"الأنباء" الإلكترونية
محاولاً التعمية على السبب الفعلي لتعطيل مؤسسة مجلس الوزراء وعلى الجهات المسؤولة عن ذلك والمعروفة من الجميع، رمى رئيس الجمهورية ميشال عون عبر بيان مكتب الإعلام في الرئاسة التهمة على القوى السياسية التي لم ترَ طائلاً من دعوته إلى الحوار حول عناوين لا تمتّ لجوهر الأزمة الراهنة. وقد سعى عون إلى الربط بين فشل دعوته للحوار وخسارة الناس لأموالهم وخسارة الدولة مواردها، فيما الواقع بعيد عن ذلك كل البعد لأن المعالجات المطلوبة لمنع المزيد من الخسائر تكمن في إجراءات وحده مجلس الوزراء منوط به اتخاذها، وكل تبريرات الفشل والتعطيل لن تمر على أيّ من اللبنانيين الذين يدركون جيدا ان من شلّ الحكومة هي ليست على الإطلاق القوى السياسية التي حاول عون اتهامها جزافاً.
مصادر سياسية سألت عبر "الانباء" الالكترونية عن الرابط بين الأزمة المعيشية والاقتصادية التي يعيشها لبنان منذ ثلاث سنوات، وموضوع اللامركزية الادارية، والاستراتيجية الدفاعية المرتبطة بشكل أو بآخر بالتطورات الإقليمية، وبالصراع القائم بين إيران والولايات المتحدة، وقالت: "من غير العدل والإنصاف ان يحمّل رئيس الجمهورية الفريق الذي يرفض المشاركة بالحوار مسؤولية الأزمة، في حين أنه يعرف تماما أن فريقه السياسي وحلفاءه هم المسؤولون المباشرون عن الأزمة".
في هذا السياق طالب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بالإفراج عن المفاوضات مع الهيئات الدولية، ودعا الى ترك الحكومة تجتمع بعيدا عن الحسابات الضيقة الفئوية، وترك القضاء بعيدا عن الحسابات الضيقة، كي يخرج الأمل من وسط الانفجار.
عضو تكتل الجمهورية القوية النائب أنيس نصار رأى من جهته في حديث لـ "الأنباء" الالكترونية ان "الرئيس عون أستاذ في التعطيل، فقد عطّل في الماضي تشكيل الحكومة ستة أشهر لتوزير صهره جبران باسيل، وعطّل الاستحقاق الرئاسي سنتين ونصف السنة لتأمين وصوله الى بعبدا، وعطّل الحكومة عن القيام بالإصلاحات المطلوبة بعد الانتخابات بسبب المناكفة التي كان شاهدًا عليها بين باسيل ورئيس الحكومة، وغير ذلك الكثير"، وأضاف: "نحن مع عون بموضوع تفعيل الحكومة، فلا يجوز أن يتعطل مجلس الوزراء لأن هناك فريقا يصر على "قبع" القاضي البيطار وغير البيطار، فما دخل السلطة التنفيذية بعمل القضاء؟ وأين قانون فصل السلطات".
لكن نصار سأل عون عن "نتائج حوار 2 ايلول 2020، وعن مقررات لقاء بعبدا في عهد الرئيس ميشال سليمان، وقبله الحوار الذي أجراه الرئيس بري وتعطل بعد حرب تموز 2006"، وتابع: "لذلك لسنا على استعداد للمشاركة بحوار الطرشان، فالفريق المؤيد للحوار هو نفسه المسؤول عن وصول البلاد الى ما هي عليه. فهل يريد الحوار لوضع اللوم على الآخرين بذريعة "ما خلونا" وفي الوقت نفسه قاموا بإهدار المال العام على عينك يا تاجر. فالدعوة إلى الحوار جاءت متأخرة جدا والبلد أضحى على الرمق الأخير".
وفيما شهدت البلاد امس قطع طرقات في فترة قبل الظهر بدعوة من قطاع النقل العام في تحرك احتجاجي جاء محدوداً شكلاً ومضموناً رغم ان الواقع المعيشي بات مخيفاً، أعربت مصادر اتحادات النقل البري في اتصال مع "الأنباء" الإلكترونية عن "ارتياحها لنجاح الإضراب في كل لبنان بنسبة 90 في المئة واكثر، من دون حصول ما يعكر صفو الأمن لأن الأمور بقيت تحت السيطرة، ولم يصدر عن المتظاهرين ما يسيء الى كرامات الناس". وعزت المصادر "نجاح الإضراب الى وجع الناس في كل لبنان وليس عند فئة دون أخرى". وأملت أن "تفي الحكومة بوعودها وإعطاء السائقين العموميين الفروقات في أسعار المحروقات التي كان وعد بها الرئيس نجيب ميقاتي".
المصادر كشفت عن "اجتماع تقييمي يوم الاثنين المقبل في مقر الاتحاد العمالي العام لشرح الخطوات المقبلة، والطلب من الحكومة الإيفاء بوعدها، والا فالأمور قد تتجه الى التصعيد"، وقالت إن "قطاع النقل يعي المسؤوليات الملقاة عليه وهو مؤتمن على جميع اللبنانيين الذين يتنقلون عبره ويتعاونون معه من نقل وشحن".
المصادر قدّرت عدد العائلات الذين يعتاشون من هذا القطاع ب "53 الف عائلة"، وقالت إن "ما حصل بالأمس كان بمثابة إنذار للحكومة والوزراء المعنيين للوفاء بوعدهم".
أوساط كتلة التنمية والتحرير رفضت عبر "الأنباء" الالكترونية "توصيف يوم التظاهر بانتصار فريق معين على فريق آخر. فما جرى كان صرخة مدوية للتعبير عن وجع الناس وعدم قدرتهم على تأمين أبسط مقومات العيش لعيالهم نتيجة الغلاء الفاحش والارتفاع الجنوني لأسعار المحروقات والمواد الغذائية"، وأكدت على "مسؤولية الحكومة والقوى السياسية دون استثناء لأنه في لحظة الأزمات الخانقة وانهيار البلد تكون المسؤولية وطنية، ولا يمكن لأي فريق التنصل وإدارة الظهر. فالبلد على شفير الانهيار، والمطلوب اتخاذ خطوات انقاذية جريئة المسؤولية مشتركة، ومن غير المسموح تعطيل المؤسسات"، مشددة على "ضرورة التفتيش عن حلول لكل الأزمات ومن بينها قطاع النقل".