محمد علوش - الديار
في السنوات الأخيرة، شهد اللبنانيون بأمّ العين تأثير الوكالات الحصرية على حياتهم، فقبل ذلك، عندما كانوا يعيشون في حلم خيالي، لم يكن يشعر اللبناني بفقدان السلع او ارتفاع سعرها، وعندما استيقظ لم يجد شيئاً، لذلك ارتفعت وتيرة الحديث عن الاحتكار والتجار الفجّار، وأصبح إلغاء الوكالات الحصرية أولوية.
عام 1967 بدأت "المجزرة" بحق اللبنانيين، إذ أطلقت سلطة شارل حلو ورشيد كرامي يد التجّار بالسوق المحلية، عبر إصدارهما المرسوم الاشتراعي رقم 34 تاريخ 5 آب 1967، الذي يتحدث صراحة عن حق التاجر بحصرية تمثيل الشركات والعلامات التجارية في السوق اللبنانية، وهكذا بدأت القصة، التي جعلت حوالى 300 شخص يتحكمون برقاب اللبنانيين ويحتكرون استيراد وتوزيع 2335 سلعة بحسب أرقام "الدولية للمعلومات".
في دراسة أعدها الخبير الإقتصادي توفيق غاسبار عام 2003، تبيّن أن سبع شركات كبرى تسيطر على ستين في المئة من الاقتصاد اللبناني، وتتسم ثلثي الأسواق اللبنانية بطابع احتكاري، وفي هذا السياق كان لافتاً كلام رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن أن عدد الوكالات الحصرية المسجل 3030 وكالة حصرية، الصالح منها 313 فقط، ما يعني أن الدولة لا تستفيد من الرسوم، وبنفس الوقت لا يمكن لأي تاجر أن يستورد السلع.
أقر المجلس النيابي منذ أيام، بعد محاولات فاشلة حصلت عامي 2004 و2007، قانون المنافسة الذي يضرب أسس الوكالات الحصرية، وبالتالي يدق المسمار الاول في نعش "الكارتيلات"، بشرط تطبيقه وتطويره بالمستقبل، فقبل قوننة الوكالات الحصرية، كان لبنان يعاني من سطوة الكارتيلات التي بدأت قبل 100 عام، ووجدت بالوكالات الحصرية وسيلة لتعظيم سطوتها على الاقتصاد اللبناني، وفي هذا المقال سنأتي على ذكر أهم هذه الكارتيلات في أكثر من مجال.
الكارتيلات بالأسماء
- كارتيل لحم البقر والعجل الذي تصل أرباحه في بعض الأحيان الى 200 بالمئة، يسيطر عليه بشكل أساسي: راسم ترايدنغ، نابلسي إخوان، خليفة ترايدنغ، مصري للمواشي، سيدرز ترايدنغ، وتوفيق سليمان.
- كارتيل السيارات الذي استورد بين الأعوام 2005 و2019 سيارات بقيمة 17 مليار دولار، فيتألف من 5 وكلاء حصريين يسيطرون على 66 بالمئة من السوق، ويضم: داغر حايك وشركة ناتكو 27.1 بالمئة، رسامني يونس وشركة ريمكو 14.3 بالمئة، وليد رسامني وسنتري موتور12.7 بالمئة، بستاني ماشينري 12 بالمئة، وبسول وحنينة 6 بالمئة.
- كارتيل الدواء في لبنان، حيث يبلغ حجم السوق المحلية 1.3 مليار دولار سنوياً، وبأرباح تتراوح بين 7 بالمئة و100 بالمئة، فيضم 5 شركات كبرى تسيطر على أكثر من نصف السوق وهي: فتال، ابو عضل، أبيلا، كتانة، وكافتاغو.
- كارتيل سوق الحديد في لبنان الذي يستورد بحدود الـ 180 مليون دولار سنوياً، فيضم 5 شركات تسيطر على السوق: شركة دمكو (آغوب دمرجيان) 50 بالمئة من السوق، tannous SLM سالم طنوس، الموسوي (علي الموسوي)، شركة رشاد قاسم، وشركة جان يارد.
- كارتيل الأسمنت، وهو كارتيل إنتاج محلي محمي منذ العام 1993 عبر رفع قيمة الضرائب بما يمنع الإستيراد فيتحكم بالإسعار، رغم أن طنّ الترابة المستورد أرخص من المصنوع محلياً، ويضمّ: الترابة الوطنية (ال ضومط) يسيطرون على 41 بالمئة من حجم السوق، هولسيم (شركة سويسرية) تملك 40 بالمئة، وسبلين تملك 16 بالمئة. وهنا لا بدّ من الإشارة الى أنه خلال الأزمة التي يمر بها لبنان وارتفاع أسعار الترابة، هددت حكومة حسان دياب بخفض قيمة الضريبة على استيراد هذه المادة، فخفضت الشركات أسعار الطن من حوالي 100 دولار الى 30 دولار أميركي، في إشارة واضحة الى حجم الأرباح التي كانت تجنيها طوال سنوات.
- كارتيل الزفت ، فحتّى "الزفت" له أربابه، وهم 4 شركات تحتكر الإستيراد وتبيع الى الدولة، وهم: الشركة العربية (ناصر الشماع/ سوليدر)، يونيتر منال يملكها كويتيون، كوجيكو، وميدو (مارون شماس).
- كارتيل النفط الذي كُتب عنه الكثير، مع العلم أن الكارتيلات تمتد الى ما هو أكثر مما ذُكر، فللمدارس الخاصة كارتيلاتها، للكسارات والمرامل، غيرها من القطاعات، وكل هذه الكارتيلات ووكالاتها الحصرية وسيطرتها على السوق بقوة المال والطائفة والسلطة، انعكست اجتماعياً على غالبية الشعب اللبناني، فأنتجت طبقة غنية لا تتجاوز نسبتها من إجمالي الشعب الـ 3 بالمئة.
لا شكّ أن إقرار قانون المنافسة ترافق مع فوضى ونظريات كثيرة، يقول الباحث الدكتور عباس الطفيلي، الذي شارك بإعداد الدراسة التي يُكشف فيها أسماء الكارتيلات، مشيراً إلى أنه من الضروري التركيز على مسألة "النسب" التي حُددت بالقانون بـ 35 بالمئة من حجم السوق أي بإمكان تاجر أن يسيطر على 35 بالمئة من حجم السوق فقط، فعلى سبيل المثال أين ستكمن المنافسة في قطاع الترابة بحال كانت الشركات الثلاث تسيطر على السوق بـ 35 بالمئة لكل منها، كاشفاً أن القانون بحاجة لمراقبة تطبيقه ومساره رغم أن أكثر من جهة متابعة ومسؤولة تشيد به.