الديار
في بلد منهار ومتروك من قبل سلطة» سياسية مستنفرة على»خطوط تماس» وهمية لحماية مصالحها، ليس مستغربا ان ينتهي ما سمي بـ «يوم الغضب» الى ما انتهى اليه من مشهد «كاريكاتوري» على الرغم من احقية المطالب المعيشية المرفوعة كعنوان «للغضب» الخجول الذي لم يعم البلد. فقد انتهى نهار امس ولم يعرف اللبنانيون ماذا عن اليوم التالي؟ اتحاد النقل البرّي في لبنان، الذي لاقى دعم الاتحاد العمالي العام، المحسوبين سياسيا على رئيس مجلس النواب نبيه بري، المشارك «بقوة» في حكومة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، نفذا تحركا في الشارع اعتراضا على عدم الوفاء بوعوده السابقة، مع العلم انه يتحجج بغياب التمويل وعدم انعقاد جلسات الحكومة، المعطلة بسبب غياب «الثنائي الشيعي» المعترض على عدم معالجة ملف القاضي طارق البيطار... طبعا هكذا مشهد «سوريالي» لا يمكن ان يحصل الا في لبنان المتروك شعبه لفلتان اقتصادي ومالي قل نظيره حيث تغيب المعالجات والاجراءات الحكومية لوقف الانهيار وسط صراعات خفية تدور في السر والعلن بين اطراف سياسية تتحضر لانتخابات نيابية ورئاسية على وقع تجدد مخاوف خارجية عبرت عنها باريس من خطة ممنهجة يتواطأ عليها اكثر من طرف لاغراق البلاد بازمات اجتماعية تؤدي الى انفجار يبرر تاجيل الاستحقاق التشريعي كمقدمة لتطيير الانتخابات الرئاسية.!
«غضب» دون المستوى؟
فتحت شعار «يوم الغضب» كان التحرك دون المستوى المأمول، وتقطعت اوصال مختلف المناطق اللبنانية، بعدما قطع محتجون اغلبهم من اتحاد النقل البري الطرقات بالشّاحنات والسيارات والحجارة وحاويات النّفايات وإطارات السّيارات المشتعلة، فيما أغلقت جميع المؤسّسات الرسمية والجامعات والمدارس والمعاهد الرسمية والخاصّة والمصارف أبوابها. وقد مرت هذه «التنفيسة» باقل الاضرار الممكنة لكن دون اي نتائج عملية، فالوعود الحكومية لا تزال حبرا على ورق، ورئيس الحكومة يعلل عدم تنفيذ وعوده بغياب جلسات الحكومة، وكذلك غياب التمويل بعدما رفض البنك الدولي تغطية المبلغ الذي يصل الى نحو 6 مليار ليرة غير متوفرة في الخزينة او مصرف لبنان، اما طبع العملة الوطنية فغير ممكن لانه سيزيد التضخم.
تعطيل مقصود للتفاهم
في المقابل وان كان فريق رئيس مجلس النواب نبيه بري مدركا لصعوبة الاوضاع المالية الا انه يرى بان اعطاء هذا القطاع حقوقه ممكن جزئيا بعيدا عن الازمة الحكومية لكن رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة يضغطان عبر تعطيل التفاهم للضغط في ملف الحكومة. ولهذا انتقل تبادل «الرسائل» المضبوطة الى «الشارع» لتنفيس الاحتقان، ولم يجر تعليق الاضراب كما جرت العادة سابقا بعدما نفذت اربع دعوات من اصل سبعة، ولهذا تشير اوساط معنية بالملف، ان معاناة السائقين مستمرّة وعلى الرغم من احقية مطالبهم فان استخدام الاليات نفسها وتوظيفها في السياسة يضعف الحراك ويعرّيه من مضمونه، خصوصا ان عنوان «الغضب» المفترض تائه ودون عنوان جدي لمحاسبة المسؤولين عن الانهيار في كافة القطاعات وليس فقط قطاع النقل البري، ولكن سيبقى هذا الملف عنوانا لتبادل «الرسائل» السياسية. وللمفارقة انه تزامنا مع التحرك لامس سعر صفيحة البنزين الـ 400 الف ليرة!.
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا