حسن هاشم
غاب السلاح "غير الشرعي" عن الخطاب المستجدّ لـ"الجماعة الإسلامية" والتي بحسب ما يقول متابعون تسعى لملء الفراغ الذي تركه الرئيس سعد الحريري وتيار "المستقبل" في الساحة السنية التي تعاني من الإرباك والتخبّط والتشتّت على أبواب الانتخابات النيابية.
هذا الخطاب المستجدّ برزت مؤشراته يوم أمس في كلمة ألقاها الأمين العام لـ"الجماعة"، عزام الأيوبي، في احتفال أقامته "الجماعة" لمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج في طرابلس، وجّه خلالها رسائل في أكثر من اتّجاه للخارج والداخل.
أوساط سياسية سنية أشارت إلى أنّ خطاب الأيوبي أمس، حمل العديد من المؤشرات حول المسار السياسي الجديد الذي ستسلكه "الجماعة" في ظل غياب "الراعي السياسي" للطائفة الرئيس سعد الحريري، وفي ظلّ تخوّف الأطراف السنية الأخرى من التعاطي مع "الجماعة" على اعتبار أنّها تمثل تنظيم "الإخوان المسلمين" وما لذلك من تبعات على العلاقات مع بعض دول الخليج العربي التي تصنّف "الإخوان" تنظيماً إرهابياً.
مسايرة إيران و"حزب الله"
الأوساط السنية وصفت خطاب "الجماعة" بأنّه حمل رسالة "مسايرة" لإيران و"حزب الله"، ولا سيما لناحية الحديث عن أنّ فلسطين "هي البوصلة التي تحدّد خياراتنا الإقليمية"، وهو ما يتماهى وإن بالشكل مع خطاب إيران و"حزب الله" في لبنان.
وتعتبر الأوساط أنّ فلسطين كانت بالأساس خطاب "الجماعة" وبوصلتها منذ التأسيس، إلا أنّها غابت عن أولويات "الجماعة" في السنوات الأخيرة، حيث انخرطت "الجماعة" بدهاليز السياسة الداخلية اللبنانية، وكانت في الصفوف الأولى الداعمة لـ"الثورة السورية" ما جعل قضية فلسطين بعيدة عن أولويات "الجماعة" لسنوات.
ورأت الأوساط أنّ هذه "المسايرة" برزت في غياب أو "تغييب" الحديث عن سلاح "حزب الله" والذي تعتبره الأكثرية السنية سلاحاً "غير شرعي" ساهم في إضعاف الدولة بالدرجة الأولى لمصلحة "الدويلة" وإضعاف الطائفة السنية التي كانت ضحية الاستقواء بهذا السلاح.
وتساءلت الأوساط ما إذا كانت هذه المعطيات هي بمثابة "تمهيد" لإمكانية التحالف مع "حزب الله" في الانتخابات النيابية المقبلة، إذ أنّه وحتى اللحظة لم تتبلور تحالفات "الجماعة" ولا تتضح صورة اللوائح التي سيكون عليها مرشّحوها.
وهنا، تشير الأوساط إلى الدور الذي لعبته حركة "حماس" رئيس مكتبها السياسي، إسماعيل هنية، في "التقريب" بين "حزب الله" و"الجماعة" حيث قام وفي خلال زيارتين له إلى لبنان بجمع الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله بالأمين العام لـ"الجماعة" عزام الأيوبي مرتَيْن.
رسائل للسعودية
تقول الأوساط السنية إنّ "الجماعة" لا تترك فرصة إلا وتحمّل بعض دول الخليج ولا سيما المملكة العربية السعودية مسؤولية تعرّضها لـ"الحصار" بحكم ارتباطها بتنظيم "الإخوان"، ومن هنا، ترى الأوساط أن أمين عام "الجماعة" حاول توجيه رسائل متعددة للسعودية يوم أمس من دون أن يسمّيها.
وتعتبر أنّ حديث الأيوبي حول فلسطين و"الخيارات الإقليمية"، يأتي في سياق الرّد على تصريحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والتي اعتبر فيها أنّ إسرائيل "ليست عدواً بل هي حليف محتمل"، وبالتالي رفض "الجماعة" لأي شكل من أشكال تطبيع العلاقات مع إسرائيل وتبرير العلاقة "الجماعة" مع إيران.
كذلك، ووفقاً للأوساط نفسها، فإنّ الأيوبي وجّه رسالة للسعودية مفادها أنّ الطائفة السنية وعلى الرغم من كونها "تركت من قبل من تسيّدها لسنوات"، ليست "يتيمة على موائد اللئام"، وهي ليست "متاحة على طاولات المفاوضات المحلية أو الإقليمية أو حتى الدولية".
رسائل للداخل
ومن رسائل الخارج إلى رسائل الداخل، وجّه الأيوبي دعوات للوحدة "الإسلامية والسنية وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة"، مشدداً على أنّ صورة السنة باتت أنّهم "مهمشون وضعفاء ولكننا نحن من ساهمنا بصناعة هذا المشهد ونحن من نملك تغييره".
وفي رسالة "عتب" على الرئيس سعد الحريري "الذي تسيّد الطائفة لسنوات"، قال الأيوبي إنّ "الساحة السنية تركت وكأنها يتيمة على موائد اللئام ولكنها ليست كذلك".
وفي رسالة "قاسية" فُسّرت على أنّها لـ"القوات اللبنانية" تحديداً، أكّد الأيوبي "أنّنا كساحة إسلامية وسنية لن نكون في متناول أي مكوّن آخر لأننا قادرون على إدارة أنفسنا وإدارة البلد برمّته وأن نخرجه من واقع الفساد والانهيار".