كريم حسامي
هدف الانتخابات النيابية، لو حصلت، أخذ الاكثرية النيابية من أيدي "حزب الله" وحلفائه من اجل تغيير موازين القوة في البلد حتّى يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية يتبع الخطّ الآخر وتأليف حكومة.
ولا يعتقد أحدا ان القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا تضغط من اجل اجراء الانتخابات لانها تريد مصلحة الشعب بالتغيير، لكن لأنّها تريد بسط نفوذها بشكل اوسع في وجه النفوذ الايراني، فضلا عن افساح المجال لتوسيع سيطرتها على مراكز القرار ضمن الصراع الأميركي الإيراني.
على الرغم من ان عددا من اللبنانيين في لبنان وخارجه ينتظرون بشغف الانتخابات لتغيير ولو جزء بسيط من الواقع المزري، خصوصا اللبنانيين الذين هاجروا في السنتين الاخيرتين غير انه في الوقت نفسه يدرك قسم منهم ان الانتخابات لن تُغيّر اي أمر أو اقله لن تلحظ تغييرا ملموساً يمكن البناء عليه للفترة المقبلة.
لذلك، عندما يكون هدف الانتخابات العلني-الخفي نقل الاكثرية من طرف الى اخر، لا يمكن ان يتغير أي أمر فالطرفين (8 و14 آذار) سرقوا ونهبوا البلد تحت حجج مختلفة وواهية لعشرين عام، ما أدى الى افلاسه ونهب ثرواته وتدمير اقتصاده وهجرة أهله وأدمغته و"اللي يجرّب المجرّب عقله مخرّب".
انطلاقا من هذه النقطة، الاكيد ان الطرف السياسي الذي يواجه حزب الله يتهم هذا الاخير بانه لا يريد الانتخابات لانه قلق من خسارتها بعد كل ما حصل منذ 2016 وتحمليه مسؤولية الانهيار وهذا ما عبّر عنه عدد من مسؤوليه بطريقة غير مباشرة، في وقت ان السؤال هو: ماذا لو ربح الحزب الانتخابات وقلب الطاولة على الجميع؟ هل تنقلب الأية على الطرف السياسي الآخر الذي سيُشكّك بالانتخابات قبل حصولها بسبب نفوذ الحزب وسطوة سلاحه؟ وفي حال خسر الانتخابات، كيف سيعمل على المحافظة على سطوته في ظل الضغوط الشعبية والعقوبات الدولية؟
يجب عدم إغفال ان الاوضاع الاقتصادية والمعيشية المنهارة التي تجلب معها تعطل الادارات العامة كليا والخاصة جزئيا عن العمل كما يحصل مع المدارس والاسلاك العسكرية والامنية والمستشفيات وغيرها تجّر معها الاحداث الامنية يوما بعد يوم في ظل انهيار الاوضاع أكثر فأكثر، كل هذه الاجواء تترتب عليها عدم إجراء الانتخابات، فكيف الحال فيما نحن ذاهبون الى مكان أسوأ بكثير لا يمكن تخيّل اجراء انتخابات في ظله؟
يقول مصدر ديبلوماسي ان "اجراء الانتخابات من عدمه لن يؤثر على المشهد السياسي والاقتصادي والنقدي ولن يجلب معه الحلول الفورية وطويلة الأمد والانهيار سيستمر مهما كانت نتيجة الانتخابات".
واضاف ان "الفرق الوحيد هو انه سيكون هناك احتمال اكبر للوصول الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في حال حصول حلفاء أميركا على الاكثرية لكن حزب الله سيمنع الاتفاق من ابصار النور".
أخيراً وليس آخراً، إن حزب الله بات مرتاحا في الفترة الاخيرة من انه لن يخسر الاكثرية التي تنبثق من شعبه ومناصريه وسيعمل على تأمين بقية الأكثرية بمساعدة حلفائه لكي لا تختل موازين القوى ولهذا السبب أظهر للمجتمع الغربي انه ليس الطرف الذي يعرقل الانتخابات عبر السماح لوزير الداخلية بتحديد موعد الانتخابات في ايار وامضاء رئيس الجمهورية والحكومة عليه الى جانب تشكيل الهيئة الناخبة، ما يدل على ان الحزب يربح بالنقاط في وجه خصومه.