إيفا أبي حيدر - الجمهورية
الزيادة التي شهدتها أسعار المحروقات محلياً أمس ما هي الّا بداية مسار تصاعدي للأسعار متأثرة بارتفاع سعر برميل النفط عالمياً، وبما انه لا ترجيحات بالسقوف التي قد يسجلها سعر البرميل فإنّ تخطّي سعر صفيحة البنزين الـ 450 الفاً ما عاد بعيداً.
كما في القمح كذلك في المحروقات معطوفاً على الانهيار المالي والاقتصادي الذي نعيشه لم يستعدّ لبنان لتكوين اي مخزون استراتيجي او خطة «ب» للطوارئ، فنحن دائما اول من يتأثر بأي ازمة يمر فيها العالم، معتمدين كخطة انقاذ طلب الهبات ورأفة العالم بنا. بعد أزمة القمح التي نتجت عن عدم توفر مخزون احتياطي للبنان بعد تدمير اهراءات المرفأ، جاء دور المحروقات بحيث رجّح رئيس تجمّع الشركات المستوردة للنفط مارون شماس أن نشهد خلال الشهر المقبل شحاً في البضاعة بسبب صعوبة إيجاد الأسواق البديلة. ولفت الى أنّ الشركات المستوردة للنفط عقدت اجتماعات عدّة مع وزارة الطاقة لتدارك الوضع، لا سيّما أن هناك كميات من النفط تصل إلى لبنان من روسيا وعبر البحر الأسود، مشيراً إلى أنه لا إمكان اليوم لتخزين البضاعة لأن الأسعار والأسواق لا تسمحان بذلك.
في هذا الوقت لحظ جدول تركيب اسعار المحروقات امس زيادة كبيرة إنما كانت متوقعة نظراً لارتفاع سعر برميل النفط عالميا نتيجة الأزمة الروسية الاوكرانية وتخطّي سعر برميل النفط الـ 116 دولاراً أميركيّا، ورغم ان هذه الزيادة كبيرة انما تبقى مضبوطة نظرا لثبات سعر صرف الدولار على نحو 20500 ليرة إذ متى رفع المصرف المركزي يده من التدخل في السوق عارضا الدولار فعندها ستحلّق الاسعار من دون اي ضوابط وسقوف.
وكان هناك تدابير اتخذتها بعض محطات المحروقات عشيّة صدور الجدول، مثل رفع الخراطيم والتوقف عن بيع البنزين او تحديد سقف للتعبئة بـ 400 الف ليرة بانتظار ارتفاع الاسعار، وهذا ما حصل فعلاً مع تسجيل سعر الصفيحة امس زيادة 28 الف ليرة ليصبح سعر صفيحة 98 اوكتان 407 آلاف ليرة، وصفيحة الـ 95 اوكتان 397 الفاً، كذلك ارتفع سعر صفيحة المازوت 41 الفاً مسجلا 375 الف ليرة، وزاد سعر الغاز 15 الفا ليسجل سعر قارورة الـ10 كلغ 288 الف ليرة.
وتعليقا على ارتفاع اسعار المحروقات أكد عضو نقابة اصحاب المحطات جورج البراكس لـ«الجمهورية انه رغم الزيادة التي طرأت على اسعار المحروقات يمكن التأكيد ان الامور لا تزال تحت السيطرة راهناً لأن سعر صرف الدولار لا يزال مثبتا على نحو 20 الفا، ولأنّ سعر صرف الدولار المعتمد في الجدول لاستيراد 15 في المئة من البنزين والمحتسب وفقاً لأسعار الأسواق الموازية والمتوجب على الشركات المستوردة والمحطات تأمينه نقداً بقيَ على 20703 ليرة. كذلك من جهة ثانية لم تشهد بعد الأزمة الروسية الاوكرانية مزيداً من التصعيد ولا يزال المستوردون حتى الآن قادرين على تأمين البضاعة بما يكفي حاجة البلد حتى لو بكميات قليلة.
وردا على سؤال، اوضح البراكس ان تسعيرة وزارة الطاقة أخذت بالاعتبار معدلا وسطيا لأربعة اسابيع الى الوراء وهذا ما جعل الزيادة معتدلة نوعا ما، مؤكدا ان الجداول التي ستصدر تباعا ستسجّل ارتفاعات متزايدة، ما يعني ان وصول سعر صفيحة البنزين الى 450 الفا ليس ببعيد. واشار الى انّ سعر المحروقات ارتفع في كل دول العالم، انما وللتخفيف عن المواطنين، لجأت بعض الدول مثل فرنسا الى خفض الضرائب المفروضة على كل صفيحة فيما لا اهتمام بذلك من قبل الدولة اللبنانية، مع العلم ان قيمة الضرائب عن كل صفيحة بنزين في لبنان هي 45 الفا.
تابع: لا يمكن التكهن بالمدى الذي يمكن ان يبلغه سعر برميل النفط عالميا في حال تفاقمت الأزمة بين روسيا واوكرانيا فقد يصل الى 150 دولارا او حتى 200، خصوصا ان روسيا تشكل ثاني اكبر مصدر للنفط في العالم، وتستحوذ اوروبا على 40 % من الغاز الروسي، لذا ان اي تطور سلبي سيأخذ الامور الى مسار غير متوقع.
عودة الى التخزين
في غضون ذلك، وككلّ بوادر ازمة، ما على المستهلك سوى التحوّط والتخزين، لذا شهدت بعض السوبرماركات في اليومين الماضيين حركة نشطة لا سيما لتموين الطحين والزيت والحبوب تحسباً لاي انقطاع في هذه المادة او ارتفاع أسعارها بعد زيادة اسعارها عالميا، خصوصا ان اوكرانيا تشكّل مصدرا عالميا اساسيا لهذه السلع. اضف الى ذلك ارتفاع اسعار المحروقات الذي يدخل بتسعيرة كل سلعة، فهل من ترقّب لموجة ارتفاعات جديدة للسلع؟
وفي السياق، يقول نقيب اصحاب السوبرماركات الخاصة نبيل فهد لـ«الجمهورية» ان تأثير ارتفاع سعر المحروقات على تسعيرة السلع يتأخر قليلاً بالظهور، فهو يحتاج الى اسبوع على الاقل قبل اي تعديل مرتقَب.
اما عن السلع التي ارتفعت اسعارها تأثرا بارتفاع اسعارها عالميا، فقال: ان السوبرماركات تلتزم دائما بلائحة الاسعار التي يحددها الموردون وحتى اليوم تغيّر خصوصا سعر زيت دوار الشمس الذي يُستورد من اوكرانيا، كما تأثر سعر السكر والبرغل والقمح.