طوني فرنسيس
بعد سنة من انفجار بيروت خلص تحقيق لـ»هيومن رايتس ووتش»،المنظمة الدولية المرموقة الخاصة بحقوق الإنسان، إلى أن «المسؤولين اللبنانيين علموا وقبلوا ضمنياً بالمخاطر التي تشكلها مادة نيترات الأمونيوم التي خُزّنت في المرفأ. وبالتالي يمكن إتهامهم جنائياً بالقصد الإحتمالي لجريمة القتل».
وقال تحقيق المنظمة يومها إن المسؤوليات تبدأ من رئيسي الجمهورية والوزراء، ووزراء حاليين وسابقين وقادة أمنيين، وانه جرى توقيف صغار المسؤولين، فيما لم تتم ملاحقة الكبار الذين علموا بالمخاطر ولم يتصرفوا.
لم يكن عادياً تحقيق «هيومن رايتس ووتش». 700 صفحة من الأبحاث والوثائق ابتلعها الجسم السياسي اللبناني الفاسد والمتواطئ. ولأنها كانت تتوقع ذلك دعت، مُسبقاً، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق، وحضّت الدول على فرض عقوبات على المسؤولين تتصل بالفساد وحقوق الإنسان.
ولاحظت منظمة العفو الدولية بعد عام من الإنفجار أن السلطات اللبنانية أمضت السنة وهي تعرقل «بوقاحة» بحث الضحايا عن الحقيقة. وكتبت في تقرير أن تلك السلطات بذلت جهوداً «بلا كلل ولا ملل طوال العام لحماية المسؤولين من الخضوع للتحقيق»، وأقالت قاضي التحقيق ثم بدأت حملة على خلفه!
جرت تنحية المحقق العدلي الأول القاضي فادي صوّان بعد الإعلان عن رسالة تهديد وصلته على شكل قط مقطوع الرأس! ولم يُعرف مدى صحة رواية القط، لكن القاضي الذي خلَفه، طارق البيطار، واجه عدداً لا يُحصى من القطط، ووصل الأمر لسياسيي منع التحقيق الى دفع البلد نحو حرب أهلية. صار القط المذبوح على باب وطن وليس فقط أمام باب بيت القاضي.
في شباط المقبل يكون مضى على تكليف البيطار سنة كاملة تمكن خلالها من العمل لأسابيع وشلّهُ المتهمون شهوراً وهو عملياً مكبّل اليدين منذ نهاية العام الماضي. ولا غرابة في ذلك فتعطيل القضاء مثله مثل تعطيل أي مرفق آخر، والذين يمارسون هذه اللعبة هم انفسهم يمارسونها في كل مجال. وهكذا يسقط البلد في المجهول الجهنمي.