات تلك الازمة بصورة كبيرة، ما ساهم في تشتتها لسنوات، واليوم تبدو من اكثر الطوائف انقساماً، في ظل ما نشهده من توافق لدى بعض الطوائف الاخرى، فهنالك كلمة موّحدة داخل الطائفة الشيعية بنسبة كبيرة، تتمثّل بين الثنائي حزب الله و»حركة امل»، إضافة الى الساحة الدرزية التي تلتزم دائماً ومهما إشتدت الصعاب الداخلية بمصلحة الدروز اولاً.