جويل رياشي
مع بداية سنة جديدة، لابد من «جردة اقتصادية» لسنة 2021 الكارثية على لبنان، حيث تدهورت قيمة الليرة اللبنانية تجاه الدولار الاميركي بشكل غير مسبوق، وحيث ادت الاخفاقات والتجاذبات السياسية إلى عدم تنفيذ اي اصلاح اقتصادي لإنقاذ البلد من ازمة وصفها البنك الدولي بأنها واحدة من أكبر الازمات عالميا.
رئيس الاتحاد الدولي لرجال وسيدات الاعمال اللبنانيين MIDEL وعميد كلية ادارة الاعمال في جامعة القديس يوسف د.فؤاد زمكحل عرض الحصاد الاقتصادي للسنة الفائتة وللقرارات الانقاذية التي كان بإمكانها ان تحدث فرقا في حوار مع «الأنباء»، جاء فيه:
كيف تلخص سنة 2021 اقتصاديا على لبنان؟
٭ هي سنة الذل للمواطنين والشركات والاقتصاد. في 2021، عدنا 30 سنة إلى الوراء: وقف اللبنانيون يتسولون البنزين والمازوت والادوية والاستشفاء، هي سنة الذل والتدهور الاقتصادي والاجتماعي الذي بدأ قبل 2021، ولكنه تفاقم في الـ 2021، مع الاشارة إلى ان الذين كانوا سبب هذه الازمة الاقتصادية الاجتماعية تصرفوا بطريقة اسوأ في ادارة هذه الازمة. عشنا الانهيار التام دون اي قرار أو اصلاح اتخذ في 2021، يعني ان الانهيار كان يحصل ولم تواجهه اي جهة رسمية. لم يكن هناك سوى المواجهة الشريفة من الشعب والشركات الذين حاولوا المقاومة قدر الامكان، ولكن الانهيار كان تاما. سنة 2021 كانت أيضا سنة انهيار القضاء والهجوم الممنهج والمبرمج عليه، وكلنا نعلم انه من دون قضاء تذهب كل الاستثمارات. وكانت سنة الهجوم المبرمج على كل القطاعات الانتاجية (صناعة، تجارة، سياحة، تكنولوجيا..)، وسنة عزل لبنان عن محيطه الاقليمي والدولي، ما يجعلنا نقول انها كانت سنة سوداء على اقتصاد لبنان باختصار.
كيف يمكن تفسير التعاميم المتتالية والمتباينة التي اصدرها مصرف لبنان في 2021، وهل تعكس تخبطا وغيابا لاستراتيجية واضحة؟
٭ في موضوع التعاميم، الازمة التي وصفناها بالكارثية لا يمكن مواجهتها بقرارات عشوائية أو تعاميم مهما كانت، وهنا لابد من الإشارة إلى ان كل القرارات التي تم التباحث بها في 2020 و2021 لم يطبق اي واحد منها من قانون الكابيتال كونترول مرورا بالبطاقة التمويلية التي تحولت اليوم بطاقة انتخابية ولم نر شيئا منها بعد، وصولا إلى التدقيق الجنائي. التعاميم العشوائية أيضا لا تفيد بشيء، بل هي تفاقم الازمة. نحن بحاجة إلى خطة واضحة على المدى القصير، والمتوسط والطويل.
ما القرارات الانقاذية التي كان بالإمكان اتخاذها لوقف الانهيار؟
٭ صعب جدا تحديد القرارات هكذا ببساطة، لأن الازمة كبيرة ومتشعبة ومعقدة، ولكنني سألخص الموضوع بثلاثة عناوين عريضة من دونها لا يمكن الحديث عن انقاذ.
ـ القرار الاول: توحيد سعر صرف الليرة. لا يمكننا ان نبقى غارقين في متاهات 7 أو 8 اسعار صرف وتحت رحمة السوق السوداء التي لا نعرف من يتلاعب بها محليا، واقليميا ودوليا.
ـ القرار الثاني: بما ان مؤسسات الدولة منهارة ولا يمكننا الوثوق بالخصخصة في الاجواء التي نعيشها، بالإمكان الاستعانة بشركات BOT تتسلم الدوائر الرسمية لبضعة سنوات ثم تعيدها للدولة اللبنانية بعد تحسين الخدمات.
ـ القرار الثالث: شئنا أم أبينا، لا يمكننا مواجهة الازمة والخروج منها من دون برنامج مفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي نعرف متطلباته غير السهلة، ولكن رأينا أيضا المردود الايجابي له وأكبر مثال على ذلك ما حصل في مصر التي كانت في انهيار تام ولديها ازمة سيولة وقد نفذت برنامجا واضحا مع صندوق النقد الدولي.
سنة 2022.. هل انت متفائل، هل ثمة آفاق لحلول ناجعة؟
٭ سنة 2022 هي سنة التحديات ووجوب اتخاذ القرارات، وهي أيضا سنة الاستحقاقات (انتخابات برلمانية، انتخابات رئاسية، انتخابات بلدية نأمل ان توصلنا إلى لامركزية إدارية). هي إذن سنة مصيرية نحو الافضل أو الاسوأ، وهذا يتوقف على ادراكها ومواجهتها. انا، كرجل اعمال، لا اتفاءل ولا أتشاءم، بل اواجه الامور بواقعية. من هنا، ادعو إلى مواجهة الازمة وليس الهروب منها.
هل بإمكان النظام المصرفي استعادة عافيته يوما ما واستعادة ثقة المودعين؟
٭ لا شك ان الضربة القاضية تلقاها القطاع المصرفي والمالي والنقدي. ولا شك أيضا ان المسؤولية مشتركة وهي تقع بالدرجة الاولى والاكبر على الدولة اللبنانية التي اخذت الأموال وصرفتها، بل أهدرتها. والمسؤولية تقع أيضا على المصارف التي وظفت الاموال في الدولة اللبنانية (وهناك نظريات تقول انه لم يكن لديها الخيار). وهناك أيضا مسؤولية على المودعين الذين وضعوا كل مدخراتهم وثقتهم في المصارف اللبنانية. لا شك ان الثقة تتطلب وقتا، ويجب اولا ان تدخل العملة الصعبة إلى جيوب اللبنانيين والمصارف اللبنانية وقطاع التجارة، لأنه بلا عملة صعبة ستبقى السوق مجمدة. على كل مصرفي ان يستعيد ثقة مودعيه رويدا رويدا لاعادة بناء القطاع المصرفي بطريقة مختلفة من خلال اندماج داخلي واقليمي ودولي يضخ السيولة فيه ويعيد رسملته.