كريم حسامي
تطورات الحرب الروسية على أوكرانيا سريعة جدا وتحمل معها تداعيات كبيرة على أوروبا والعالم أكان سياسياً او مالياً او اقتصادياً او انسانياً.
هذه الحرب التي هي من العيار الثقيل جدا بدأتها روسيا وتؤدي الى انهيار النظام الاقتصادي العالمي المتمثل بالرأسمالية الغربية بقيادة الولايات المتحدة والرأسمالية الشرقية بقيادة روسيا والصين مع المحور الآخر، غير أن هذا النظام الرأسمالي العالمي هو الذي يقود العالم ولا يمكن لأي دولة أو نظام فعل أي أمر من دونه مثل تسيير أمور البلاد والنظام وحياة الناس.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرّر الدخول بهذه الحرب مدركاُ حجم الخسائر التي ستتكبدها قواته وستتغير الحسابات الميدانية توازيا مع التوغّل في الارض والسيطرة على المدن بفعل المقاومة الميدانية. هذا العامل هو الذي يُحدّد طبيعة الحرب الميدانية وما إذا سيتم استكمال الهجوم كما كان مخططا له أو يتم تغيير أي تكتيك وهذا ما حصل فعلاً عبر اعتماد التروّي قبل اقتحام المدن من أجل تفادي وقوع مجازر بحق المدنيين، وفق ما ظهر خلال المعارك وليس مثلما ظنّ الرأي العام بسبب تجييش الاعلام الغربي أن بوتين فشل في هجومه لانه لم يتمكن بالسيطرة على كييف.
الهجوم بين الطرفين يؤدي الى سفك الدماء وتهجير الناس، في حين ان القوة العسكرية غير متكافئة بينهما حيث ان قوة الجيش الروسي كبيرة جدا بالمقارنة بقوة الجيش الاوكراني الذي تلقى تسليحا عبارة عن مئات الاطنان من الاسلحة الثقيلة من الغرب (نحو 15 دولة) قبل 4 أشهر من الهجوم الروسي حتى اليوم، في وقت ان الروس تلقوا مساعدة من بيلاروس التي استُخدمت أراضيها لشن الهجوم نحو شمال أوكرانيا.
لا يجب علينا كرأي عام أن ننساق وراء المواقف أو التضامن مع أي طرف، أكانت روسيا أو اوكرانيا ولا يجب الانسياق وراء أجندة وسائل الاعلام التي توجّه الناس نحو هدف معين.
فالدمار يبقى دمارا ولن يُعوض على القتلى، أما المهاجرين واللاجئين، فلن يعودوا الى بلدهم وبيوتهم لسنوات وستبقى المعاناة كبيرة جدا، لذلك يجب البقاء محايدين والدعوة للسلام ووقف الحرب فوراً.
لو أرادت روسيا وقف الحرب لكانت استمهلت الهجوم ولو كانت اوكرانيا والغرب يريدون وقف الحرب لكانوا رفضوا استمرار تسليحهم لاوكرانيا بكل انواع الاسلحة، بينها الطائرات المقاتلة التي بدأت تستخدمها روسيا في هجومها. المفاوضات هي وسيلة للمناورة في أول ايام الحروب، وذلك فقط من اجل اظهار رغبة غير موجودة لوقف الحرب وفق شروط كل طرف.
المعركة الميدانية هي الأساس وكلما طالت كلما ذهبت اي مفاوضات سدى، خصوصا ان الروسي يسيطر على المدن الرئيسية رويدا رويدا مثل كارخيف وخيرسون وغيرها.